تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا ظاهر للعيان في (مزدلفة) التي يجتمع الحجيج فيها في وقت واحد، وهي بقعة محدودة قد لا تتجاوز (12000) متر مربع.

ولعل من الحكم العظيمة ـ التي فاتت البعض ـ تنوع الأنساك الثلاثة تيسيرًا على كثير من الناس، فإنها تختلف عن بعضها في بعض الأعمال التي يؤديها الحاج.

وقد يقول البعض إن الهدف من الفتوى بذلك تمكين الأجهزة الحكومية وغيرها من تقديم أفضل الخدمات للحجاج.

ونحن نقول من الممكن تحقيق ذلك بأمور، منها:

1 ـ التوعية السليمة للحجاج في تجنب أماكن الزحام قدر عند التصعيد، ونفرة الحجيج إلى مزدلفة، وعند رمي الجمار، وعند التعجل وطواف الوداع.

2 ـ بيان أن الحج بنسك الإفراد أيسر وأولى في حق من كان متيسرًا له التردد إلى مكة في السنة مراراً كما أفتى بهذا بعض العلماء.

3 ـ عدم التشديد على الناس في اتباع كثير من السنن التي يجلب محاولة الإتيان بها العنت والمشقة، مثل:

طواف القدوم، واشتراط رمي جمرة العقبة بعد طلوع الشمس لمن تعجل لعذر، رمي الجمار بعد الزوال، الإتيان بطواف الإفاضة يوم النحر،، سلوك الطرق التي سلكها النبي (صلى الله عليه وسلم) في ذهابه وإيابه إلى عرفات، فإن محاولة الإتيان بالأفضل في مثل هذه الأعمال يؤدي إلى تكدس الناس والزحام الشديد، مما يجعل المرء يرتكب من الأذى الشيء الكثير في حق نفسه وفي حق وفي حق إخوانه المسلمين.

وبعض تلك السنن لا يُشترط الإتيان بها في وقتها الأفضل لما في ذلك من العنت.

ثم إن تطلب المشقة في الإتيان بالحج غير مشروع لما رواه أنس (رضي الله عنه): أن النبي (صلى الله عليه وسلم) رأى رجلاً يهادى بين ابنيه، فقال: "ما بال هذا؟ " قالوا: نذر أن يحج ماشيًا. قال: "مروه فليركب فإن الله غني عن تعذيب هذا نفسه". رواه البخاري ومسلم.

وما رواه (أيضًا) أنس (رضي الله عنه) قال: رأى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رجلاً يسوق بدنة، فقال: "اركبها" فقال: إنها بدنة، قال: "اركبها وإن كانت بدنة". رواه مسلم.

وعن عائشة (رضي الله عنها) قالت: ما خير رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثمًا". رواه البخاري ومسلم.

فالذي يتوجب على الدعاة والوعاظ ورجال الحسبة حث الناس على عدم التكلف في الحج، وتتبع المشاق، وعليهم الأخذ بالأيسر فالأيسر.

أعود فأقول: لا مانع من بيان أن من ترك الحج لأجل التخفيف على إخوانه المسلمين مأجور لقوله صلى الله عليه وسلم: "الأعمال بالنية". رواه البخاري.

لكن لا يقال: إن هذا أفضل من الحج (!!). ولا يُستحب ترك العمرة أو الحج إلى بيت الله الحرام للقادر ماليًا وبدنيًا أكثر من خمسة أعوام لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: " قال الله (عز وجل): إن عبدًا أصححت له جسمه، وأوسعت عليه في الرزق، لا يفد إلي في كل خمسة أعوام لمحروم". رواه أبو يعلى، وابن حبان في (صحيحه)، ولبيهقي، وصححه الألباني في الصحيحة (4/ 1662).

وقفة:

قال الحسن بن عمران بن عيينة، حججت مع عمي سفيان آخر حجة حجها سنة سبع وتسعين ومئة، فلما كنا بجمع وصلى واستلقى على فراشه، ثم قال: قد وافيت هذا الموضع سبعين مرة، أقول في كل سنة: اللهم لا تجعله آخر العهد من هذا المكان، وإني قد استحييت من الله من كثرة ما أسأله ذلك. فرجع فتوفي في السنة الداخلة.

اهـ. المقالة.

وإلى لقاء قادم في الحلقة الرابعة (بإذن الله تعالى).

ـ[يحيى العدل]ــــــــ[13 - 02 - 03, 12:17 ص]ـ

هذا وقد كان ابتداء عملي فيه في شهر مُحرم، من عام (1421هـ)، وبعد انتهائي منه بمدة ليست بالقصيرة، بقي بعدها حبيس أدراج مكتبتي، وذات ليلة من الليالي رأيت في المنام فضيلة الشيخ الألباني (رحمه اللَّه) جالسًا على كرسي يلبس بياضًا، لابسًا كُوفيَّةً، فسارعتُ إليه بالصَّحيحة، وعرضت عليه الحديث، ثم أريته بحثي حول هذا الحديث، فقال لي: جيد.

ولم أره قبلها يقظةً ولا منامًا؛ لكن كنت قد رأيت صورةً له، فعرفته حين أُريته في المنام.

فنشِطتُ من أجل هذه الرُّؤيا في إبرازه، واللَّه المسؤل أن يتقبله مني، وأن يغفر لي ما قد يكون فيه من وهم وخطل، وأن يُثيب الشيخ الألباني على ما أدَّاهُ إليه اجتهادهُ، واللَّه أعلم، وهو حسبي ونعم الوكيل.

هذا وقد كان تناولي له في مقدمة، وستة أبواب، وخاتمة:

المقدمة: في بيان موضوع هذا الجزء وسبب تأليفه.

الباب الأول: في سياق روايات الحديث واختلاف ألفاظه.

الباب الثاني: في سرد أقوال المُصحِّحين والمُضعِّفين والمتوقفين.

الباب الثالث: في ذكر علل حديث أبي سعيد الخُدري.

الباب الرابع: في ذكر علل حديث أبي هريرة.

الباب الخامس: في ذكر علل حديث خبَّاب بن الأرت.

الباب السادس: في سياق اختلاف الفقهاء في الاستدلال بالحديث.

الخاتمة: وفيها نتيجة البحث.

وإلى لقاء قادم في الحلقة الخامسة بإذن الله (تعالى).

وكتب / محبكم يحيى العدل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير