الجواب: على ذلك لا. بل اعتقد أن هذا التفريق هو مما يدخل في عموم قوله عليه الصلاة والسلام: " ... كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار " ولست أعني أنا بدعة مجرد أنه أمرٌ حادث؛ لأن هذا المعنى المحدد ليس هو المقصود من هذا الحديث وأمثاله، وإنما المقصود المحدثة التي يتقرب بها المُحْدِث إلى الله تبارك وتعالى، فمن هذه الحيثية هذه بدعة ضلالة، وليس هذا فقط بل هم أشبه ما يكونون بالذين يتقربون إلى الله بما حرم الله، كالذين يتقربون بالصلاة عند قبور الأولياء والصالحين والأنبياء، فهذه بلا شك ـ يعني معصية ـ فهي معصية، لكن التقرب بالمعصية إلى الله بدعة،
هم حينما يفرقون بين علماء الحديث المتقدمين وعلماء الحديث المتأخرين أحدثوا شيئاً لا يعرفه أهل الحديث إطلاقاً، ولو أنهم وقفوا عند هذا الإحداث فقط لربما كان الخطب سهلاً، لكنهم أضافوا إلى ذلك أنهم يتقربون بهذا الإحداث إلى الله ثم زادوا كما يقال ـ في الطين بله ـ أنهم يخربون السنة ويقضون عليها بمثل هذا التفريق، ثم مما لا شك فيه أن هذا التقسيم مجرد خاطرة خطرة في بال أحدهم وهو الذي سن هذه السنة السيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى ما شاء الله، ولعله يقضى عليها قريباً بإذن الله تبارك وتعالى.
فالمقصود أن هذا التقسيم لا سبيل إلى وضع حدود له، فمن هم علماء الحديث القدامى؟ ومن هم المحدثون؟ منهم من بعدهم ...
قال مبارك: أخي الكريم لم تحدد لنا الجامعة التي وجدت الكثير فيها يخالفون الشيخ في أكثر أصوله!!
أهي الجامعة الإسلامية بالمدينة ـ شرفها الله وحرسها ـ؟
أما هي جامعة أم القرى بمكة ـ شرفها الله وحرسها ـ؟
أما هي جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية؟
أما هي جامعة الملك سعود؟
أعلم أن الأصول التي يبني عليها شيخنا مرئياته وأحكامه على الأحاديث تصحيحاً وتضعيفاً أكتسبها من طول الممارسة فالذي ظل خمسين أو ستين سنة وهو يشتغل في علم الحديث اختلط بشحمه ولحمه حتى صارت له ملكة أو ما تسمى باسم آخر (فقه النفس) فإن هذا يخلق به المرء تارة , وينال بالاكتساب تارة أخرى.
فقه النفس هو: أن تضع الشيء في موضعه.
وفيما يتعلق بفقه النفس الذي عند الشيخ فهو مكتسب بالتجربة العملية بعد الدراسة النظرية، وهذا خلاف غيره لا سيما دكاترة الجامعة ـ إلا من رحم الله ـ دراستهم هي دراسة نظرية لذا تجدهم لا يخرجون عن الكتاب المقرر عندهم حتى أنك تجد بعض الطلبة الأقوياء الأذكياء قد يحرجون الدكاترة فعندما يذكر الدكتور مثال على الحديث المقلوب تجد التلميذ يأتي بالحجج والبراهين الدامغة التي تثبت أن هذا الحديث ليس مقلوباً بل هو صحيح. لكن لو كانت دراسته عملية من خلالها تمر عليه أمثلة كثيرة فكلما تعقبه التلميذ جاء له بمثال ثاني وثالث ورابع حتى يقتنع عن علم لا عن جهل وتقليد.
وعلم مصطلح الحديث ليس علم جامد كالرياضيات (1+1=2) أو كبعض قواعد النحو أو الفيزياء أو الكيمياء وغيره بل هو يتجدد بطول الزمن العلمي ويكتسب من خلال هذه الملازمة الطويلة المديدة سعة الفهم، وقوة الإدراك، والنظرة الصائبة، والتمييز، والذوق الرفيع، وعدم الاستعجال، والرسوخ في هذا الفن مع إحاطة شاملة لخفاياه كبيرها وصغيرها .. الخ
وهذا القدر لا يبلغه إلا المحدث الذي قضى آناء الليل وأطراف النهار في تحقيق مسائل علم الحديث، وتحرير فنونه، والتفتيش عن علله.
ومن نظر في سلسلتي شيخنا: " الصحيحة " و " الضعيفة " و " إرواء الغليل " و " صحيح أبي داود " و " ضعيفه " و " غاية المرام " و " تخريج أحاديث مشكلة الفقر " وجد الأمثلة قائمة، والشواهد شاخصة.
هؤلاء الدكاترة أغلبهم يطبقون ما هو موجود في بطون كتب المصطلح وخفي عليهم أن الدرس العملي غير الدرس النظري فقد توجد قرينة تمنع من تطبيق القاعدة الموجودة في كتب المصطلح إذاً الدرس العملي يحتاج إلى جمع الطرق؛ لأن زمن الحفظ ولى، فنحن الآن نجمع الطرق من الكتب كما جمعه السلف الأوائل من فم الشيوخ هو نفس العمل.
يعني: بتسهر ليل نهار وراء طريق، فهذا المجهود الذي يبذله المحدثون كشيخ الألباني وغيره مجهود خطير جداً، لا يقدره إلا من عنى هذه الصناعة.
¥