(قال): وبهذا الطريق يعلم صدق عامة ما تتعدد جهاته المختلفة على هذا الوجه من المنقولات، وإن لم يكن أحدهما كافياً؛ إما لإرساله؛ وإما لضعف ناقله ".
(قال): " وهذا الأصل ينبغي أن يعرف؛ فإنه أصل نافع في الجزم بكثير من المنقولات في الحديث والتفسير والمغازي، وما ينقل من أقوال الناس وأفعالهم وغير ذلك.
ولهذا إذا روي الحديث الذي يتأتى فيه ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجهين؛ مع العلم بأن أحدهما لم يأخذه عن الآخر؛ جزم بأنه حق؛ لا سيما إذا عُلم أن نقلته ليسوا ممن يتعمد الكذب، وإنما يخاف على أحدهما النسيان والغلط ".
وذكر نحو هذا المقطع الأخير من كلامه رحمه الله الحافظ العلائي في " جامع التحصيل " (ص41) وزاد:
" انضمام أحدهما إلى الآخر يقوي الظن أن له أصلاً وأن كان كل منهما لا يفيد ذلك بمجرده، وهذا كما قيل في الحديث الضعيف الذي ضعفه من جهة قلة حفظ راويه، وكثرة غلطه، لا من جهة اتهامه بالكذب، إذا روي مثله بسند آخر، نظير هذا السند في الرواة، فإنه يرتقي بمجموعهما إلى درجة الحسن؛ لأنه يزول عنه حينئذ ما يخاف من سوء حفظ الرواة، ويعتضد كل منهما بالآخر ".
وذكر نحوه ـ أيضاً ـ ابن الصلاح في " مقدمته " (1/ 134ـ135 ـ الباعث) ولِنفاسته أنقله بنصه:
" ولا يلزم من ورود الحديث من طرق متعددة ... أن يكون حسناً، لأن الضعف يتفاوت، فمنه ما لا يزول بالمتابعات ـ يعني لا يؤثر كونه تابعاً ولا متبوعاً؛ كرواية الكذابين أو المتروكين ونحوهم ـ ومنه ضعفٌ يزول بالمتابعة، كما إذا كان راويه سيءَ الحفظ، أو رُوي الحديث مرسلاً، فإن المتابعة تنفع حينئذٍ، وترفعُ الحديثَ عن حضيض الضعفِ إلى أوْج الحسن أو الصحة ".
ثم قال ابن تيمية رحمه الله تعالى (13/ 352):
" وفي مثل هذا ينتفع برواية المجهول والسيء الحفظ، وبالحديث المرسل، ونحو ذلك، ولهذا كان أهل العلم يكتبون مثل هذه الأحاديث، ويقولون: إنه يصلح للشواهد والاعتبار ما لا يصلح لغيره ... ".
ثم ذكر قول أحمد المتقدم: " قد أكتب حديث الرجل لأعتبره ".
قال شيخنا الإمام الألباني عند تعرضه للحديث الحسن لغيره في بحث أودعه كتابه المستطاب " تحريم آلات الطرب " (73) بعدما نقل جل ما تقدم فقال ـ وما أجمل ما قال ـ: " قلت: ومما سبق يتبين لطالب العلم فائدة من فوائد رواية الحفاظ المتقدمين الأحاديث بالأسانيد، وفيها ما إسناده ضعيف، ثم سجلوها في كتبهم وهي أنها مرجعٌ أساسيٌ للاعتبار، وتتبع المتابعات والشواهد المقوية لبعضها ... ".
· قال أبو عبدالرحمن: أمثل الطرق في حديث الباب هي:
_ ما أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (8/ 174) رقم (7649)
من طريق الأحوص بن حكيم، حدثنا أبو عامر الألهاني، عن أبي أمامة، وعتبة بن عبد مرفوعاً.
ورواه الأحوص ـ أيضاً ـ (8/ 180 ـ 181) رقم (7663) من طريقٍ أخرى عن أبي أمامة، من طريق الأحوص ـ أيضاً ـ ولم يذكر عتبة بن عبد.
والأحوص ضعيف من قبل حفظه، يعتبر به إذا روى عنه ثقة.
ـ وأخرج الطبراني في " الكبير " (8/ 209) رقم (7741) وفي
" مسند الشاميين " (2/ 42) رقم (885): حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، حدثنا المغيرة بن عبدالرحمن الحراني، حدثنا عثمان بن عبدالرحمن، عن موسى بن علي، عن يحيى بن الحارث، عن القاسم، عن أبي أمامة مرفوعاً.
قال المنذري والهيثمي: " إسناده جيد ". قلت: وهو كما قال إن كان موسى بن علي هو اللخمي.
ـ أخرج الترمذي (586) من طريق أبي ظلال عن أنس بن مالك مرفوعاً.
قال الترمذي: هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ
قال ـ أي الترمذي ـ: وسألت محمد بن إسماعيل عن أبي ظلال؟ فقال: هو مقارب الحديث. قلت: قال عنه الحافظ في " نتائج الأفكار" (2/ 318): ضعفوه، ولم أرى فيه أحسن مما نقل الترمذي عن البخاري أنه سأل عنه؟ فقال: مقارب الحديث.
وأبو ظلال اسمه: هلال، ضعيف الحديث، يُعتبر به ولا يُطرح.
_ أخرج أبو نعيم في " الحلية " (7/ 237) من طريق سلْم بن المغيرة، حدثنا أبو معاوية الضرير، عن مسعر، عن خالد بن معدان، عن ابن عمر.
قال أبو نعيم: تفرد به سلْم عن أبي معاوية.
قلت: وسلْم ذا قال فيه الدارقطني: ليس بالقوي.
وقال الذهبي في " الميزان ": ضعفه الدارقطني.
¥