أما القول: وتجنب حديثه أصحاب الصحيح. أقول: هذا لا يضر أبداً، فكم من حديث صحيح صححه أهل العلم وهو خارج الصحيح، بل كم من حديث صححه البخاري أو حسنه وهو خارج الصحيح.
· الخلاصة: أن سعيد بن أبي هلال ثقة وكذا معاذ فإذا كان الأمر كذلك فلا يرد من حديثهما إلا ما قام الدليل على رده. وهيهات هيهات هاهنا.
· وإن كانت الحالة الغالبة لهديه صلى الله عليه وسلم الإطالة لصلاة الفجر غير أنه جاء عن عمرو بن حريث أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الفجر والليل إذا عسعس. يعني سورة التكوير (مسلم 4/ 178ـ نووي).
قلت: فهذا وغيره يدل على جواز التقصير
· أما عن تكرار السورة في الركعتين فهذا لا ينكر بعد ثبوته عنه صلى الله عليه وسلم، وهذه سنة نبوية كريمة تُفعل أحياناً لا على الدوام، لأنه من المعلوم بداهة أنه إذا ثبت الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان صريح الدلالة كهذا، وجبت المبادرة إلى العمل به، لأن الأمر كما قال الإمام الكبير الشافعي ـ رحمه الله ـ:
" يقبل الخبر في الوقت الذي يثبت فيه، وإن لم يمض عمل من الأئمة بمثل الخبر الذي قبلوا، إن حديث رسول الله يثبت بنفسه، لا بعمل غيره بعده ".
بالنسبة لتفرد الثقة فلا يضر وأشهر مثال على ذلك حديث " إنما الأعمال بالنيات ... " لِما لم ينقل إلينا بسند صحيح إلا عن طريق عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأين بقية الصحابة عنه، ولِما تفرد به علقمة بن وقاص عن سائر طبقته من التابعين، ولِما تفرد به محمد بن إبراهيم التيمي، فأين أصحاب علقمة عن مثل هذا الحديث، ولِما تفرد به يحيى بن سعيد الأنصاري، فأين أصحاب التيمي عن مثل هذا الحديث.
· التفرد بحد ذاته ليس علة في الخبر إنما قد" يستنكر الأئمة المحققون المتن، وكان ظاهر السند الصحة، فإنهم يتطلبون له علة، فإذا لم يجدوا علة قادحة مطلقاً، حيث وقعت، أعلوه بعلةٍ ليست بقادحةٍ مطلقاً، ولكنهم يرونها كافية للقدح في ذلك المنكر " (1). قلت: وحديث الباب ليست فيه أي نكارة حتى نلجأ إلا إعلاله بما ليس علة.
· أما دعوى أن معاذ أخطأ فيه ... أقول: معاذ ثقة فمن ادعى عليه أنه أخطأ فعليه البرهان بذلك ولا سبيل له إليه ـ اعني من خلال المعطيات التي ساقها لنا الأخ المفضال حفيد ابن رجب ـ
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[17 - 04 - 03, 01:14 ص]ـ
الأخ مبارك أشكرك على هذا النفس المتزن في البحث والدفاع عن هذا الحديث لما رأيت أنه صحيحا لا حرمك الله الأجر. ثم أقول دلني الله وأياك إلى الصواب ورزقنا العمل به:
1 - التكوير قد ذكرتُ أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بها والحديث في مسلم لكن هي على الغالب الذي ذكرت فهي من طوال المفصل، وهي أيضا 29 آية وفي الصحيحين من حديث أبي برزة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الفجر ما بين الستين إلى المئة فـ 29 آية في الركعة لا تخالف الأصل المذكور.
2 - حديث الأعمال بالنيات رواته أعلى من هولاء بدرجات فهم ثقات أثبات، وقد تلقته الأمة بالقبول وأجمع العلماء على صحته، ولم يقع فيه اختلاف كهذا (روي متصلا ومرسلا).
3 - الكلام الذي سقته في ابن أبي هلال لا أريد منه تضعيف الرجل لكن أريد أن أبين أنه ليس بالثقة الحافظ بل إن فيه بعض الكلام الذي ينزله عن درجة الإتقان.
4 - قولي وتجنب إخراج حديثه أصحاب الصحيح قصدي به أنه لم يخرجوا لمعاذ شيئا فهو ليس من رجال الصحيح وهذا لأنه فيه .. ! وليس قصدي أنهم تجنبوا هذا الحديث بعينه وهذا ظاهر لأني ذكرته في أثناء الكلام على ثويقه وعدمه.
5 - يبقى التفرد من مثل هولاء في مثل هذه السنن الظاهرة التي تتوافر الهمم على نقلها لغرابتها من جهتين: القصر والتكرار ووجود الاختلاف قادحا في ثبوته في نظري والله أعلم بالصواب، ولعلنا في ما يستقبل من الأيام نجد في هذا الحديث كلاما لأحد النقاد المتقدمين ما يروي به الغليل ويشفي به العليل.
ـ[خالد الشايع]ــــــــ[29 - 04 - 03, 09:46 ص]ـ
أخي الكريم كنت ذكرت عن الشيخ العلوان أنه
يقوي الحديث، ويظهر أني وهمت أو فهمت خطأ والصواب أن الشيخ
يميل إلي ضعف الحديث، قال ولهذا أورده أبو داود في المراسيل.
فليصحح ما مضى.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[30 - 04 - 03, 02:16 ص]ـ
الأخ خالد الشايع بارك الله فيك شكرا على هذا النقل الجديد
ـ[الحمادي]ــــــــ[30 - 04 - 03, 03:29 ص]ـ
بغضِّ النظر عن الحكم الفقهي ..
في نظري أن إعلال رواية سعيد بن أبي هلال التي عند أبي داود في السنن برواية سعد بن سعيد التي في المراسيل إعلالٌ مجانبٌ للصواب
مخالفٌ لقواعد التعليل عند المتقدمين والمتأخرين.
أنا أعلم أن سعيد بن أبي هلال قد تُكلم فيه، وهناك كلامٌ فيه لأبي زرعة وغيره لم يذكره الإخوة.
وأما الطعن في رواية سعيد بن أبي هلال لأجل رواية سعد فلا يمكن بحال.
كيف نَحمِل الخطأ على سعيد أو معاذ بن عبدالله بن خبيب وهما أقوى حالاً بالاتفاق من سعد بن سعيد؟!
لماذا لانقول: سعد هو الذي أخطأ، لأنه أدناهم حفظاً؟
كما أني لاأرى صحة تعليل الحديث بتفرد سعيد أو معاذ به، وذلك أن الحديث فيه حكاية حادثة وقعت مرةً واحدة، ولم يقل:
(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم) أو نحوه مما يدل على التكرار
بحيث يبعد تفرد أمثالهما به.
هذا رأيي.
وقد كنتُ سمعتُ من الشيخ المحدث الجليل عبدالله السعد حفظه الله قبل سنوات تشككه من صحة هذا الحديث. وأذكر أنه كان يقول:
أخشى أن هذا الحديث وهم، وأن الصواب قراءة المعوذتين في الفجر وليس قراءة الزلزلة.أ. هـ بمعناه.
وأقول / هذه قضيةٌ أخرى تحتاج إلى تتبع طرق الحديثين ثم النظر في هذه العلة المحتملة التي أشار إليها الشيخ حفظه الله تعالى ورعاه
وهل هناك علاقةٌ بين الحديثين أو لا؟
¥