تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

اعتمد المصنف على آية {والراسخون في العلم .. } وتفسيرها يوضح معناها، والمصنف قصد بالمشكل هو المتشابه بالآية.

والمتشابه المقصود به في الآية: ما استأثر اللَّه تعالى بعلمه، ومنه الكيفية في صفات اللَّه، فمعرفة الكيفية في صفات اللَّه هو من المتشابه.

ومن الأدلة على أن المقصود بالمتشابه هو ما استأثر اللَّه بعلمه ما يلي:

1 - قراءة ابن مسعود رضى الله عنه توضح ذلك، فقد ذكر ابن أبي داود في كتابه المصاحف ص67 ذكر بسنده إلى الأعمش قال: حدثنا أبو عبد اللَّه محمد بن يحيى، حدثنا خلاد بن خالد بن يزيد عن الحسين الجعفي، قال سمعت زائدة يسأل الأعمش، فقال الأعمش في قراءتنا كذا وكذا، ثم ذكر آيات في سورة البقرة يقرأ بها عبد اللَّه بن مسعود، ثم ذكر آيات من سورة آل عمران يقرأ بها ابن مسعود، قال: وفي قراءة عبد اللَّه إن حقيقة تأويله إلا عند اللَّه.

وقال صاحب كتاب القراءات وأثرها في التفسير وهو محمد بازمول قال في الحاشية: وإسناده حسن.

وهذه القراءة تبين معنى المتشابه وأن المقصود به حقيقة التأويل وما يعلم حقيقة المتشابه إلا اللَّه، مثل حقيقة كيفية الآخرة وقيام الساعة، ومنه حقيقة وكيفية الصفات

2 - أن معنى التأويل في القرآن يقصد به حقيقة الشيء فقوله ما يعلم تأويله إلا اللَّه أي حقيقته.

ولفظ القرآن بالتأويل يقصد به الحقيقة. قال الشنقيطي: " والحقيقة هو الاحتمال الغالب في القرآن ". قال تعالى: {هذا تأويل رؤياي من قبل} ()، وقوله تعالى: {هل ينظرون إلا تأويله} ()، أي حقيقته، وقوله: {هل ينظرون إلا تأويله}، وقوله: {ولما يأتهم تأويله} ().

وأحسن التفسير أن يفسر القرآن بالقرآن، فيكون معنى {وما يعلم تأويله} أي حقيقته.

3 - أن جمهور السلف اختاروا الوقوف على لفظة " إلا اللَّه " ثم يكملون "والراسخون في العلم ... ". فإذا كان الوقف على هذا أصبح التأويل لا يعلمه إلا اللَّه، وأما الراسخون فيؤمنون بالمتشابه. وذكر الشنقيطي أن هذا مذهب الجمهور ()، وذكر ابن جرير في تفسيره للآية أن هذا قول مالك.

4 - أن ابن قدامة تكلم عن هذه الآية في روضة الناظر واختار هناك أن المقصود بالمتشابه في آية آل عمران هو ما استأثر اللَّه تعالى بعلمه، واختار أيضاً الوقف على قوله (إلا اللَّه). وقال لأن اللَّه ذم مبتغي التأويل ولو كان ذلك للراسخين معلوماً لكان مبتغيه ممدوحاً لا مذموماً. ولأن قوله "آمنا به" يدل على نوع من التفويض والتسليم لشيء لم يقفوا على معناه، فكلامه يفسر بعضه بعضاً ويحمل بعض كلامه على بعض.

5 - أنه اختيار ابن جرير إمام المفسرين، الوقف على " إلا اللَّه " وأن المتشابه بالآية ما استاثر اللَّه بعلمه مما لم يكن لأحد علمه.

ومن هذه الأدلة الخمسة يتضح أن قصد المؤلف من قوله (وما أشكل ذلك) أن المقصود الكيفية، كيفية الصفات.

وقوله (وجب إثباته لفظاً) هو معنى قول السلف أمروها كما جاءت.

ومعنى (ترك التعرض لمعناه) أي ترك التعرض لحقيقة الصفة من حيث الكيفية. وعلى ذلك يكون المصنف استخدم أسلوبا كان معهوداً عندهم، وهو أنهم إذا أرادوا عدم التعرض للكيفية قالوا: ولا نتعرض لمعناه، يقصدون به عدم التعرض للكيفية أو للمعنى الباطل.

ومثل ذلك قول الإمام أحمد الذي ذكره المصنف قال: (نؤمن بها ونصدق بها لا كيف ولا معنى) ويقصد بقول ولا معنى في كلام أحمد: أي المعنى الباطل وهو التأويل في اصطلاح المتأخرين، وهو صرف اللفظ عن معنى راجح إلى معنى مرجوح، ومما يدل على ذلك ما نقله الذهبي في سير أعلام النبلاء لما ترجم للخطيب البغدادي ذكر عقيدة الخطيب الموافقة لمذهب السلف إلى أن قال: " كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل ... إلى أن قال: فإذا قلنا: إن للَّه يد وسمع وبصر، فإنما هي صفات أثبتها اللَّه لنفسه، فلا نقول أن معنى اليد القدرة ولا نقول السمع والبصر العلم. والشاهد قوله ولا نقول أن معنى اليد القدرة، فجعل تسمية اليد بالقدرة معنى، فأصبح باصطلاحهم إذا نفوا المعنى في صفات اللَّه يكون المقصود به شيئان

1 - نفي الكيفية أي لا تكييف.

2 - نفي المعنى الباطل وهو التأويل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير