ومن قال إن اليد هي القدرة فقد جعل لها معنى. هذا إذا أطلقت كلمة معنى. أما إذا قال: " لا كيفية ولا معنى " فجمع بين المعنى والكيفية كما فعل الإمام أحمد فيحمل المعنى على التأويل الباطل.
وبذلك نكون قد انتصرنا لقول المؤلف وأنه كلام سليم على اصطلاحهم وأنه موجود في كلام السلف نفي المعنى بل موجود في كلام السلف نفي التفسير فيقولون ولا نفسرها. كما نقل الذهبي في سير أعلام النبلاء عن أبي عبيد القاسم بن سلام قال أبو عبيد: وقال عبد العزيز الماجشون في رسالته في الرد على الجهمية ونقلها ابن تيمية في الحموية، قال في المقدمة بعدما حمد اللَّه وأثناء عليه قال: وكلّت الألسن عن تفسير صفته، فمعنى نفي التفسير في كلام السلف أي نفي الكيفية أو التأويل الباطل مثل كلمة نفي المعنى.
ومثله أسلوب درج عليه السلف في آيات الصفات أمِرّوها كما جاءت، أي لا تكيفوا ولا تذكروا معنى باطل. لكن إذا مرت هذه العبارات في كلام السلف فالأولى أن نوضح معناها ونفسره كما هو اعتقاد السلف، لا أن ننتقدهم على هذه الألفاظ ونخطئهم بها وهو أسلوب دارج عندهم ويرحم الله الجميع.
مسألة:
قول المصنف (وما أشكل من ذلك .. ) وقع خلاف في تفسير معنى كلام المصنف، وماذا يقصد بالإشكال، على ثلاثة أقسام:
1 - منهم من فسر كلام المصنف أي مشكل باعتبار بعض الصفات، وقالوا أن هناك بعض الصفات قد تكون مشكلة مثل صفة النزول والاستواء والصورة، من حيث الإشكالات التي تأتي على هذه الصفات مثل قولهم عند إثبات النزول هل يخلو منه العرش؟، وإذا كان مستوٍ على العرش هل هو أكبر منه أم مساوٍ له، وقالوا: إن المصنف يقصد هذا وقالوا أن الصفات المشكلة يجب إثباتها لفظاً دون التعرض لمعناها.
2 - ومنهم من قال إنه مشكل باعتبار الأشخاص وإن الإشكال أمر نسبي حسب علم الشخص وجهله وما كان مشكل عند شخص قد لا يكون مشكلا عند آخر، والواجب على من أشكل عليه لقصور فهمه أو علمه وجب إثباته لفظاً وترك التعرض لمعناه.
3 - أن المقصود بالإشكال عند المصنف الكيفية بالصفات فلا نتعرض لمعنى الكيفية، وإنما نثبت الألفاظ.
وهذا القول هو الراجح لأنه هو مقصود المصنف كما وضحنا ذلك في شرحنا لآية {وما يعلم تأويله إلا اللَّه}، وأما القولان السابقان فهما صحيحان باعتبار المعنى لكن المصنف ما أراد ذلك.
ـ[عمرو بسيوني]ــــــــ[08 - 04 - 06, 01:16 م]ـ
نرجو من الأخ المشرف أن ينظر صلاحية الرابط الذي تفضل بوضعه، أو أن ينقل أحد الأخوة محتواه هنا إن كان قد استطاع فتحه.
ـ[طارق البايضي]ــــــــ[08 - 04 - 06, 02:01 م]ـ
الاخ أبو فهر: النص الذي نقلتموه لا يحل الموضوع بل يزيده إشكالاً فقوله: ((والصحيح أن المتشابه ما ورد في صفات الله سبحانه مما يجب الإيمان به ويحرم التعرض لتأويله كقوله تعالى: ((الرحمن على العرش استوى))، ((بل يداه مبسوطتان))، ((لما خلقت بيدي))، ((ويبقى وجه ربك))، ((تجري بأعيننا)). ونحوه فهذا اتفق السلف رحمهم الله على الإقرار به وإمراره على وجهه وترك تأويله فإن الله سبحانه ذم المبتغين لتأويله وقرنهم في الذم بالذين يبتغون الفتنة وسماهم أهل زيغ.))
فما توجيهك لإحتجاج الإمام بهذه الآية في رسالته في العلو وهو لا يعرف معناها أصلاً بل هي من قيبل الحروف المقطعة عنده؟؟
ما جاء في رسالته في العلو من أعظم الأدلة على ان الإمام لم يقع بالتفويض -اعني التفويض البدعي-وإن كان في عباراته بعض ما يوحي بذلك لكن كلامه يحتاج لتدبر اكثر وإرجاع بعضه لبعض
اولا لست ارى وجه الاحتجاج بالاية. بل بالعكس ارى هذا الذى نقلته يدعم قولنا. فانه قال: ويحرم التعرض لتأويله، بمعنى تفسيره.
ثانيا، انتم تنفون التاويل و تاولون كلام الامام الى غير ظاهره مع انه صرح بمراده فيما نقل اليكم.
و الله اعلم
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[08 - 04 - 06, 10:03 م]ـ
الأخ الحبيب فيصل ...
كلامك وفقك الله خارج عن محل النزاع ... وكان يتم لك كلامك لو كان ابن قدامة قد استدل بالآية على إثبات الاستواء أما وقد استدل بها على إثبات العلو فلا تدخل معنا ... فحتى الأشاعرة الأول يثبتون العلو على نزاع بينهم هل ثبت بالعقل أم بالسمع ... فكون الله سبحانه على العرش ماكان ينازع فيه أحد غير الجهمية وهو الذي يستفاد منه العلو ... وإنما المحك الذي يظهر فيه التفويض من عدمه هو الاستواء ... فتأمل ...
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[08 - 04 - 06, 10:21 م]ـ
أما عن تفصيل الكلام عن مفوضة الحنابلة فيضيق عنه وقتي الآن وأكتفي بهذا النص من كلام شيخ الإسلام في سياق حديثه عمن يقع منهم الخلل في الصفات من المشتغلين بالسنة ومذاهب السلف:
((ونوع ثالث سمعوا الأحاديث والآثار وعظموا مذهب السلف وشاركوا المتكلمين الجهمية في بعض أصولهم الباقية ولم يكن لهم من الخبرة بالقرآن والحديث والآثار ما لأئمة السنة والحديث لا من جهة المعرفة والتمييز بين صحيحها وضعيفها ولا من جهة الفهم لمعانيها وقد ظنوا صحة بعض الأصول العقلية للنفاة الجهمية ورأوا ما بينهما من التعارض وهذا حال أبي بكر بن فورك والقاضي أبي يعلى وابن عقيل وأمثالهم.
ولهذا كان هؤلاء تارة يختارون طريقة أهل التأويل كما فعله ابن فورك وأمثاله في الكلام على مشكل الآثار
وتارة يفوضون معانيها ويقولون: تجري على ظواهرها كما فعله القاضي أبو يعلى وأمثاله في ذلك
وتارة يختلف اجتهادهم فيرجحون هذا تارة وهذا تارة كحال ابن عقيل وأمثاله
وهؤلاء قد يدخلون في الأحاديث المشكلة ما هو كذب موضوع ولا يعرفون أنه موضوع وما له لفظ يدفع الإشكال مثل أن يكون رؤيا منام فيظنونه كان في اليقظة ليلة المعراج))
ولما كنت لم أر في كلام ابن قدامة تأويل ... ورأيته ينفي التأويل بمعنييه في الروضة ... فقد قلت: إنه يتصل من مفوضة الحنابلة بسبب.
¥