وبسبب اعتقاد أن دوام الحوادث في الماضي، أو المستقبل ينافي أوليته- سبحانه- وآخريته، قيل بامتناع الحوادث في الماضي، وفي المستقبل = فنتج عن ذلك القول بفناء الجنة والنار، وهذا ما ذهب إليه جهم بن صفوان، ومن تبعه، وهذا ضرب من الكفر بما أخبر الله به، ورسوله صلى الله عليه وسلم، والله تعالى قديم بلا ابتداء، دائم بلا انتهاء، كما في عبارة الإمام الطحاوي، أما ما سِوى الله فكلٌّ مسبوق بعدم نفسه، ومن شاء – سبحانه وتعالى- بقاءه على الدوام، وأنه لا يفنى فهو باقٍ بإبقاء الله وبمشيئته– سبحانه وتعالى- فلا يكون شيء من المخلوقات مشابهًا لله في خصائصه؛ (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) [الشورى:11].
ـ[عبد]ــــــــ[23 - 06 - 05, 02:51 م]ـ
جزاك الله خيرا على النقل والإيضاح، وأشكر أخي محمد على الإيضاح كذلك.
وأقول: جنس الحوادث إما أن يكون مشاركة لله في صفة الأولية فيكون لدينا عندنا أزلان. أزل الحوادث وأزل الله تعالى. فإن قلنا بذلك لا يجوز لأنه لابد أن يكون أحدهما مصدر للآخر أو يكونا (الحوداث والله تعالى) من مصدر واحد قبلهما، فإن قلنا بالأول وهو لزوم أن يكون احدهما مصدر للآخر فهذا بدوره ينقسم إلى قسمين:
1 - أن تكون الحوداث مصدر الله تعالى وكل شيء وهذا أبطل الباطل لأن الحوداث متغيرة يشوبها النقص وعدم الاستقرار فلا يمكن لمصدر كمال أن يصدُر عن مصدر نقص وتغير وتبدل.
2 - أن يكون الله تعالى مصدر الحوادث فهذا هو الحق لأن المصدر الموصوف بالكمال والتمام أولى أن يكون مصدراً لما ليس كذلك.
وهنا مسألة: كيف تكون الحوادث صادرة عن الله تعالى؟
الجواب: إما أن تكون صادرة عنه بمعنى أنها منفصلة متجزئة عن ذات الله تعالى (كما يسمونه فيض إلاهي) فهذا باطل لأن فيه القول بأن الله محل للحوداث وفيه القول بأن الله متجزيء والله سبحانه هو الصمد (الذي ليس بأجوف وإليه تصمد المخلوقات والخلائق) وهو الغني الحميد الذي لا يفتقر لشيء بما في ذلك أنه ليس جسما مركبا يفتقر بعضه إلى بعض.
وإما أن تكون الحوادث صادرة عن الله تعالى بمعنى الإيجاد والإبداع (الذي هو الخلق أو الإيجاد على غير مثال سابق) فهذا هو الصواب ولذلك سمى الله نفسه الباريء، قال ابن كثير رحمه الله: ((والبرء هو الفري وهو التنفيذ وإبراز ما قدره وقرره إلى الوجود وليس كل من قدر شيئا ورتبه يقدر على تنفيذه وإيجاده سوى الله عز وجل)). أ. هـ.
وبهذا الاعتبار الله هو الأول الذي لم يشاركه شيء في قدمه ولم يسبقه شيء في أوليّته تعالى.
والمسألة الثانية فهي أن يقال: الأزلان (الحوداث والله تعالى) مصدرهما واحد من شيء سبقهما فهذا باطل كذلك لأنه جمع بين الكمال (الله تعالى) والنقصان والتغيّر (الحوادث) وكأنهما شيء واحد يسري على احدهما ما يسري على الآخر وهذا تناقض. كما أن فيه إلزام ضمني لقائله بوجود مصدر أزلي تام الكمال أيضاً صدرا منه، وعندنا وعند كل العقلاء هذا المصدر الأزلي تام الكمال هو الله تعالى فمنه المبتدأ وإليه المنتهى سبحانه المتفرد بصفات الجلال والكمال.
ـ[حامد الداني]ــــــــ[17 - 07 - 05, 11:49 م]ـ
بحثٌ قيمٌ في المسألة نأمل مطالعته والاستفادة منه، على هذا الرابط:
http://www.ansar.org/arabic/kamela1.htm
السلام عليکم
قرأت هذا البحث و لکن لم افهم الا قليلا، افيدوني رجاء:
ما معني ازلية الخلق؟ و هل يمکن ذلک بدون ازلية المخلوق؟ اذا لا، الا يعني ذلک ان المخلوقات ايضا ازلية؟ هل کان هناک زمان قبل المخلوقات و کيف؟
بعد قراءتي للبحث اصبحت علي يقين بان الامام ابن تيمييه و ابن القيم يقولون بحوادث لا اول لها، علما بانني لم اکن اعرف ذلک يقينا قبل قراءته. هل هذا يعني بانني لم افهم البحث؟ هل من الممکن ان کل العلماء اللذين ردوا علي الامام لا يفهمون ما يقول؟
السلام عليکم و رحمة الله
حامد الداني
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[18 - 07 - 05, 01:19 ص]ـ
الأخ حامد الداني، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المسألة أخي الكريم هي أن الله سبحانه لازال فاعلاً، والفعل يلزم منه مفعول.
مثلاً: الله سبحانه لم يزل متصفاً بأنه يخلُق من العدم، لم تكن ثمة فترة لم يكن الله متصفاً فيها بهذه الصفة، بما في ذلك الأزل، فليس هناك مانع من أن يكون سبحانه قد خلق من العدم خلقاً منذ مليون سنة أو مليار سنة .... إلى أن نقول: ليس هناك مانع من أن يكون الله سبحانه قد خلق خلقاً من العدم في الأزل.
هذا فهمي للمسألة، والله أعلم.
ـ[حامد الداني]ــــــــ[18 - 07 - 05, 10:29 م]ـ
جزاک الله اخي هيثم علي هذا الايضاح، اذا کان الزمان مخلوقا من العدم، لمذا يتکلمون عنه کانه شىء ازلى؟ ام انا لا افهم معنى کلامهم. عندما تقول لم يکن هناک فترة ...... الخ، ماذا تعني بکلمة "الفترة"؟ و الامام ابن القيم يتکلم عن فترة لا نهاية لها من جانب الماضي في قصيدته کما تقول السيدة کامله الکواري، ماذا يعني الامام بهذا ان کان الزمن مخلوق من العدم؟ لانني اعتقد انه لم يکن يعرف ذلک. فرحت کثيرا بقولک ان الزمن نسبي، وهذه حقيقة الان بعد اعلان النظرية النسبية من قبل البرت انشتاين. وقد اثبتت نسبية الزمن بتجارب کثيرة بعد ذلک.حسب انشتاين الزمن هو البعد الرابع للمادة بعد الطول والعرض والارتفاع. معني ذلک ان وجود الزمن هو وجود المادة، و وجود المادة يتضمن وجود الزمن. هذا يعني لا يمکن الکلام عن الزمن بمعزل عن المادة الا مجازا، او لاننا لا يمکننا الکلام ان لم نذکر الزمن، او قل ما شأت. لا اشکال. فاين هذه الزمن الطويل اللانهاءي الذي يذکره الامام ابن القيم؟ لا افهم هذه الشياء و اشياء کثيره اخري لا مجال لذکرها الان. انتظر جوابک حفضک الله.
والسلام عليکم و رحمة الله
¥