تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أجمع الصحابة جميعُهم على أنَّ تَرْكَ الصلاة كُفْرٌ أكبَرُ ناقِلٌ عن المِلَّةِ. وهذا مِن أصرح الأدلة على أن تاركَ العَمَلِ اختياراً ليسَ في قلبِهِ ذرةٌ من إيمان. وأن الصلاة شرط في صحة الإيمان، وأنها من العمل اللازم لوجود الإيمان في القلب. فتركُ الصلاة شعبةٌ من شعبِ الكفرِ لقول النبيِ ? عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ ? يَقُولُ: «بَيْنَ الرّجُلِ وَبَيْنَ الشّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصّلاَةِ». ولقوله ? عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: سمعتُ رسولَ الله ? يقولُ: «العهدُ الذي بينَنَا وبينهُم الصلاةُ؛ فَمَنْ تَرَكَها فقد كَفَر». وعن ابنِ عُمَرَ أَنّ رسولَ اللّهِ ? قال: «أُمِرْتُ أَنْ أُقاتِلَ الناسَ حتّى يَشْهَدوا أَنْ لا إِلهَ إِلاّ اللّهُ، وأنّ محمداً رسولُ اللّهِ، ويُقِيموا الصلاةَ، ويُؤْتُوا الزّكاةَ. فإذا فَعَلوا ذلكَ عَصَموا مِنّي دِماءَهُم وأموالَهُم إِلاّ بِحَقّ الإِسلام، وحسابُهم عَلَى اللّه».

ولأن الله سبحانه وتعالى جعلها مع الزكاة علامة وشهادة للإيمان، فقال سبحانه وتعالى في شأن المشركين من العرب الذين أمر الله بإمهالهم أربعة أشهر، فإما الإيمانُ أو القتلُ قال الله تعالى:?فإذا انسلخَ الأشْهُرُ الحُرُمُ فاقتُلوا المشركينَ حيثُ وَجَدْتُموهُم وخُذُوهُمْ واحْصُرُوهُمْ واقْعُدوا لَهُمْ كلَّ مَرْصَدٍ فإنْ تابوا وأقاموا الصلاةَ وآتوا الزكاةَ فخلُّوا سبيلَهُم إن اللهَ غفورٌ رحيمٌ?.

فلما جعل الله إقامتهم للصلاة، وإيتاءَهم للزكاة شرطاً لِلْكَفِّ عنهم، وعدم قَتْلِهِم وقِتالِهِم عَلِمْنا أن الصلاةَ والزكاةَ شرطٌ في صحةِ الإيمانِ.

ومن أجل ذلك أجمع الصحابة جميعُهم على كُفرِ تاركِ الصلاةِ ولا يُعْلَمُ منهم مُخَالفٌ واحد، ولذلك لما عزمَ الصِّدِّيقُ على قتال مانِعي الزكاة قال له الصحابة: كيف تقاتل قوماً يشهدون أن لا إله إلا الله ويصلون؟ فقال: لأقاتلن من فرق بين الصلاةِ والزكاةِ.

فقاس لهم الزكاة التي اختلفوا في حكم مانعها على الصلاة التي لم يختلفوا قط في كُفرِ تاركِها. وإجماع الصحابةِ حُجَّةٌ على الحق، لأن الأمة لا تجتمع على ضلالة، ولا يُتصورُ في بداهة العقول أن يجتمع في قلبٍ واحدٍ الإيمانُ باللهِ، وتركُ الصلاةِ أبداً ودوماً، مع ما فيها من الوعيد، وبيانِ كُفرِ تاركِها، وأمرِ المؤمنين بقتله وقتاله ... والمناداة بها خمس مرات في كل يوم وليلة.

ولا شك أن حَمْلَ كفر تارك الصلاة على المعصية التي هي دون الكفر الناقل عن الملة حَمْلٌ غير صحيح للأسباب الآتية:

1) أن الرسول ? قد جعل ذلك علامة فارقة بين الكفر والإيمان، وتمييزاً لأهل النفاق عن أهل الإسلام. فالمنافق الذي يدَّعي الإيمان، وهو كافِرُ القلب الصلاةُ تُظْهِرُ حَقِيقَتَهُ، فإن صلى كان ذلك دليلاً على إيمانه، وإن لم يُصْلِ كان هذا دليلاً على كفرِهِ.

فقولُ الرسول: «العهدُ الذي بيننا وبينهُم» أي بيننا وبين المنافقين، والعهد هو شهادتُهُم ألا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فإن هذه الشهادة عهدٌ منهم على الإيمان بالله ورسوله فإن صَلُّوا كان هذا دليلاً على التزامِهِم بالعهدِ الذي قَطَعوه على أنفسهِم، وشهدوا به، وإن لم يُصَلُّوا كان هذا دليلاً على نَقضِهِم العهدَ، وبرهاناً على كفرِهم!! فأيُّ دليلٍ أصرح على كفرِ تاركِ الصلاةِ كفراً ناقلاً عن الملةِ من هذا؟!

والذين يقولون: يبقى على الإسلام مع تركه للصلاة، فمع مخالفتهم للحديث يهدمون الفارق الأعظمَ بين المنافق نفاقاً اعتقادياً (أعني كافر الباطن) وبين المسلم. فإن المنافق نفاقاً اعتقادياً لا توجدُ شعيرة من شعائر الإسلام تُظهِرُه واضحاً للمسلمين إلا تَركهُ للصلاة. فمَن قال: لا يكفرُ أيضاً مع تركه للصلاة، لم يُبقِ هناكَ علامةً قط بين المنافق نفاقاً اعتقادياً وبين المسلم وبهذا يتمتع هذا المنافق في أوساط المسلمين بكل منافع الإسلام، فيعيش بينهم آمِناً، مع كفرِ قلبهِ، وفسادِ عقيدتِهِ.

فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في كُفرِ تاركِ الصلاة:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير