تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولما كانت الصلاة هي أشرف أعمال الإسلام بعد الشهادتين فقد خصصناها في هذا البحث بمزيد من العناية بالنقل المستفيض عن أهل العلم مما يدل على كفر تاركها كفراً ناقلاً عن الملة كما أجمع الصحابة ? على ذلك، فنقلنا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية بكماله في كفر تارك الصلاة كفراً ينقل عن ملة الإسلام، وكذلك تحقيق العلامة ابن القيم ونقله لأقوال أهل العلم في هذه المسألة وترجيحه بالدليل الدامغ على كفر تارك الصلاة كفراً ناقلاً عن الملة، وكذلك تحقيق الشيخ الجليل محمد الصالح العثيمين لهذا الأمر، وترجيحه كفر تارك الصلاة وقد نقلنا هذه الأقوال بتمامها لأهمية الصلاة، وأنها الفرقان بين أهل الإسلام، وأهل النفاق، والجحود والكفران.

ولما كان كثير من المعاصرين ممن وقعوا في هذه البدعة الشنيعة (بدعة الإرجاء) ينسب الوقوع في هذه البدعة لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فإننا نقلنا بالنقل المستفيض من كتبه بما لا يدع مجالاً للشك أنه كان من أشد الناس رداً لهذه البدعة، وبياناً لضلال أهلها، وأنه نص على كفر تارك العمل كقوله: " من الممتنع أن يكون الرجل مؤمناً إيماناً ثابتاً في قلبه بأن الله فرض عليه الصلاة والزكاة والحج، ويعيش وهو لا يسجد لله سجدة، ولا يصوم من رمضان، ولا يؤدي زكاة، ولا يحج إلى بيته فهذا ممتنع ولا يصدر هذا إلا مع نفاق القلب وزندقة، لا مع إيمان صحيح ".

وقال رحمه الله: " وقد تبين أن الدين لا بد فيه من قول وعمل، وأنه يمتنع أن يكون الرجل مؤمناً بالله ورسوله بقلبه ولسانه ولم يؤد واجباً ظاهراً، ولا صلاةً، ولا زكاةً، ولا صياماً، ولا غير ذلك من الواجبات، لا لأجل أن الله أوجبها، مثل أن يؤدي الأمانة أو يصدق الحديث، أو يعدل في قسمه وحكمه، من غير إيمان بالله ورسوله، لم يخرج بذلك من الكفر، فإن المشركين، وأهل الكتاب يرون وجوب هذه الأمور، فلا يكون الرجل مؤمناً بالله ورسوله مع عدم شيء من الواجبات التي يختص بإيجابها (محمد صلى الله عليه وسلم).

ومن قال: بحصول الإيمان الواجب بدون فعل شيء من الواجبات سواء جعل فعل تلك الواجبات لازماً له، أو جزءاً منه، فهذا نزاع لفظي كان مخطئاً خطئاً بيناً، وهذه بدعة الإرجاء، التي أعظم السلف والأئمة الكلام في أهلها، وقالوا فيها من المقالات الغليظة ما هو معروف، والصلاة هي أعظمها وأعمها وأولها وأجلها ".

وعقيدة الإرجاء هذه لها مفاسد عظيمة على أهل الإسلام. ومن هذه المفاسد:

1) إيهام المسلمين أنهم مهما تركوا من أوامر الله فلم يمتثلوها، ولو تركوها جميعاً فهم مع ذلك مؤمنون مسلمون، وأن الجنة لهم حتماً في آخر الأمر، ولو عذبوا في النار عذبوا عذاباً قليلاً، ثم يكون مآلهم إلى الجنة، ومن أجل هذا القول سمى أهل السنة المرجئة بأنهم يهود هذه الأمة، لأن اليهود مع كفرهم بآيات الله قالوا:?لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ * بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ?.

2) تهوين أمر الصلاة التي قال فيها رسول الله ?: " بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة ". وقال أيضاً ?: " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " فجعلها علامة ظهور الكفر عند المنافق.

ومن أجل أقوال المرجئة تهاون من تهاون في الصلاة اعتماداً على أماني المغفرة.

3) تجرئ المسلمين على الكفر بكل أنواعه: حكماً بغير ما أنزل الله، وسبَّاً لله ورسوله ودينه، واستهزاءاً وسخريةً بالدين، ومعاداةً لله ورسوله والمؤمنين، كل هذا مع اليقين أنهم لا يزالون في الإيمان والإسلام، وأن رحمة الله تدركهم في الآخرة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير