تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ووجه اللعب والمزح في الدين على ضوء هذه العقيدة: أن الفاسق إذا قيل له: إيمانك مثل إيمان النبي صلى الله عليه وسلم فهل يُقبِل على الدين؟ أم أنه سيقول إذا كان إيماني تاما كاملاً وهذه حالي مثلَ إيمان النبي صلى الله عليه وسلم فما الحاجة إلى الالتزام بالدين , فتكون النتيجة إذاً هي اتخاذ الدين لهواً ولعباً , والغلاة من المرجئة يقولون: كما أنه لا ينفع مع الكفر طاعة فإنه لا يضر مع الإيمان ذنب. وهذا قول في غاية الخبث والفساد , وهو سبيل لترك الصلوات ومنع الزكاة وترك الصيام والحج وغير ذلك من الطاعات وذريعة لفعل الفواحش والموبقات ولا يرتاب عاقل أنه هذا لعب بالدين , وأي عبث أفضع وأشد من هذا العبث.

وعلى كل فهذه الأبيات الثلاثة اشتملت على بيان أقوال الطوائف في مرتكب الكبيرة , وهي ثلاثة أقوال: قول أهل السنة والجماعة وهو قول عدل وسط , وقولان متناقضان.

وإلى اللقاء في البيت التاسع والعشرون

ـ[العوضي]ــــــــ[04 - 09 - 03, 06:46 م]ـ

29 - وقلْ: إنمَا الإِيمانُ: قولٌ ونِيةٌ--- وفعلٌ عَلَى قولِ النبِي مُصَرحُ

قوله (وقل إنما الإيمان ... ) الخ

ذكر رحمه الله في هذا البيت عقيدة أهل السنة في الإيمان وانه عندهم يقوم على ثلاثة أركان: اعتقاد بالقلب , وقول باللسان ,وعمل بالقلب , والجوارح. وقد دل على دخول هذه الأمور الثلاثة في الإيمان أدلة كثيرة في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي لا تحصى لكثرتها.

والناظم رحمه الله كعادته يدعو صاحب السنة إلى العقيدة الصحيحة السالمة من الشوائب فيقول (قل إنما الإيمان ... )

(قول) وذلك بان يقول المرء بلسانه ما أمره الله به , وهو على قسمين:

1) اصل: وهو قول ما يقوم عليه الدين و يبني, وهو الشهادتان و في الحديث:

(أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله إلا الله ... ) (1)

2) وفرع: و هو ما يبني على هذا الأصل وينمو عليه , وهو سائر الطاعات التي تؤدى باللسان كالتسبيح و قراءة القران و آمر المعروف والنهي عن المنكر ونحو ذلك.

(ونية) أي اتقاد الصحيح في القلب يبني عيه عمله قال صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات ... ) (2) فإذا كان عند الإنسان قول وعمل بلا نية في قلبه فهو المنافق وهو الذي يكون ذا أعمال صالحة في الظاهر وباطنه بخلاف ذلك.

قال الله تعالى في بيان حال المنافقين (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) (البقرة14)

وقال تعالى (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ) (المنافقون1)

(وفعل) أي أن العمل داخل في مسمى الإيمان ولا يقول بخروجه إلا المرجئة. وقد سبق الكلام عليهم. والفعل هو العمل , وهو شامل لعمل القلب مثل المحبة والخشية والإنابة والحياء والتوكل وغيرها من أعمال القلوب , وعمل الجوارح مثل الصلاة والصيام والزكاة والجهاد وبر الوالدين وصلة الأرحام وغيرها من أعمال الجوارح.

ومن الأحاديث الجامعة لهذه الأمور الثلاثة , حديث أبى هريرة المعروف بحديث شعب الإيمان (الإيمان بضع وسبعون شعبة فاعلاها قول لا اله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء وشعبة من الإيمان) (3) فهذا الحديث الجامع دل على دخول ما يكون باللسان والجوارح والقلب فخي مسمى الإيمان.

إما دلالته على ما يكون باللسان ففي قوله (أعلاها قول لا اله إلا الله) والقول يشمل قول القلب وقول اللسان عندها يطلق.

قال تعالى (الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (فصلت 30)

وقال تعالى (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (البقرة 136)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير