تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

• وإذا كان هذا معنى (التغير) فالرب تعالى لم يزل ولا يزال موصوفا بصفات الكمال، منعوتا بنعوت الجلال ولإكرام، وكماله من لوازم ذاته، فيمتنع أن يزول عنه شيء من صفات كماله، ويمتنع أن يكون ناقصا بعد كماله.

• وهذا الأصل عليه قول السلف وأهل السنة، وهو أنه: لم يزل متكلما إذا شاء، ولم يزل كذلك، فلا يكون – [أي الله عز وجل وأفعاله] – متغيراً ... " إهـ، بتصرف من: مجموع الفتاوى (6/ 249 - 250).

• تنبيه: قد اكتفيت في الرد على الشبهة الماضية بالأوجه الثلاثة مع أني قد وقفت على رد من وجه رابع قال به – فيما اطلعت عليه – ثلاثة من

أئمة السلف الأجلاء؛ وهم: عبد العزيز بن الماجشون، وأبو عاصم النبيل، وعثمان بن سعيد الدار مي.

• ولكن الذي يجب التنبه له: أنَّ ابن الماجشون وأبا عاصم النبيل والدارمي – رحمة الله عليهم – قد سلكوا مسلك التأويل في ردهم ذاك مع جلالة قدرهم وعلمهم وصفاء عقيدتهم من البدع والأهواء.

• كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمة الله عليه – في معرض رده على من أنكر إتيان الله تعالى في صورة بعد صورة إلى المؤمنين من أهل الموقف. انظر: نقض تأسيس الجهمية (3/ 397–404) المخطوط، أو شرح: كتاب التوحيد للغنيمان (2/ 15).

• وأذكر فيما يلي كلام الأئمة: ابن الماجشون وأبي عاصم النبيل والدارمي فيما يختص بتأويلهم السالف ذكره؛ ثم أُعقب على كلام الإمام الدار مي بكلام شيخ الإسلام؛ لإتمام الفائدة من جهة وللتحذير من الوقوع فيما وقع فيه الأئمة من التأويل من جهة أخرى.

• فأما عبد العزيز بن الماجشون فقد " كان يقول – فيما نقله إسحاق الطبَّاع عنه – وقيل له: إن الله أجل وأعظم من أن يرى في هذه الصفة؛ فقال: يا أحمق، إن الله ليس يتغير عن عظمته ولكن عيناك يغيرهما حتى تراه كيف شاء ... اهـ ". انظر: مختصر العلو للعلي الغفار (ص 111)، التعليق على الحديث (70).

• وأما أبو عاصم النبيل فقد كان يقول – فيما ذكره شيخ الإسلام عنه -: " ذلك تغيير يقع في عيون الرائين، كنحو ما يخيل إلى الإنسان الشيء بخلاف ما هو به؛ فيتوهم الشيء عن الحقيقة " بتصرف من: نقص تأسيس الجهمية (3/ 397 – 401) المخطوط، بواسطة شرح كتاب التوحيد للغنيمان (2/ 11).

• وأما الإمام أبو سعيد الدارمي فقد قال في رده على بشر المريسي: " وأما إنكارك أيها المريسي على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الله يتراءى لعباده المؤمنين يوم القيامة في غير صورته؛ فيقولون أعوذ بالله منك، ثم يتراءى في صورته التي يعرفونها؛ فيعرفونه فيتبعونه " فزعمت أيه المريسي أن من أقر بهذا فهو مشرك؛ حيث يقال لهم أليس عرفتم الله في الدنيا، فكيف جهلتموه عند العيان وشككتم فيه؟!

• قال أبو سعيد: فيقال لك أيها المريسي: قد صح – هذا الحديث – عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من رواية الزهري؛ كأنك تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم من جودة إسناده.

فحذار أن يكون قذفك بالشرك واقعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وما ذنبنا إن كان الله سلب عقلك حتى جهلت معناه؟!

ويلك .. إن هذا ليس بشك ولا ارتياب منهم؛ فلو أن الله تجلى لهم أو مرة في صورته التي عرّفهم صفاتها في الدنيا لا عترفوا بما عرفوا ولم ينفروا؛ ولك يُري نفسه في أعينهم لقدرته ولطف ربوبيته في صورة غير ما عرّفهم في الدنيا؛ ليمتحن بذلك إيمانهم ثانية في الآخرة كما امتحن إيمانهم في الدنيا ... فإذا (مثل في أعينهم) غير ما عرفوا من الصفة نفروا وأنكروا إيمانهم بصفة ربوبيته التي امتحن قلوبهم في الدنيا بها؛ فلما رأى أنهم لا ليعرفون إلا الذي امتحن به قلوبهم تجلى لهم في الصورة التي عرفهم في الدنيا فآمنوا به وصدقوا وماتو ونشروا عليه؛ من غير أن (يتحول) الله من صورة إلى صورة؛ ولكن يمثل ذلك في أعينهم بقدرته ... - إلى أن قال - ...

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير