(2) الصواعق المرسلة 3/ 921 بتصرف.
(3) السابق 3/ 921 بتصرف.
الرسول S و جميع الأمة لا يعلمون معناه كما يقول ذلك من يقوله من المتأخرين وهذا القول يجب القطع بأنه خطأ، سواء كان مع هذا تأويل القرآن لا يعلمه الراسخون أو كان للتأويل معنيان يعلمون أحدهما و لا يعلمون الآخر (1).
• تفسير آية آل عمران من منظور السلف:
وعلى هذا الفهم السلفى يمكن تفسير آية آل عمران بأن الله يخبر أن في القرآن آيات محكمات هن أم الكتاب، أي بينات واضحات الدلالة لا التباس فيها على أحد سواء من جهة المعنى أو الكيفية، وهى أصل الدين وقوام العبودية وتتمثل فى الأحكام الشرعية الدينية، فلا بد من وضوحها وبيان معانيها ووصف كيفيتها لسائر الناس دون اشتباه أو التباس، فهن حجة الرب وعصمة العباد ودفع خصوم الباطل، ليس لهن تصريف ولا تحريف عما وضعن عليه كما روي عن السلف، فعن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما: (المحكمات ناسخه وحلاله وحرامه وحدوده وفرائضه وما يؤمر به ويعمل به) (2).
وكذا روي عن عكرمة ومجاهد وقتادة والضحاك ومقاتل بن حيان والربيع بن أنس والسدي أنهم قالوا: المحكم الذي يعمل به (3).
وأخر متشابهات كآيات الصفات من حيث اشتراك الألفاظ والكلمات عند تجردها عن الإضافة والتخصيص والتركيب لا من حيث المعنى المراد، ابتلى الله فيهن العباد كما ابتلاهم في الحلال والحرام ألا يصرفن إلى الباطل ولا يحرفن عن الحق، ولهذا قال الله تعالى: ? فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ ? أي ضلال وخروج عن الحق ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) السابق 3/ 922 بتصرف.
(2) انظر تفسير القرآن العظيم لابن كثير 1/ 347، وجامع البيان عن تأويل آي القرآن لابن جرير الطبري 3/ 172 دار الفكر بيروت 1405هـ، الدر المنثور لجلال الدين السيوطي 2/ 144، دار الفكر بيروت 1993م.
(3) معالم التنزيل لأبى محمد الحسين بن مسعود البغوي 1/ 279، دار المعرفة بيروت 1407هـ.
إلى الباطل ? فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ِ ? أي إنما يأخذون منه بالمتشابه الذي يمكنهم أن يحرفوه إلى مقاصدهم الفاسدة وينزلوه عليها ? ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِه ِ ? أي تحريفه على ما يريدون (1).
روى عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّه عَنْهَا أنها قَالَتْ: (تَلا رَسُولُ اللَّهِ S هَذِهِ الآيَةَ:
? هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُوْلُوا الأَلْبَابِ ? [آل عمران:7].
قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ S فَإِذَا رَأَيْتِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكِ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ) (2).
وهؤلاء منهم الخوارج كان ظهورهم أيام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقتلهم بالنهروان ثم تشعبت منهم شعوب وقبائل وآراء وأهواء ومقالات ونحل كثيرة منتشرة ثم انبعث القدرية ثم الجهمية ثم المعتزلة والأشعرية وغير ذلك من الطوائف (3).
وقوله تعالى ? وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ ? يجب الوقف هاهنا إذا كان المقصود العلم بكيفية الحقائق الغيبية وكيفية الصفات الإلهية فلا يعلم ذلك إلا الله، ويجوز الوقف على قوله: ? وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ? إذا كان المقصود العلم بمعانى الآيات القرآنية سواء المتعلقة بالخالق أو المخلوق وكذلك كيفية أداء الأحكام الشرعية أو كيفية ما دلت عليه الآيات فى الإخبار عن سائر المخلوقات فى الدنيا.
قال ابن كثير: (وأما إن أريد بالتأويل التفسير والبيان والتعبير عن الشيء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر تفسير القرآن العظيم لابن كثير 1/ 347 بتصرف.
(2) أخرجه البخارى فى كتاب تفسير القرآن برقم (4547).
(3) تفسير ابن كثير 1/ 347 بتصرف.
¥