[الشورى:11]، فيقال له: كيف حكمت أن الظاهر فى استواء اللَّه يماثل الظاهر فى استواء بلقيس؟ أليس هذا قول على اللَّه بلا علم؟ إنما يكفى أن القول إن معنى استواء اللَّه معلوم وهو العلو والارتفاع وكيفية استوائه معلومة لله مجهولة لنا.
[3]- ما ذكره الشيخ إبراهيم الدسوقى فى مقالته عن قوله تعالى:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الفتاوى الأمينية ص97.
? الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ? وآراء العلماء فى المتشابه إذ يقول:
(فذهب السلف إلى التفويض فى المعنى الذى أراده اللَّه تعالى بعد الإيمان به والتنزيه عن الظاهر المستحيل) ثم ينسب ذلك إلى الأئمة الأربعة وأنهم يدينون لله بهذه العقيدة (1).
فهؤلاء جميعا مع فضلهم وحسن ظننا بهم ظنوا أن اعتقاد السلف الصالح هو التفويض، وفى الحقيقة نجد مفتاح الأمر يمكن فى إثبات الاستواء هل هو موجود وله كيفية أم أنهم لا يؤمنون بهذه الحقيقة الغيبية؟
فلا خلاف بين السلف فى وجود كيفية حقيقية للاستواء، وإنما الخلاف بين السلف ومخالفيهم من الأشعرية وغيرهم فى ادعائهم جهل السلف بمعنى الاستواء وتفويض العلم به إلى الله، فالكيفية لها وجود حقيقى معلوم لله ومجهول لنا.
ومن ثم فالقول بأن الاستواء غير معلوم أو لا نعلمه أو نجهله قول باطل وكذلك القول بأن معنى الاستواء غير معلوم قول باطل أيضا، أما القول بأن كيفية الاستواء فقط غير معلومة أو مجهولة لنا فهو الحق الذي دلت عليه الأدلة.
وهنا مسألة تتطلب الشرح والتفصيل وهى مسألة الظاهر هل هو مراد أو غير مراد؟ فإذا قال القائل ظاهر النصوص مراد أو ظاهرها ليس بمراد، فإنه يقال لفظ الظاهر فيه إجمال وإشتراك، فإن كان القائل يعتقد أن ظاهرها التمثيل بصفات المخلوقين أو ما هو من خصائصهم فلا ريب أن هذا غير مراد، ولكن السلف والأئمة لم يكونوا يسمون هذا ظاهرها، ولا يرتضون أن يكون ظاهرالقرآن والحديث كفرا وباطلا، والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم من أن يكون كلامه الذى وصف به نفسه لا يظهر منه إلا ما هو كفر أو ضلال، والذين يجعلون ظاهرها ذلك يغلطون من وجهين:
1 - تارة يجعلون المعنى الفاسد ظاهر اللفظ حتى يجعلوه محتاجا إلى تأويل يخالف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر مجلة الأزهر عدد محرم سنة 1414 هـ ص28، وانظر أيضا مجموعة الرسائل للشيخ الفاضل حسن البنا ص330.
الظاهر ولا يكون كذلك.
2 - وتارة يردون المعنى الحق الذى هو ظاهر اللفظ لاعتقادهم أنه باطل (1).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأعلم أن من المتأخرين من يقول مذهب السلف إقرارها على ما جاءت به مع اعتقاد أن ظاهرها غير مراد، وهذا اللفظ مجمل، فان قوله ظاهرها غير مراد يحتمل أنه أراد بالظاهر نعوت المخلوقين وصفات المحدثين، مثل أن يراد بكون الله قبل وجه المصلى أنه مستقر فى الحائط الذى يصلى إليه، وأن الله معنا ظاهره أنه إلى جانبنا ونحو ذلك فلا شك أن هذا غير مراد، ومن قال من السلف إن هذا غير مراد فقد أصاب فى المعنى لكن أخطأ باطلاق القول بأن هذا ظاهر الآيات والأحاديث، فان هذا المحال ليس هو الظاهر إلا أن يكون هذا المعنى ممتنع وصار يظهر لبعض الناس فيكون القائل لذلك مصيبا بهذا الاعتبار معذورا فى هذا الإطلاق) (2).
• عقيدة التفويض والدعوة إلى عدم الكلام فى نصوص الصفات عند العوام:
نظرا لأن بعض المنتسبين لمذهب الخلف قد يواجهون بقوة عند قولهم بتأويل نصوص الصفات لا سيما إذا كان التأويل أقرب إلى التحريف، فإنهم يتملصون من مواجهة الحق بدعوى السكوت وعدم الخوض فى المتشابه كما هو حال السلف أو زعمهم أن مسائل الصفات لا يترتب عليها عمل ولا سلوك، فيكفينا المحكم من القرآن والسنة وما يدعوا إلى تأليف القلوب.
¥