الوقفة الأولى: موقفه من حارث المحاسبي أحد رؤوس الصوفية:
وقال علي بن أبي خالد: قلت لأحمد بن حنبل –رحمه الله-: إن هذا الشيخ –لشيخ حضر معنا- هو جاري، وقد نهيته عن رجل، ويحب أن يسمع قولك فيه: حارث القصير –يعني حارثاً المحاسبي- وكنت رأيتني معه منذ سنين كثيرة، فقلت لي: لا تجالسه، فما تقول فيه؟:
فرأيت أحمد قد احمرّ لونه، وانتفخت أوداجه وعيناه، وما رأيته هكذا قط، ثم جعل ينتفض، ويقول: " ذاك؟ فعل الله به وفعل، ليس يعرف ذاك إلا من خَبَره وعرفه، أوّيه، أوّيه، أوّيه،ذاك لا يعرفه إلا من قد خبره وعرفه، ذاك جالسه المغازلي ويعقوب وفلان، فأخرجهم إلى رأي جهم، هلكوا بسببه.
فقال له: يا أبا عبدالله يروي الحديث، ساكنٌ خاشعٌ، من قصته ومن قصته؟
فغضب أبو عبدالله، وجعل يقول: لا يغرّك خشوعه ولِينه، ويقول: لا تغتر بتنكيس رأسه، فإنه رجل سوء ذاك لا يعرفه إلا من خبره، لا تكلمه، ولا كرامة له، كل من حدّث بأجاديثِ رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وكان مبتدعاً تجلس إليه؟! لا، ولا كرامة ولا نُعْمَى عين، وجعل يقول: ذاك، ذاك "
طبقات الحنابلة (1/ 234)
قلتُ:
رحمك الله يا أبا عبدالله فقد عرفت حقيقة هؤلاء القوم، نعم لا يغرنك الزخارف والصور الظاهرة وعليك بالحقائق الثابتة؟!
وتأمل قول علي بن أبي خالد –رحمه الله تعالى- " وكنت رأيتني معه منذ سنين كثيرة" وهذا يؤكد أن هذا الإمام ما تلكأ من التحذير من هذا الصوفي وغيره.
وتأمل قول علي " وما رأيته هكذا قط" وهذا يبين أن الإمام قد اشتد في نكيره بعد هذه السنوات لما بان له من انغماس المحاسبي بالبدع!! وإضلاله لعدد ممن اغتر به!
الوقفة الثانية: أمره بالتحذير بشدة من حارث المحاسبي:
نقل شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- في كتابه [الاستقامة] من كتاب [السنة] للخلال الآتي:
" قال الخلال: فأخبرنا أبو بكر المروذي، قال: جاءني كتاب من الثغر في أمر رجل تكلَّم بكلام، وعرضته على أبي عبدالله فيه: لما خلق الله الحروف سجدت إلا الألف، فغضب أبو عبدالله غضباً شديداً حتى قال: هذا كلام الزنادقة، وَيْلَهُ هذا جهمي.
وكان في الكتاب الذي كتب به أن هذا الرجل قال: لو أن غلاماً من غلمان حارث –يعني المحاسبي- لخبَّر أهل طرطوس.
فقال أبو عبدالله: أشد ما ها هنا قوله: لو أن غلاماً من غلمان حارث لخبَّر أهل طرطوس، ما البلية إلا حارث، حذِّروا عنه أشد التحذير"
(ص 205 - 206)
قلتُ:
رحمك الله يا أبا عبدالله، صدقت فما البلية إلا حارث وأمثال حارث من الصوفية أهل الخطرات والوساوس والكلام!!
وما ضل من ضلَّ إلا من حارث وأمثاله فحذروا منهم أشد التحذير.
الوقفة الثالثة: موقفه ممن أضله المحاسبي المغازلي أحد الصوفية:
قال أبو داود في مسائله للإمام أحمد: " ورأيت أحمد سلّم عليه رجل من أهل بغداد –قال أبو داود: بلغني أنّه أبو بكر المغازلي- ممن وقف فيما بلغني، فقال له: أُغرب لا أرينّك تجيء إلى بابي –في كلام غليظ- ولم يرد عليه السلام، وقال له: ما أحوجك أن يصنع بك ما صنع عمر بصَبيغ – أفهمني (عمر بصبيغ) بعض أصحابنا- فدخل بيته وردّ الباب"
(ص 355) برقم: 1707
قلتُ:
رحمك الله يا أبا عبدالله، قوة في الحق، وقوة في أخذه {يا يحيى خذ الكتب بقوة} ومن حاد عن الكتاب والسنة بزخارف الأقوال وباطل الاستدلال فليس له إلا الهجر!
وتأمل كيف وصل الحال بالرجل بسبب إضلال المحاسبي المتخشع المتنسك والأصل هو الاعتقاد وإتباع السنة!!
وهذا الموقف يبين خطورة التمييع مع أهل البدع، فكيف الحال بصوفية اليوم الذي سقط عدد كبير منها بالشرك -والعياذ بالله-
الوقفة الرابعة: موقفه من كشف الصوفية:
يقول ابن رجب الحنبلي: " ذكر طائفة من أصحابنا أنَّ الكشف ليس بطريق للأحكام، وأخذه القاضي أبو يعلى من كلام أحمد في ذمِّ المتكلِّمين في الوساوس والخطرات "
جامع العلوم والحكم (ص 482)
قلتُ:
رحمك الله يا أبا عبدالله، لقد سددت الباب في وجه القوم.
لا كشوف ولا إلهامات!! عندنا ما إن تمسكنا به لن نضل كتاب ربنا وسنة نبينا عليه الصلاة والسلام!! أما عالم الصوفية التي يؤزهم الشيطان أزاً فلا والله!
الوقفة الخامسة: موقفهم الخطرات والوساوس:
¥