تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

النقيضين مستحيل , وعلى هذا فلا حيلة للإنسان مع هذا المنطق إلا القبول أو الرد، أما التوقف والمحايدة، فلا تتصور هنا.< o:p>

فتحصل مما سبق: أن مواقف الناس من أصل فكرة أرسطو في المنطق، وهي أن التصورات لا تنال إلا بالحد وبالحد فقط، وأن التصديقات لا تنال إلا بالبرهان فقط، وأن الحد لا يكون إلا بالذاتيات فقط، وأن البرهان لا يكون إلا من مقدمتين فقط، منحصرة في موقفين، موقف المؤيد وموقف المعارض، وأما تفاصيل ما يذكر في علم المنطق فهي من فروع المنطق لا من أصوله، فقد تتعدد فيها المواقف.< o:p>

v الموقف الأول: المؤيدون:< o:p>

قد أيّد أرسطو في منطقه جماعات متعددة في زمنه وبعد زمنه إلى وقتنا الحاضر، ومن أشهر من أيّده الفلاسفة المنتسبون إلى الإسلام ممن هو متبع لطريقته المشائية، ومن هؤلاء: الفارابي، فإنه جعل المنطق مقدمة لجميع الصنائع التي تستعمل الفكر، وأنه الطريق الوحيد لتصحيح ما نلتمس تصحيحه عند أنفسنا، وفيما نلتمس تصحيحه عند غيرنا< SUP>([6] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn6)).

ومن هؤلاء الفلاسفة: ابن سينا، فإنه فُتن بمنطق أرسطو حتى قال فيه: «أكمل المعارف وأجلها شأناً، وأصدق العلوم، وأحكمها تبياناً، وهو المعارف الحقيقية، والعلوم اليقينية ... » < SUP>([7] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn7)).

ومن متأخري هؤلاء الفلاسفة: ابن رشد، فإنه من المتعصبين لمنطق أرسطو والمتبعين له جملة، بالغ في المنطق حتى جعله سبيل السعادة وأنه لا سعادة لأحد إلا بهذا المنطق، ولهذا فهو يأسف على سقراط وأفلاطون أن لم يكونا على علم به، وقرر أن سعادة الإنسان تكون على قدر مرتبته في معرفة المنطق < SUP>([8] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn8)).

ولهؤلاء الفلاسفة وغيرهم ممن هو على طريقتهم كلام كثير في مدح المنطق , وبيان مصطلحاته وشرح قواعده وطرقه , ليس من المناسب ذكرها هنا. < o:p>

وكذلك أيد المنطق وقبله ودعى إليه بعض علماء المسلمين، كابن حزم والغزالي، فإن كلاً منهما جعل المنطق مقدمة لكل العلوم< SUP>([9] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn9))، إلا أن انتشار قبوله والتأثربه لم يكن إلا بعد الغزالي، ولم يكن لابن حزم تأثير يذكر في انتشار المنطق.< o:p>

والمقصود بقولنا: إن صنيع الغزالي قد أثر في شيوع المنطق هو: أن الغزالي استطاع أن يحسن صورة المنطق ويروج له، وهذا أدى إلى تبني طائفة كبيرة ممن جاء بعده من العلماء لما دعى إليه، كما فعل الرازي، والآمدي، وتقي الدين السبكي، وابنه تاج الدين، والإيجي، وابن الحاجب، والتفتازاني، وغيرهم كثير، بل يكاد يجمع الأشاعرة من بعد الغزالي على تبني المنطق وقبوله، وتطور الحال عندهم حتى جعله الإيجي جزءًا لا يتجزأ من علم الكلام.< o:p>

ويرجع كون انتشار التأثر بالمنطق بعد صنيع الغزالي أكثر من صنيع ابن حزم إلى عدّة أسباب:< o:p>

السبب الأول: بُعد ابن حزم عن مركز العالم الإسلامي -العراق والشام-، بخلاف حال الغزالي، فإنه كان في تلك البقاع.< o:p>

السبب الثاني: معاداة ابن حزم للأشاعرة، فإنه كان شديدًا على الأشاعرة في نقضه لأقوالهم، وذمه لما هم عليه، فكثيرًا ما يكرر أن قول الأشاعرة في بعض المسائل كفر محض، وأنه قول اليهود والنصارى، ولما ذكر بيت الأخطل:< o:p>

إن الكلام لفي الفؤاد وإنما.:. جعل اللسان على الفؤاد دليلاً< o:p>

قال: «ملعون ملعون قائل هذا البيت، وملعون ملعون من جعل قول هذا النصراني حجّة في دين الله» < SUP>([10] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn10))، وغير هذا من الأمثلة الكثيرة التي أغلظ فيها ابن حزم على الأشاعرة.< o:p>

والمقصود أن ابن حزم كان شديدًا على الأشاعرة وهذا أضر به في انتشار مذهبه في العالم الإسلامي؛ لأن المذهب الأشعري شاع في ذلك الزمن وانتشر انتشارًا واسعًا، وهو المذهب الذي يمثله الغزالي، فكان ادعى أن يكون تأثيره أشد من ابن حزم.< o:p>

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير