السبب الثالث: شدّة< SUP> ابن< SUP> حزم، وغلظته مع< SUP> من يخالفه مطلقًا، وفي< SUP> هذا يقول< SUP> الذهبي: «لم يتأدب مع الأئمة في الخطاب، وسبَّ وجدَّع، فكان جزاؤه من جنس فعله، بحيث أنه أعرض عن تصانيفه جماعة من الأئمة وهجروها ونفروا منها ... » < SUP>([11] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn11))، وهذا بخلاف الغزالي فلم يُعرف عنه شدة مع المخالفين.< o:p>
السبب الرابع: أنه قد شاع عن ابن حزم أنه لم يفهم منطق أرسطو، ولهذا وقع في أغلاط متعددة، وفي هذا يقول ابن صاعد الأندلس: «خالف أرسطوطاليس واضع هذا العلم في بعض أصوله مخالفة من لم يفهم غرضه ولا ارتاض في كتابه، فكتابه من أجل هذا كثير الغلط بين السقط» < SUP>([12] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn12))، وكرر مثل هذا أبو حيان الأندلسي، فإنه اتهم ابن حزم بكثرة الغلط في المنطق< SUP>([13] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn13)).
وهذا بخلاف الغزالي، فإنه قد اعتمد في علوم الأوائل على كتب ابن سينا، ومن المعلوم أن ابن سينا روض علوم اليونان وجمع شتاتها، وحاول تقريبها من علوم المسلمين، وشاع عنه تمكنه في علوم أرسطوحتى كان يلقب بالشيخ الرئيس< SUP>([14] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn14)).
والغزالي اعتمد على كتبه في عرضه للمنطق، وهذا يدل عليه التوافق الكبير بين كتاب معيار العلم وكتب ابن سينا المنطقية.< o:p>
ونقل الغزالي عن ابن سينا في المنطق والفلسفة يذكره كبار القراء للغزالي، ومن هؤلاء ابن رشد، فإنه كان يعيب على الغزالي اعتماده نقل أقوال أرسطو عن طريق ابن سينا< SUP>([15] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn15))، وكذلك ابن تيمية لاحظ اعتماد الغزالي على ابن سينا في نقل أقوال أرسطو.< o:p>
والمقصود هنا: أن اعتماد الغزالي على كتب ابن سينا قوّى من شأن عرضه للمنطق من جهة صحته وصدق نقله وفهمه لكلام المناطقة.< o:p>
وقد يعترض على مثل هذا الكلام بأن الغزالي قد كفر ابن سينا وغيره من الفلاسفة، وشنّع على مذهبهم، فاعتماده على كتبهم في المنطق يؤثر في عدم قبولها لا في انتشارها.< o:p>
وهذا الاعتراض يجاب عليه بذكر السبب الخامس من الأسباب التي أثرت في انتشار تأثير الغزالي في المنطق.< o:p>
السبب الخامس: أن عرض الغزالي للمنطق لم يكن كابن حزم، لا من كثرة الإلحاح عليه، ولا من جهة المقدمات التي قدم بها لقبول هذا العلم، ولا من جهة الألفاظ التي عبر بها عن أسماء كتبه في المنطق.< o:p>
فإن الغزالي في تصنيفه لعلوم الفلاسفة جعل علم المنطق من العلوم التي لا تأثير لها في الدين، وأنه لا يتعلق بها خطأ ولا صواب في أمر ديني< SUP>([16] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn16))، وكرر في كتبه أن المنطق الموجود عند اليونان أكثره على منهج الصواب، والخطأ نادر فيه، وإنما يخالفون أهل الحق فيها بالاصطلاحات دون المعاني والمقاصد< SUP>([17] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn17))، ولهذا يذكر أن المنطق ليس مخصوصًا باليونان، بل هو موجود عند المتكلمين، ولكن لا يعبرون عنه بهذا الاسم، بل يعبرون عنه بكتاب النظر تارة، وتارة بكتاب الجدل، وتارة أخرى بكتاب مدارك العقول< SUP>([18] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn18))، وهذه المقدمات التي قررها الغزالي أثرت في قبول دعوته إلى المنطق.< o:p>
¥