تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- مبينا مذهب أهل السنة فيأفعال العباد: (والعباد فاعلون حقيقة، والله خالق أفعالهم , والعبد هو المؤمنوالكافر والبر والفاجر والمصلي والصائم، وللعباد قدرة على أعمالهم، ولهم إرادة والله خالق قدرتهم وإرادتهم، كما قال تعالى (لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (التكوير:29) ا. هـ الواسطية مع شرح هراس ص 65

وقال ابن قدامة –رحمه الله تعالى-: " ومن صفات الله –تعالى- أنه الفعال لما يريد ولا يكون شيء إلا بإرادته , ولا يخرج شيء عن مشيئته , وليس في العالم شيء يخرج عن تقديره , ولا يصدر إلا عن تدبيره , ولا محيد عن القدر المقدور , ولا يتجاوز ما خُط في اللوح المسطور , أراد مالعالم فاعلوه , ولو عصمهم لما خالفوه , ولو شاء أن يطيعوه جميعا لأطاعوه , خلق الخلق وأفعالهم , وقدر أرزاقهم وآجالهم ’ يهدي من يشاء برحمته , ويضل من يشاء بحكمته , قال تعالى (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) (الانبياء:23) وقال تعالى (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) (الفرقان:2) وقال تعالى (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) (الحديد:22) وقال تعالى (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً) (الأنعام:125) وروى ابن عمر: أن جبريل عليه السلام قال للنبي –صلى الله عليه وسلم – ما الإيمان؟ قال: (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره). فقال جبريل: صدقت. رواه مسلم وقال النبي –صلى الله عليه وسلم – (آمنت بالقدر خيره وشره حلوه ومره) ومن دعاء النبي –صلى الله عليه وسلم – الذي علمه الحسن بن علي يدعو به في قنوت الوتر (وقني شر ما قضيت) ولا نجعل قضاء الله وقدره حجة لنا في ترك أوامره واجتناب نواهيه بل يجب أن نؤمن بأن لله علينا الحجة بإنزال الكتب وبعثة الرسل قال الله تعالى (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) (النساء: 165) ونعلم أن الله سبحانه ما أمر ونهى إلا المستطيع للفعل والترك , وأنه لم يجبر أحدا على معصية , ولا اضطره إلى ترك طاعة قال تعالى (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) (البقرة:286) وقال تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (التغابن:16) وقال تعالى (الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ) (غافر:17) فدل على أن للعبد فعلا وكسبا يُجزى على حسنه بالثواب , وعلى سيئه بالعقاب , وهو واقع بقضاء الله وقدره " ا. هـ لمعة الاعتقاد /194 مطبوع ضمن الجامع للمتون العلمية.

وقال الشيخ السعدي –رحمه الله تعالى – ذاكرا شبهة الجبرية ومجيبا عنها: " إن الجميع يقولون بما جاء به الكتاب والسنة , من إثبات الأصلين: (أحدهما): الاعتراف بأن جميع الأشياء كلها - أعيانها , وأوصافها , وأفعالها - بقضاء وقدر , لا تخرج عن مشيئة الله وإرادته , بل: ما شاء الله كان , وما لم يشأ لم يكن. (والأصل الثاني): أن أفعال العباد - من الطاعات , والمعاصي , وغيرها - واقعة بإرادتهم وقدرتهم: وأنهم لم يجبروا عليها: بل هم الذين فعلوها بما خلق الله لهم: من القدرة: والإرادة. ويقولون: لا منافاة بين الأمرين: فالحوادث كلها - التي من جملتها أفعال العباد - بمشيئة الله وإرادته: والعباد هم الفاعلون لأفعالهم , المختارون لها. فهم الذين اختاروا فعل الخيرات وفعلوها , واختاروا ترك المعاصي فتركوها. والآخرون اختاروا فعل المعاصي وفعلوها , واختاروا ترك الأوامر فتركوها. فاستحق الأولون المدح والثواب , واستحق الآخرون الذم والعقاب. ولم يجبر الله أحدا منهم على خلاف مراده واختياره. فلا عذر للعاصين إذا عصوا وقالوا: إن الله قدرها علينا , فلنا بذلك العذر. فيقال لهم: إن الله قد أعطاكم المكنة والقدرة على كل ما تريدون , وأنتم - بزيغكم وانحرافكم - أردتم الشر ففعلتموه: والله قد حذركم , وهيأ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير