تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أخي محمد المبارك - إليك موضوعاً كتبته بهذا الخصوص منذ سنتين في منتدى آخر - ورأيي لم يتغير منذئذ - وربما تجد بعض العبارات مقطوعة عن أصل الموضوع لأنه كتب جواباً على سؤال ولم أرد أن آتي بكامل ذلك الموضوع إلى هذا المنتدى

بسم الله الرحمن الرحيم

لم يأت المسلمون الأوائل في عصر الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام ومن تبعهم وتابعي التابعين على ذكر كلمة التصوف - وإنما كان الزهد في الدنيا هو ديدنهم وحب الله وذكره هو شاغلهم - ولم يحتاجوا في ذلك إلى فلسفات وتأملات ولم يتصلوا بالحضارة الهندية ولا الإغريقية بل نبعت هذه السلوكيات الراقية من جوهر الإسلام البسيط

ولما دخلت أمم الدنيا في دين الله ومرت عليهم السنين - كان هناك تسامح وتواصل بين مسلمي تلك البلاد ومن اختاروا البقاء على دين الأجداد - وكان هناك التحاور والترجمة لثقافات الشعوب وكتب الحكمة القديمة - وتأثر فريق من المسلمين بهذه الكتب بدون أن يخرجوا عن جوهر الإسلام - واقتفوا آثار من سبقهم برفع تأملاتهم البشرية - التي بدت حكيمة - إلى درجة التقديس رغم انعدام الرابط بينها وبين الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم - وتميز أتباع هذا الخطاب بكونهم من فقراء المسلمين وزهادهم فكانوا أقرب إلى عموم الناس وأبعد عن الطبقة الحاكمة والثرية والمتسلطة - مما جعل لهم مكانة روحية شعبية تفوق مكانة العلماء الرسميين أو علماء السلطان وخصوصاً في العهد الأيوبي والمملوكي والعثماني

ولا ينفي ذلك المكانة الشعبية التي تمتع بها علماء كبار اختاروا العودة إلى ينابيع الاسلام الأصيلة كابن الجوزي وابن تيمية وابن القيم - ولكن الحال الغالب كان للعلماء الذين سلكوا طريق التصوف - وصار هذا المنهج عاماً لغالبية من سلك طريق العلوم الدينية والفقهية في العصور التالية

لا يوجد مقياس معين تستطيع أن تصنف به المتدينين على أنهم صوفيون أو لا، إلا ما يقولونه عن أنفسهم - ولا يمكنك ألأن تفترض أن كل متصوف يوافق ابن عربي والحلاج في جميع ما نقل عنهما وما ذكر في كتبهما من مقولات توافق الفلسفة الهندية والإشراقية سواء كان حقاً أو مدسوساً

تستطيع فقط أن تفترض انتماء شخص ما إلى التصوف من خلال اتباعه لطريق ما في الزهد والتقوى وذكر الله وعبادته والسلوك العام - واتصال هذا الشخص بمجموعة من المتصوفة

بالإضافة لما سبق هناك مؤثرات خفية ترتبط بسلوك بعض المتصوفة لم يعلمها الناس في الماضي ولكن بينها العلم الحديث

حالات الكشف أو الإشراق المرتبطة بالخلوات الطويلة والصيام الطويل لها أسباب عضوية وفيزيولوجية لم تكن معلومة فيما سبق

كان من شروط الكشف والصفاء الروحي أن يدخل الإنسان في خلوة طويلة مع صيام طويل وإرهاق جسدي وأن يمر بمراحل من التواضع وكسر النفس حتى يصل المريد إلى حالة الكشف حيث يحدثه المشايخ الراحلين أو النبي أو حتى الملائكة ومن فوقهم - ولا يختلف هذا الحال بين الديانات السماوية الثلاث أو الديانات الشرقية الآسيوية التي يعتبرها الإسلام وثنية - بعد ذلك يحصل الإشراق أو الكشف ويرتفع ذهن المريد وتسمو نفسه إلى العلياء وترسخ في عقله عبارات الحكمة والرؤى المستقبلية ...

اكتشف العلماء الغربيين حالات مشابهة لذلك في العصر الحديث وفي صميم المجتمعات الغربية اللادينية وكان لهم توصيف آخر لهذه الحالة .. ولكن كيف تم ذلك؟

اسم الحالة أنوريكسيا أو بوليميا - وترجمتها العربية إدمان الجوع، وهي حالة تحصل لدى أشخاص شديدي الحساسية ولديهم وسواس قهري بأنهم بدينين وقبيحين - فيحاولون تقليل طعامهم حتى يصلوا إلى الإغماء - هذه هي البداية فقط

وبعد فترة من هذه الممارسة ولأن الجوع يسبب آلام عضلية وجسدية شديدة يبدأ الدماغ البشري بإفراز مواد مسكنة تدعى مورفينات الدماغ بكميات أكثر من المعتاد - هذه المورفينات بالإضافة إلى مفعولها المسكن تؤدي إلى هلوسات سمعية وبصرية من نوع غريب فيرى الشخص أطيافاً وأشباحاً وسماوات وأرضين - وهذا المخدر الخفيف يؤدي إلى الشعور بالنرجسية والسمو فوق الآخرين إلى درجة ازدراءهم ورفض كل ما لا ينبع من داخله - وعند الخروج من هذه الحالة يتذكر المصاب بها ما حدث فيها على أنه وقائع وليس أخيلة ويكون متأكداً مثلاً أنه طار إلى السماء ومشى على الماء ورأى بوذا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير