تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قرر شيخ الإسلام أنه ما من شيئين إلا وبينهما قدر مشترك يشتركان فيه, وقدر مختص يتميز به كل واحد عن الآخر فيشتبهان من وجه ويفترقان من وجه. فالحياة مثلا وصف مشترك بين الخالق والمخلوق، لكن حياة تختص به فهي حياة كاملة من جميع الوجوه لم تسبق بعدم ولا يلحقها فناء؛ بخلاف حياة المخلوق فإنها حياة ناقصة مسبوقة بعدم متلوة بفناء (). ويقال أيضاً: الاشتراك في الأسماء والصفات لا يستلزم تماثل المسميات والموصوفات كما تقرر سابقاً، ثم إنه منقوض بما أثبتوه من صفات الله، فإنهم يثبتون لله تعالى الحياة والعلم والقدرة والإرادة والكلام والسمع والبصر، مع أن المخلوق متصف بذلك؛ فإثباتهم هذه الصفات لله تعالى مع اتصاف المخلوق بها مستلزم للتشبيه على قاعدتهم ().

عاشراً: قال في (ص11) من "نقض التدمرية": لقد عرفنا أن مذهب ابن تيمية هو التجسيم لله تعالى، فهو يقول إن الله في جهة ومستقر على العرش بمماسة ويتحرك نزولاً وصعوداً وتحل الحوادث في ذاته.

قلت: وهذا من تلبيسه وقلبه للحقائق، أما التجسيم فأراد به نفي صفات الله الخبرية, والجهة أراد بها نفي العلو, والمماسة يأتي تقرير شيخ الإسلام لمباينة الله لخلقه, وحلول الحوادث أراد به نفي أفعال الله الاختيارية.

حادي عشر: اتهم شيخ الإسلام بوحدة الوجود، قال في "نقض التدمرية" (ص36): وأما ابن تيمية فلم يتميز عن أصحاب المذهب الثاني من القائلين بوحدة الوجود, ويمكن تسميتها بوحدة الوجود الطبيعية إلا بالقول بكثرة الوجود.

قلت: كبار المنتسبين إلى مذهب الأشاعرة هم الذين نُسبوا إلى مذهب وحدة الوجود أما شيخ الإسلام فقد برأه الله فكتبه تمتلئ بالرد على هؤلاء.

ثاني عشر: كذب على شيخ الإسلام أنه يقول: الله يمكن أن يحس به بسائر الحواس الخمسة وهي: السمع والبصر واللمس والشم والذوق، هذا هو الأصل ولكن إذا كان ابن تيمية يفهم حقيقة الشم والذوق كذا قال في كاشفه (ص52).

قلت: مع أن شيخ الإسلام ليس كلامه موضع تقرير لمذهب أهل السنة, وإنما هو ناقل لأقوال الطوائف والفرق كما سيأتي بيانه وتجاهل أن هذا قول لبعض الأشاعرة.

قال البيجوري (ص122) ناقلاً الخلاف بين علماء الأشاعرة هل يدرك الله؟ "وقد اختلف أيضا في كونه مُدركا أولا تبعاً للاختلاف في الإدراك"!

ثالث عشر: نسب إلى شيخ الإسلام قوله بحوادث لا أول لها موجبة بالذات كما في (ص97) من "كاشفه".

قلت: وسيأتي بيان تدليسه.

رابع عشر: قال في كتابه "الفرق العظيم" (ص13): متهماً أهل السنة، أنهم يقولون عن الله: "مثل الإنسان لكنه أكبر"!

قلت: هل يتصور له شكلاً معيناً مثل الإنسان لكنه أكبر مما نراه كما يقوله المشبهة .. ؟! والمشبهة في نظره هم أهل السنة الذين بثبتون صفات الله وعلى رأسهم شيخ الإسلام، وهو يسميهم بالحشوية والمجسمة أيضا.

خامس عشر: قال في "شرح السنوسية" (ص63): والذين ينتسبون إلى السلف بالاستواء فهم يقولون إن الله مستو على العرش بمعنى استقر عليه بمماسة وهو نفس معنى الجلوس .. ! ثم قال: ولعلك تستغرب جداً عندما تعلم أن ابن تيمية يثبت لله الأمرين؛ أعني أنه يثبت لربه أنه جالس مستو على العرش ومستقر عليه بمماسة .. !

قلت: ونحن نطالبه بالنص في إثبات ذلك على ما ذكر.

سادس عشر: نقل قول السبكي مقراً له في قوله أن الصحابة والتابعين كانوا على عقيدة الأشعري. قال في "بحوث في علم الكلام" (ص39): قال السبكي: إن الصحابة ومن تبعهم بإحسان من علماء الأمة فقهائها ومحدثيها على عقيدة الأشعري بل الأشعري على عقيدتهم قام وناضل عنها وحمى حوزتها من أن تنالها أيدي المبطلين.

ونحن نقول: {ستكتب شهادتهم ويسألون}.

وإليك ما نقله ابن حجر في "الفتح" (13/ 417) عن بعض السلف: قال: وقد نقل أبو إسماعيل الهروي في كتاب "الفاروق" بسنده إلى داود بن علي بن خلف قال: كنا عند أبي عبد الله بن الأعرابي يعني محمد بن زياد اللغوي، فقال له رجل {الرحمنُ عَلى العَرشِ استوى} فقال: هو على العرش كما أخبر قال: يا أبا عبد الله إنما معناه استولى، فقال: اسكت لا يقال استولى على الشيء إلا أن يكون له مضاد.

ومن طريق محمد بن أحمد بن النضر الأزدي سمعت ابن الأعرابي يقول: أرادني أحمد بن أبي داود أن أجد له في لغة العرب {الرحمنُ عَلى العَرشِ استوى} بمعنى استولى فقلت: والله ما أصبت هذا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير