تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فيفيد مجموع خبرهما القطع بصحة ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فتح الباري 12/ 302

وكانت بدعة الخوارج هي أول البدع ظهوراً وأكثرها تأثيراً وأشدها ضرراً على وحدة الصف ولا حول ولا قوة إلا بالله

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

فكان من أول البدع والتفرق الذي وقع في هذه الأمة، بدعة الخوارج المكفرة بالذنب؛ فإنهم تكلموا في الفاسق المِلِّيّ، فزعمت الخوارج والمعتزلة أن الذنوب الكبيرة، ومنهم من قال: والصغيرة لا تجامع الإيمان أبدًا، بل تنافيه وتفسده، كما يفسد الأكل والشرب الصيام، قالوا: لأن الإيمان هو فعل المأمور، وترك المحظور، فمتى بطل بعضه بطل كله كسائر المركبات.

ثم قالت الخوارج: فيكون العاصي كافرًا؛ لأنه ليس إلا مؤمن وكافر، ثم اعتقدوا أن عثمان وعليا وغيرهما عصوا، ومن عصى فقد كفر، فكفروا هذين الخليفتين وجمهور الأمة. وقالت المعتزلة بالمنزلة بين المنزلتين، أنه يخرج من الإيمان ولا يدخل في الكفر.

وقابلتهم المرجئة، والجهمية، ومن اتبعهم من الأشعرية والكرامية. فقالوا: ليس من الإيمان فعل الأعمال الواجبة، ولا ترك المحظورات البدنية، والإيمان لا يقبل الزيادة والنقصان، بل هو شيء واحد يستوي فيه جميع المؤمنين، من الملائكة، والنبيين، والمقربين، والمقتصدين، والظالمين.

ثم قال فقهاء المرجئة: هو التصديق بالقلب واللسان، وقال أكثر متكلميهم: هو التصديق بالقلب. وقال بعضهم: التصديق باللسان. قالوا: لأنه لو دخلت فيه الواجبات العملية لخرج منه من لم يأت بها كما قالت الخوارج، ونكتة هؤلاء جميعهم: توهمهم أن من ترك بعض الإيمان فقد تركه كله.

وأما أهل السنة والجماعة ـ من الصحابة جميعهم والتابعين، وأئمة أهل السنة وأهل الحديث، وجماهير الفقهاء والصوفية، مثل مالك والثوري، والأوزاعي، وحماد بن زيد، والشافعي، وأحمد بن حنبل وغيرهم، ومحققي أهل الكلام- فاتفقوا على أن الإيمان والدِّين قول وعمل. هذا لفظ السلف من الصحابة وغيرهم، وإن كان قد يعني بالإيمان في بعض المواضع ما يغاير العمل، لكن الأعمال الصالحة كلها تدخل ـ أيضًا ـ في مسمى الدين، والإيمان، و يدخل في القول قول القلب واللسان، وفي العمل عمل القلب والجوارح.

وقال المفسرون لمذهبهم: إن له أصولا وفروعا، وهو مشتمل على أركان وواجبات ـ ليست بأركان ـ ومستحبات، بمنزلة اسم الحج والصلاة وغيرهما من العبادات؛ فإن اسم الحج يتناول كل ما يشرع فيه من فعل وترك، مثل الإحرام وترك محظوراته، والوقوف بعرفة ومزدلفة ومنى والطواف ببيت الله الحرام، وبين الجبلين المكتنفين به، وهما الصفا والمروة.

ثم الحج مع هذا مشتمل على أركان، متى تركت لم يصح الحج، كالوقوف بعرفة، وعلى ترك محظور متى فعله فسد الحج، وهو الوطء. ومشتمل على واجبات، من فعل وترك، يأثم بتركها عمدًا، ويجب مع تركها ـ لعذر أوغيره ـ الجبران بدم، كالإحرام من المواقيت المكانية والجمع بين الليل والنهار بعرفة، وكرمي الجمار ونحو ذلك، وكترك اللباس المعتاد، والتطيب والصيد وغير ذلك. ومشتمل على مستحبات من فعل وترك يكمل الحج بها، فلا يأثم بتركها، ولا يجب دم، مثل رفع الصوت بالإهلال والإكثار منه، وسوق الهدى، وذكر الله، ودعائه في الطواف، والوقوف وغيرهما، وقلة الكلام إلا في أمر بمعروف، ونهي عن منكر، أو ذكر الله ـ تعالى ـ فمن فعل الواجب، وترك المحظور، فقد أتم الحج والعمرة لله، وهو مقتصد من أصحاب اليمين في هذا العمل.

لكن من أتى بالمستحب فهو أكمل منه وأتم منه حجًا، وهو سابق مقرب، ومن ترك المأمور، وفعل المحظور، لكنه أتى بركنه، وترك مفسده فهو حاج حجا ناقصا، يثاب على ما فعله من الحج، ويعاقب على ما تركه، وقد سقط عنه أصل الفرض بذلك، مع عقوبته على ما تركه، ومن أخل بركن الحج أو فعل يُفسِده فحجه فاسد لا يسقط به فرض، بل عليه إعادته، مع أنه قد يتنازع في إثابته على ما فعله، وإن لم يسقط به الفرض، والأشبه أنه يثاب عليه.

فصار الحج ثلاثة أقسام: كاملا بالمستحبات، وتاما بالواجبات فقط، وناقصا عن الواجب.

والفقهاء يقسمون الوضوء والغسل إلى كامل ومجزئ، لكن يريدون بالكامل ما أتى بمفروضه ومسنونه، وبالمجزئ ما اقتصر علي واجبه، فهذا في [الأعمال المشروعة]. وكذلك في [الأعيان المشهودة]،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير