تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

؟ أم نحتاج إلى استقراء يدل على أن هذا دأبهم ودينهم وهجّيراهم؟ الذي يظهر لي أن العبرة بإجماع السلف، وعليه، فمن الخطأ مثلاً أن تقول كما في رسالتك: السلف يقولون: ما ولد في الإسلام مولود أشأم من أبي حنيفة .. هل أفراد السلف معصومون من الهوى الظاهر أو الخفي؟ هم ولا شك من القرون المشهود لها بالخيرية , لكن الأصوليين مختلفون في قول الصحابي إذا لم يوجد ما يعارضه، هل يكون حجة أم لا؟ والأقرب أنه ليس بحجة بذاته، فكيف بمن بعدهم؟ وهذه الكلمة منسوبة للأوزاعي وسفيان، ورويت عن مالك ولا تصح عنه كما في (السنة) لعبد الله بن أحمد.وهي من الباطل بكل حال، فإنه لا شؤم في الإسلام، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التطير، انظر ما رواه البخاري (5755)، ومسلم (2223) وغايته لو صح أن يكون من كلام الأقران الذي يطوى ولا يروى، ولا يصح عن أبي حنيفة بدعة تخرجه عن السنة،وقد ثبت عنه إنكار القول بخلق القرآن، ورأيه في مسألة الإيمان لا يوافق قول المرجئة، ولهذا سماهم بعض الأئمة بمرجئه الفقهاء، وقد تلقت الأمة علمه بالقبول، وصار جمهور عريض من المسلمين يقلدون مذهب أبي حنيفة، ويعتقدون إمامته، ويقدمونه على غيره من الأئمة، وهذا من الثناء الحسن والشهادة الطيبة له ولإخوانه من بقية الأربعة وغيرهم.ثانياً: وما كان عليه السلف تبعاً لما كان عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه – رضي الله عنهم - فهو ينقسم قسمين:أحدهما: ما هو شريعة محكمة قائمة في سائر الظروف والأحوال، لا تتغير ولا تتبدل، كأركان الإيمان والإسلام، وهذا مطلوب من كل من يجب عليه بغض النظر عن تغير الأحوال.والثاني: ما هو مرتبط بحال دون حال، فيكون له في كل حال حكم،ومن أظهر أمثلة هذا باب المجاهدة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما يتفرع عنها، فهذا يختلف حكمه في حال الكثرة والقوة والظهور عنه في حال القلة والضعف والخفاء.والموقف من أهل البدعة هو من هذا الباب، فحين كانت البدع في أول ظهورها ولم يكن لها رواج وانتشار رأى الأئمة في الشدة على أهلها نوعاً من الهجر الذي يمنع الأخذ عنهم فأغلظوا عليهم، ومنعوا من مناظرتهم ومجادلتهم، خصوصاً في مواطن انتشار السنة كالحجاز وبعض الأمصار المشرقية، وكانوا في بعض بلاد ما وراء النهر أخف عليهم بسبب ظهور بعض البدع وغلبة أهلها كثرة ورياسة.وهكذا لما تفشت هذه المقالات بين المسلمين، عامتهم وخاصتهم، علمائهم وأمرائهم وجد العلماء الأثريون أنفسهم محتاجين لتحقيق المصلحة الشرعية إلى مناظرة أهل المقالات ومحاجتهم، وإلى استعمال لهجة أخرى معهم تناسب المقام، وهذا ما صنعه شيخ الإسلام، ولقي في سبيله عنتاً.ثالثاً: وهكذا الشأن في التعامل مع الطوائف والفرق، يراعى فيه الفرق بين الطوائف الكبيرة الشهيرة الكثيرة الأتباع، ذات التقعيد والتأصيل، وبين الطوائف الضعيفة المحدودة، كما يراعى الفرق بين الأئمة العظام ذوي الفضل والنبل في الإسلام كالحافظ ابن حجر، والإمام النووي -عليهما رحمة الله ورضوانه-، وما لهم من قدم الصدق في نشر السنة والعلم والخير، وبين من ليس كذلك.وقد يفسر بهذا جراءة البعض على الكرّامية بما لا يجرؤون به على الأشاعرة؛ لخمول الأولين وقلتهم، وضآلة شأنهم،وأنه يندر من المشاهير الكبار من ينتسب إليهم.وهذا داخل أيضاً في باب المصالح والمفاسد الشرعية.رابعاً: العالم الواحد يتكلم في أحوال شتى، تعرض له وتشغله، فقد تعتريه الأمراض البدنية المؤثرة، والحالات المعنوية من الهم والغم والحزن والغضب وغيرها.وقد " نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقضي القاضي وهو غضبان " كما في حديث أبي بكرة – رضي الله عنه - الذي أخرجه أبو داود (3589)، والترمذي (1334)، والنسائي (5421)، وابن ماجة (2316)، كما نهى عن صلاة المرء وهو يدافع الضرورة، انظر ما رواه مسلم (560) من حديث عائشة – رضي الله عنها - لما في هذا وذاك من الشغل الملهي عن الاستحضار والخشوع.وكتاب كالسير، أو تاريخ الإسلام، أو غيرها من المصنفات الجليلة الضخمة يستنفذ من مؤلفه أزمنة طويلة،لا يكون في جميعها على حال واحد، ومن مبالغات الشعراء قول المتنبي لسيف الدولة: وحالات الزمان عليك شتى وحالك واحد في كل حال وهذا يدرك حقيقته وتأثيره كل من جرّب وعانى شيئاً من الكتابة، أو التصنيف، أو البحث، فكيف بالمطولات؟ ولهذا لا يحسن حصار الشيخ بالمتقابلات التي يفترض القارئ أو الناقد أن تجري كلها على سنن الوفاق والانسجام. هذه خطرات ونظرات تخطئ وتصيب، فانظر فيها ولا تشغل نفسك كثيراً بهذا، فلعل لديك من هموم العلم والعمل ما هو أجدر وأجدى.

http://www.islamtoday.net/pen/show_question_*******.cfm?id=3912

ـ[أبو القاسم المقدسي]ــــــــ[16 - 02 - 07, 10:09 م]ـ

كلام مسدّد من الشيخ الجليل الفقيه سلمان

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير