ويقال لك ثانيا: إن كان مجرد الإمكان موجبا لكون الممكن مقارنا للواجب لزم أن يكون كل ما يمكن وجوده أزليا، وهذا مكابرة للحس والعقل.
301
فأنتم [الفلاسفة] بين أمرين: إما سلب الإرادة عن العالم القديم، وإما إثباتها للأول القديم. وأيهما قلتم بطل قولكم ببطل قولكم
302
يبين ذلك أن الحركة ثلاثة: الطبيعية والقسرية والإرادية، فالقسرية تابعة للقاسر، والطبيعية لا تكون إلا إذا خرج الجسم عن مركزه، فيميل بطبعه إلى مركزه، فكلاهما عارضة، وإنما الحركة الأصلية هي الإرادية.
313
ويقال للذهب: قاتول [كذا]
334
فمن كان له نظر ثاقب في هذه الأمور عرف حقيقة الأمر، ومن كان لا يفهم بعض الدقيق من كلامهم، كفاه أن يعلم أن هؤلاء النظار يقدح بعضهم في أدلة بعض، وأنهم لم يتفقوا على مقدمتين عقليتين، ولا مقدمات ولا مقدمة واحدة يمكن أن يستنتج منها دليل عقلي، يصلح لمعارضة أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم، بل إن اتفقوا على مطلوب كاتفاق طائفة من أهل الكلام وطائفة من أهل الفلسفة على نفي العلو مثلا – فهؤلاء يثبتون ذلك وينفون التجسيم بدليل الأعراض، والآخرون يطعنون في هذا الدليل ويثبتون فساده في العقل، وهؤلاء يثبتون ذلك بدليل نفي التركيب العقلي، وأولئك يثبتون فساد هؤلاء، فصار هذا بمنزلة من ادعى حقا وأقام عليه بينتين، وكل بينة تقدح في الأخرى، وتقول: / إنها كاذبة فيما شهدت به، وتبدي ما يفسد شهادتها، وأنها غير صادقة، فلا يمكن ثبوت الحق بذلك، لأنا إن صدقنا كلا منهما فيما شهدت به من الحق وفي فسق أولئك الشهود لزم أن لا تقبل شهادة أولئك الشهود، فلا تقبل شهادة لا هؤلاء ولا هؤلاء، فلا يثبت الحق. وإن عينا إحدى البينتين بالقبول أو قبلنا شهادتهما في الحق دون جرح الأخرى، كان تحكما.
338
قلت: المعلوم بنفسه أنه لا يكون المفعول الواحد بعينه فعلا لفاعلين على سبيل الاستقلال ولا التعاون، ولا يكون المعلول الواحد بالعين معلولا لعلتين مستقلتين ولا متشاركتين، وهذا مما لا ينازع فيه أحد من العقلاء بعد تصوره
341
ولهذا منع في شريعتنا من إضافة الرب إلى المكلفين، كما قال صلى الله عليه وسلم: لا يقل أحدكم اسق ربك أطعم ربك.
/ بخلاف إضافته إلى غير المكلفين، كقول النبي صلى الله عليه وسلم لمالك بن عوف الجشمي: أرب إبل أنت أم رب شاء؟ وقولهم: رب الثوب والدار.
344
وأن إثبات ربين للعالم لم يذهب إليه أحد من بني آدم، ولا أثبت أحد إلهين متماثلين، ولا متساويين في الصفات ولا في الأفعال، ولا أثبت أحد قديمين متماثلين، ولا واجبي الوجود متماثلين.
346
لكنهم [الثنوية] جهال أرادوا تنزيه الرب عن فعل شر معين، فجعلوه فاعلا لأصل الشر، ووصفوه بالفكرة الرديئة التي هي من أعظم النقائص، وجعلوها سببا لحدوث أصل الشر.
346
ولذلك من قال من الملاحدة كمحمد بن زكريا الرازي الطبيب / وأمثاله الذين اتبعوا قول طائفة من الملاحدة الفلاسفة القائلين بالقدماء الخمسة التي هي: واجب الوجود، والنفس، والهيولى، والدهر، والخلاء، وأن سبب حدوث العلم أن النفس تعلقت بالهيولى، فلم يمكن واجب الوجود أن يخلصها منها حتى تمتزج بالعالم، فتذوق ما فيه من الشرور.
349
فإن اختلاف الأفعال يمنع أن يكون المفعول واحدا والعالم واحدا
[المحقق: في الأصل: واحد، وهو خطأ]
[قلت: بل هو الصواب]
354
قلت: بل الذي ذكره النظار عن المتكلمين، الذي سموه دليل التمانع، برهان تام على مقصودهم. وهو امتناع صدور العالم عن اثنين، وإن كان هذا هو توحيد الربوبية.
357
كما لو قيل: لا يوجد هذا حتى يوجده هذا، ولا يوجد هذا حتى يوجده الآخر، فإن هذا محال ممتنع في صريح العقل، ولم ينازع العقلاء في امتناع ذلك، وهذا يسمى الدور القبلي.
بخلاف ما إذا قيل: لا يكون هذا إلا مع هذا، ولا هذا إلا مع هذا، كالأمور المتلازمة، فإن هذا يسمى الدور المعي الاقتراني.
وذلك جائز، كما إذا قيل: ذات الرب لا تكون إلا مع صفاته اللازمة لها، وصفاته اللازمة لها لا تكون إلا مع ذاته
369
فإن الشريكين قد يتهابّان بالمكان وقد يتهابّان بالزمان.
[المحقق: يتهابان كذا بالأصل، ولم أدر ما المقصود بذلك]
373
والحركات ثلاثة: طبيعية وقسرية وإرادية
376
فيمتنع أن يكون المرادَيْن [كذا] مستقلين بالإرادة
377
¥