تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تناقض الأشاعرة في مسألة الرؤية]

ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[26 - 03 - 09, 02:14 م]ـ

[تناقض الأشاعرة في مسألة الرؤية]

إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل الله فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:

من المسائل التي خلط فيها أهل الكلام مسألة رؤية الحق تبارك وتعالى؛ وسبب هذا التخليط إنكارهم لصفات الله تبارك وتعالى والتي اصطلحوا على تسميتها بالجسمية؛ فأرادوا الجمع بين إثبات الرؤية وبين نفي الصفات وإنكار العلو فقالوا بتعلق الرؤية بكل الموجودات فلزم على قولهم أن تبصر الأصوات وسائر المحسوسات الخمس ثم سلموا أن الألوان ممكنة أن تسمع والأصوات ممكنة أن ترى إلى آخر تخليطهم كما سيأتي.

أولا: أنكر المعتزلة رؤية الله والسبب في ذلك أنهم اعتقدوا انتفاء الجسمية (أي نفي الصفات) عن الله وإذا انتفت الجسمية انتفت الجهة وإذا انتفت الجهة انتفت الرؤية.

نقل شيخ الإسلام عن ابن رشد في كتابه الكشف قوله: ولذلك أنكرها المعتزلة وردت الآثار الواردة في الشرع بذلك مع كثرتها وشهرتها فشنع الأمر عليهم وسبب وقوع هذه الشبهة في الشرع أن المعتزلة لما اعتقدوا انتفاء الجسمية عنه سبحانه وتعالى واعتقدوا وجوب التصريح بها لجميع المكلفين ووجب عندهم إذا انتفت الجسمية أن تنتفي الجهة وإذا انتفت الجهة انتفت الرؤية إذ كل مرئي في جهة من الرائي فاضطروا لهذا المعنى إلى رد الشرع المنقول وأعلوا الأحاديث أنها أخبار آحاد وأخبار الآحاد لا توجب العلم مع أن ظاهر القرآن معارض لها؛ أعني قوله تعالى {لا تدركه الأبصار}

بيان تلبيس الجهمية (2

438)

ثانيا:وأما الأشاعرة فأرادوا الجمع بين رؤية الله وبين نفي الصفات (الجسمية) عن الله فوقوا في تناقض ظاهر وأضحكوا الناس على عقولهم.

قال ابن رشد: وأما الأشعرية فراموا الجمع بين الاعتقادين أعني بين انتفاء الجسمية وبين جواز الرؤية لما ليس بجسم بالحس فعسر ذلك عليهم ولجؤوا في ذلك إلى حجج سوفسطائية مموهة أعني الحجج التي توهم أنها حجج وهي كاذبة.

وهذا بيان لتناقضهم:

1 - أجابوا على قول المعتزلة أن كل مرئي فهو في جهة من الرائي فمنهم من قال إن هذا إنما هو حكم الشاهد لا حكم الغائب وإن هذا الموضوع ليس هو من المواضع التي يجب فيها نقل حكم الشاهد إلى الغائب وأنه جائز أن يرى الإنسان ما ليس في جهة.

2 - وقد رد عليهم ابن رشد بقوله: وهؤلاء اختلط عليهم إدراك العقل مع إدراك البصر فإن العقل هو الذي يدرك ما ليس في جهة أعني في مكان وأما إدراك البصر فظاهر من أمره أن من شرطه أن يكون المرئي منه في جهة ولا في كل جهة فقط بل في جهة ما مخصوصة ولذلك ليس تتأتى الرؤية بأي وضع اتفق أن يكون البصر من المرئي بل بأوضاع محدودة وشروط محدودة أيضا.

3 - قال ابن رشد: وقد رام أبو حامد في كتابه المعروف بالمقاصد أن يعاند هذه المقدمة أعني كل مرئي في جهة من الرائي بأن الإنسان يبصر ذاته في المرآة وأن ذاته ليست منه في جهة غير جهة مقابلة وذلك أنه لما كان يبصر ذاته وكانت ذاته ليست تحل في المرآة التي في الجهة المقابلة فهو يبصر ذاته في غير جهة.

4 - قال ابن رشد: وهذه مغالطة فإن الذي يبصر هو خيال ذاته والخيال منه هو في جهة إذ كان الخيال في المرآة والمرآة في جهة.

5 - وأما حجتهم التي أتوا بها في إمكان رؤية ما ليس بجسم فإن المشهور عنهم في ذلك حجتان:

إحداهما: وهي أشهر عندهم ما يقولونه من أن الشيء لا يخلو أن يرى من جهة ما هو متلون أو من جهة أنه جسم أو من جهة أنه لون أو من جهة أنه موجود وربما عددوا جهات أخر غير هذه الموجودة ثم يقولون وباطل أن يرى من قبل أنه جسم إذ لو كان ذلك كذلك لما رئي اللون وباطل أن يرى لمكان أنه لون إذ لو كان كذلك لما رئي الجسم وإذا بطلت جميع هذه الأقسام التي تتوهم في هذا الباب فلم يبق أن يرى الشيء إلا من قبل أنه موجود.

بيان تلبيس الجهمية (2

438)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير