تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مدرسة الفقهاء الحنابلة في اليمن. . .]

ـ[العوضي]ــــــــ[17 - 03 - 09, 07:07 م]ـ

مدرسة الفقهاء الحنابلة في اليمن

(ملخص من عرض لكتاب: مقدمة في دراسة الاتجاهات الفكرية والسياسية في اليمن فيما بين القرن الثالث والخامس الهجري، للدكتور: أحمد عبد الله عارف).

تناوبت على اليمن منذ دخولها في الإسلام عدد من المذاهب والاتجاهات الفكرية العقدية والفقهية، وكان فقهاء اليمن متبايني الاتجاهات المذهبية فهنالك المالكي و الحنفي و الشافعي، وأما المذهب الحنبلي فلم يكن له نصيب من التواجد الفقهي في اليمن، لأنه لم يثبت أنّ أحداً من اليمن تتلمذ على الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله.

ويقصد بـ (الفقهاء الحنابلة) في البحث أي في العقيدة ومسائل أصول الدين، وليس في الفروع والفقه. و إنما سموا بـ (الحنابلة) من تلك الناحية فقط، لأنهم تبعوا عقيدة الإمام احمد بن حنبل في مسائل أصول الدين، باعتبار أن الإمام أحمد بن حنبل يعتبر خليفة في تأصيل عقيدة السلف الصالح، ونظراً لجهوده في مواجهة المتكلمين وخاصة المعتزلة، و كذلك لما تتسم به عقيدة السلف التي حمل لواءها الإمام أحمد من البساطة واليسر ووضوح الرؤية دون تكلف وتعمق بخلاف ما هي عليه عند المعتزلة.

وأما سبب تسميتهم بـ (الفقهاء) فهي نتيجة لاهتمامهم باقتفاء المسائل الفرعية و خاصة الفقه. وتسمية كل من كان على منهج أهل السنة في العقيدة بـ (الحنبلي) أمر شائع وعام، ويطلق على كل من اعتقد معتقده بالذات في الصفات والقول بعدم خلق القرآن، و إن لم يكن حنبلي الفقه والفروع.

ولكن أرى أن التسمية بـ (أهل السنة) أولى و أحسن، وخصوصاً على (الفقهاء الحنابلة) في اليمن وذلك لأنّ التسمية بـ (أهل السنة) تسمية ومصطلح شرعي، ورد به الدليل من السنة و الأثر عن السلف من الصحابة والتابعين، وكذلك أن منهج أهل السنة في اليمن قديم وكان موجوداً قبل مجيء وظهور الإمام أحمد بن حنبل، حيث عرف أهل اليمن عقيدة أهل السنة عن طريق الصحابة مباشرة كعلي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل وأبي موسى الأشعري عندما بعثهم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، وكان أهل اليمن يعتقدون ذلك المعتقد وهو الأصل فيهم إلى أن جاءت بعد ذلك الفرق العقدية المتأخرة بعد القرن الثالث الهجري كالصوفية والزيدية والإسماعيلية وغيرها فحصل التمايز بالألقاب، ومع ذلك استمر المنهج السني في اليمن على الرغم من مزاحمة المناهج العقدية الأخرى إلى وقتنا الحاضر.

أيضاً يقال أن ما كان عليه الإمام أحمد من معتقد لم يتفرد به، بل هي عقيدة سائر أئمة أهل السنة وأصحاب الحديث، وعلى رأسهم الائمة أبو حنيفة ومالك والشافعي. فالتسمية بـ (الحنابلة) تشعر بوجود فصل بين ما عليه أهل السنة في الاعتقاد وبين ما عليه الإمام أحمد مع أن الكل يدين بعقيدة واحدة فلا وجه للفصل بينهم.

وأما علاقة مدرسة الفقهاء الحنابلة في اليمن بكل من علم الكلام، والصوفية، والزيدية والإسماعيلية. فقد كانت العلاقة في الجملة علاقة سلبية تتسم بالعداء والنفرة والإعراض، ظهرت في صورة معارك كلامية و مناظرات جدلية بين الفقهاء وأصحاب المدارس والاتجاهات الأخرى. وكان للمناخ السياسي دور كبير في تحديد الغلبة والتمكين لأحد هذه الاتجاهات، و ذلك لتعاقب الدول والممالك على الخارطة السياسية اليمنية و التي كانت تتبنى فكر ومعتقد هذه المدارس كدولة بني نجاح التي ساندها الفقهاء في وجه الدولة الإسماعيلية الباطنية، و دولة الأئمة الزيدية التي ساهمت بشكل قوي في نشر الفكر الزيدي في شمال اليمن في مقابل تقليص ومحاربة انتشار المد السني الذي انتشر وغلب على جنوب اليمن ووسطه وغربه.

هذا وقد كان لهؤلاء الفقهاء الحنابلة وجود كبير ومؤثر في الساحة اليمنية، وكانت لهم مؤلفات ومصنفات في العقيدة والرد على خصومهم من الفرق الأخرى. و من الأمثلة على ذلك الشيخ العلامة يحيى بن أبي الخير العمراني الشافعي (489 - 558هـ) صاحب كتاب (الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار) حيث يمثل العمراني رأس أهل السنة في اليمن في القرن السادس، فقد تبنى منهج وعقيدة أهل السنة ودافع عنها وكافح وألف وناظر وخرّج الطلاب عليها، وقد عني بالرد على المعتزلة حين وفودهم إلى اليمن يمثلهم القاضي جعفر بن عبد السلام ألمعتزلي (ت 576هـ) فألف كتابه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير