تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[التبرك بآثار النبي بين المشروع والممنوع ـ عايض بن سعد الدوسري]

ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[28 - 02 - 09, 09:11 ص]ـ

(المصريون): بتاريخ 27 - 2 - 2009

* (كتبَ الأستاذ (زهير كتبي) مقالة بعنوان بـ (التبرك بآثار سيدنا محمد مشروع وسنة مأثورة) ونُشرت في صحيفة الوطن السعودية في العدد (3045)، وقد أرسلتُ ردي هذا للصحيفة، لكنها للأسف لم تنشره!)

قبل أن أبدأ في التعليق التفصيلي على ما كتبه أخي الكريم (زهير)، أود أولاً أن أسجل شكري وتقديري لأخي الفاضل (زهير) على ما تضمنه مقاله من أمور صحيحة، وما فاض منه من محبة لرسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، ولا شك أن محبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فرضٌ لازمٌ لا يكون الإسلام إلا به، ومكانة نبينا الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم لا تعدلها مكانة، وحبه مغروسٌ في أفئدة أهلِ الإيمان، تتجمل به القلوب وتتزين به الصدور، صلى الله عليه وآله وسلم.

وأعظم ما تكون هذه المحبة حين يلتزم المحب في التعبير عنها بما جاءت به سنة المحبوب صلى الله عليه وآله وسلم؛ إذ الاتباعُ له هو أعظم برهانٍ على محبته محبةً حقيقيةً شرعيةً. ولأجل هذه النقطة بالذات أحببتُ التعليق على بعض ما كتبه الأخ زهير وفقه الله حول التبرك بآثار النبي –صلوات الله وسلامه عليه-، فقد لحظت في كلام الأخ زهير أمرين اثنين:

الأمر الأول: أن أخي (زهيراً) يستدل بما لا يكون مطابقًا مع دليله، فأدلة التبرك الصحيح يستدل بها على التبرك الممنوع، بل أحياناً يكون الدليل معاكسًا للاستدلال، كما في قصة عمر رضي الله عنه مع الحجر الأسود، وتأتي.

الأمر الثاني: أن الأخ الكريمَ يُطلق دعاوى عريضة ومُطلقة بدون دليلٍ، فضلاً أن يكون الدليل صحيحًا، كقوله إن هذه الآثار المنسوبة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، حقائق متواترة، نقلها جيل عن جيل، أو كقصة منديل المسيح عليه السلام، إلى أخر تلك الدعاوى، ولم يكلّف نفسه التحقق من صحة ذلك، مع أن القاعدة عند العلماء: (إذا كنت ناقلا فالصحة، أو مدعيا فالدليل).

وبعد هذه المقدمة، أشرعُ -بإذن الله- في البيان التفصيلي:

أولا: لم يُنكر أحد من علماء المسلمين قاطبة أو يشك في أنَّ نبينا صلى الله عليه وآله وسلم هو أفضل الأنبياء وسيد البشر وخاتم المرسلين، كما أنهم يؤمنون ببركته صلى الله عليه وآله وسلم، وأنَّ بركته نوعان:

النوع الأول: بركة معنويَّة، وهي نبوته ورسالته وشريعته، وما اشتملت عليه من الحق المحض، والرحمة العامة، والسعادة التامة، وأنها السبيل الوحيد إلى الفلاح والنجاح والفوز بمرضاة الله.

النوع الثاني: بركة حسيَّة، وهي بركة ذاتِه، وبركة آثاره الحسيَّة المنفصلة عنه. فمن ذلك: تكثير الطعام، ونبع الماء بين أصابعه، وإبراء المريض، وغير ذلك مما ثبت.

وأما بركة ذاته وآثاره فلم يقع خلافٌ في ثبوتها، وجواز التبرك بها، ولا شك أنه صلى الله عليه وآله وسلم مباركٌ في ذاته وأفعاله وأقواله وآثاره، وقد كان أصحابه -رضوان الله عليهم- يتبركون بآثاره أثناء حياته وبعد مماته، وقد وقع بعض ذلك تحت سمع وبصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، الذي أقرهم على فعلهم، وكل حديث صحيح ساقه أخي (زهير) في مقاله؛ فهو من هذا القبيل، لا يتجاوزه، ولهذا فلا خلاف حول هذه المسألة بالتحديد.

فالصحابة رضوان الله عليهم، كما ثبت في الصحيح، قد تبركوا بمسح يده الشريفة الطاهرة أو غمسها في الماء رجاء بركتها، وتبركوا بشعره، وريقه، وعرقه، وما فَضُلَ من ماء وضوئه، أو بما لبسه من الثياب، أو ما فَضُلَ من طعامه وشرابه، وكان ذلك وقت حياته صلى الله عليه وآله وسلم.

أما بعد مماته، فقد ثبت في الصحيح، أنَّ الصحابة رضي الله عنهم تبركوا ببقايا الآثار الحسيَّة المنفصلة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كخاتمه، وبرده، وسيفه، وعصاه، وشعره، وثيابه، وآنيته، ونعله، وما شابهها.

ولذا فإن التبرك بآثار النبي، صلى الله عليه وآله وسلم مشروعٌ، فعله الصحابة، ومن بعدهم التابعون لهم بإحسان، لأن بركة النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، باقيةٌ في آثاره، وعلمنا مشروعية ذلك بما صح من الروايات التي نقلت لنا فعل الصحابة وإقرار النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما فعلوا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير