[ضابط تفسير الصفة باللازم]
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[30 - 01 - 09, 09:29 ص]ـ
[ضابط تفسير الصفة باللازم]
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل الله فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
من أنواع التفسير والدلالات تفسير الصفة باللازم , وهذا منهج صحيح يستدل به بعض العلماء , ولما كانت الألفاظ والكلمات يعتريها لوازم حقة وباطلة كان لا بد من معرفة الضابط في ذلك.
وربما يكون من أسباب تحريف وتعطيل النصوص الفرار من اللوازم الباطلة.
ولتوضيح هذه المسألة لا بد من بيان أقسام الدلالات ومنها دلالة الالتزام.
الدلالة
هي ما يوجب إدراك شيء بسبب إدراك شيء ملازم له.
ويقسم العلماء الدلالة إلى الأقسام التالية:
الدلالة العقلية والدلالة الطبيعية والدلالة الوضعية وكل واحدة منها تنقسم إلى لفظية وغير لفظية.
أقسام الدلالة الوضعية اللفظية:
تنقسم الدلالة الوضعية اللفظية إلى ثلاث أقسام هي:
1 - الدلالة المطابقية: وهي دلالة اللفظ على تمام المعنى الذي وضع له. كدلالة لفظ (الدار) على جميع مرافقها.
2 - الدلالة التضمنية: وهي دلالة اللفظ على جزء المعنى الذي وضع له. كدلالة لفظ (الدار) على غرفة الضيافة وغرفة النوم.
3 - الدلالة الالتزامية: هي دلالة اللفظ على معنى ملازم للمعنى الذي وضع له. كدلالة لفظ (الدار) على السور الخارجي للبيت مثلا.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
القاعدة الرابعة: دلالة أسماء الله تعالى على ذاته وصفاته تكون بالمطابقة، وبالتضمن، وبالالتزام.
فمعنى دلالة المطابقة: تفسير الاسم بجميع مدلوله، أو دلالته على جميع معناه.
ومعنى دلالة التضمن: تفسير الاسم ببعض مدلوله، أو بجزء معناه.
ومعنى دلالة الالتزام: الاستدلال بالاسم على غيره من الأسماء التي يتوقف هذا الاسم عليها، أو على لازم خارج عنها.
مثال ذلك: الخالق يدل على ذات الله، وعلى صفة الخلق بالمطابقة، ويدل على الذات وحدها بالتضمن، ويدل على صفتي العلم والقدرة بالالتزام.
القواعد المثلى
تفسير اللفظ باللازم يكون مع إثبات مدلول اللفظ حقيقة:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وقوله {فأولئك مع المؤمنين} يدل على موافقتهم فى الإيمان وموالاتهم فالله تعالى عالم بعباده وهو معهم أينما كانوا وعلمه بهم من لوازم المعية كما قالت المرأة زوجي طويل النجاد عظيم الرماد قريب البيت من الناد فهذا كله حقيقة ومقصودها أن تعرف لوازم ذلك وهو طول القامة والكرم بكثرة الطعام وقرب البيت من موضع الأضياف.
وفى القرآن {أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون} فإنه يراد برؤيته وسمعه إثبات علمه بذلك وأنه يعلم هل ذلك خير أو شر فيثيب على الحسنات ويعاقب على السيئات وكذلك إثبات القدرة على الخلق كقوله وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء وقوله {أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون} والمراد التخويف بتوابع السيئات ولوازمها من العقوبة والانتقام.
وهكذا كثير مما يصف الرب نفسه بالعلم بأعمال العباد تحذيرا وتخويفا ورغبة للنفوس في الخير ويصف نفسه بالقدرة والسمع والرؤية والكتاب فمدلول اللفظ مراد منه وقد أريد أيضا لازم ذلك المعنى فقد أريد ما يدل عليه اللفظ في أصل اللغة بالمطابقة والالتزام فليس اللفظ مستعملا في اللازم فقط بل أريد به مدلوله الملزوم وذلك حقيقة.
مجموع الفتاوى (5
128)
وقال ابن القيم: ولا ريب أن الأمور ثلاثة:
أمر يلزم الصفة لذاتها من حيث هي فهذا لا يجب بل لا يجوز نفيه كما يلزم العلم والسمع والبصر من تعلقها بمعلوم ومسموع ومبصر فلا يجوز نفي هذه التعلقات عن هذه الصفات إذ لا تحقق لها بدونها وكذلك الإرادة مثلا تستلزم العلم لذاتها فلا يجوز نفي لازمها عنها وكذلك السمع والبصر والعلم يستلزم الحياة فلا يجوز نفي لوازمها وكذلك كون المرئي مرئيا حقيقة له لوازم لا ينفك عنها ولا سبيل إلى نفي تلك اللوازم إلا بنفي الرؤية وكذلك الفعل الاختياري له لوازم لا بد فيه منها فمن نفى لوازمه نفى الفعل الاختياري ولا بد ...
طريق الهجرتين (361)
تقديم دلالة المطابقة والتضمن على دلالة الالتزام
¥