تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[فصل الخطاب في أن فهم الخلف دون فهم السلف للكتاب]

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[19 - 02 - 09, 03:14 ص]ـ

فصل الخطاب في أن فهم الخلف دون فهم السلف للكتاب.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للناس أجمعين ..

أما بعد:

فهذه شذرات أحسبها ردا على المتطاولين على السلف،وتاسيسا لمفاهيم هامة في التفسير أرجو أن أكون مصيبا في بعضها:

1 - زعمنا أن فهم الخلف للقرآن هو دون فهم السلف ليس متفرعا عن رؤية إديولوجية ممجدة للماضي في ما اصطلح عليه "التيار السلفي" بل هو مؤسس على حقيقة علمية ثابتة تلزم الناس جميعهم سلفيهم وغير سلفيهم .. وهذا ما سنستدل عليه بعد تقرير مقدمات ...

2 - المناوؤون للدعوى يلزمهم القول بأن فهمهم للقرآن أفضل من فهم السلف وليس مساويا أو موازيا له ... قد لا يصرحون بهذا المعنى ولكنهم يبطنونه ... فإذا كانوا هم قد اطلعوا على تفاسير السلف وزادوا عليها بما عرفوه -وجهله السلف -من الحقائق العلمية والنظرات الفلسفية والخبرات الطبيعية فإن سيتحصل أمر لا مفر من القول به وهو أن تفسير الخلف أربى من تفسير السابقين.

3 - عدم الإذعان للدعوى ينبيء عن هوى في النفس واعتلال في القلب ... وهنا موضع ابتلاء حكيم:

فالنفس لا تقبل أن تكون تابعة فتسارع في البدعة .. ولا تقبل أن تكون في الرتبة الثانية فتصارع لتكون القائدة ... وليس على النفس شيء أقسى من أن يقال لها "فهمك أدنى من فهمه" فتجد إبليس يهيج فيها المعاني القديمة من قبيل "أرأيتك هذا الذي فضلت علي .. " أو"أنا خير منه" ... وغير ذلك من النفخات الإبليسية المنبعثة من أتون الغرور وكير الكبرياء ...

فليراقب المفسرون قلوبهم .. وليعلموا أن الله فضل قوما على أقوام وفضل قرونا على عصور .. فإذا تقرر أن الله تعالى فضل السلف على الخلف .. فإن مقتضى العبودية الإذعان .. وليس في شقشقة اللسان في هذا الموضع إلا إرهاص لتجليات الشيطان ... و ليس في قبول القرار إلا قمعا للنفس وهضما لحظها وهذا هو التوحيد والإيمان ...

ولا يقال أن تفضيل السلف مجمل يستثنى فيه فهم القرآن .. لأن هذه الأمة جمعاء ما فضلت عن غيرها إلا بالقرآن .. فإن فضل صدر الأمة عن بقيتها فبه قبل كل شيء ..

4 - ينبغي التمييز بين الفهم والتفسير:

لا ريب أن الفهم أعم من التفسير .. فليس التفسير إلا الجزء المعبر عنه من الفهم .. وهذا الجزء هو المتناقل عبر الأجيال بالرواية والكتابة .. وهو الكاشف عن بعض فهم السلف لا الفهم كله ... فلو جمعنا تفسير أبي بكر رضي الله عنه-مثلا- فلن نتجاوز مقدار كراسة فهل يقول الجاهل هذا كل ما فهمه الصديق من القرآن!

ألم يكن الصديق يتدبر" البقرة" و"النساء" و"الحج" .... كما أمر؟

ماذا كان يخطر بباله عند كل آية يقرؤها؟

لا سبيل إلى معرفة ذلك .. باستثناء ما صرح به تفسيرا ...

ولككننا نعتقد إجمالا أن فهمه الذي لم يعبر عنه هو أفضل فهم وأرقاه ... كما سنبين بعد قليل.

هذا التمييز بين المستويين نافع جدا فكثير من المهتمين يوحدون بين الفهم والتفسير فتراهم يستقلون فهم السلف ... ويحكمون على الفاهمة بالمنصوص، وهذا خطأ واضح.

لا نقول إن هناك تفسيرات لم تصل إلينا فمثل هذا القول هدم للشريعة كلها .. ولكننا نقول أنه يتعذر التعبير عن الفهم كله .. فلو أحصينا آلاف الصحابة وآلاف الآيات وعشرات المعاني في كل آية لكانت الحصيلة كما من التفاسير لا يمكن نقله .. كما أنه يصعب على الصحابي أن يذكر للناس كل المعاني التي فهمها مما تدبره في الليلة المنصرمة ... فيقتصر على ذكر ما اقتضى أنه من المستحسن أن يذكر للناس.

5 - فهم القرآن يكون –حصرا-على نهجين:

النهج الأول هو الذي عبر عنه حبر الأمة بقوله" وجه تعرفه العرب من كلامها،" في الأثر المشهور عنه في تربيع التفسير.

النهج الثاني هو المفهوم من قول أمير المؤمنين علي

"فهم يعطى رجل في كتابه"

أ-فهم القرآن على النهج الأول مشروط بعلم مسبق بالعربية وطرق نظمها ودقائق تراكيبها وألطاف تآليفها .. ولا أحد يزعم أن يكون قوم أفقه في لغة العرب من أصحابها ... والمتكلمون بالعربية اليوم يتكلمون بها بعد تعليم أما أجدادهم فيتكلمون بها حدسا وسليقة فلا يستوى المكتسب والفطري أبدا ...

وهذا أمر لا يحتمل النزاع ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير