[تماثل الأجسام عند الأشاعرة]
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[19 - 01 - 09, 10:29 م]ـ
[تماثل الأجسام عند الأشاعرة]
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل الله فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
الاعتقاد قبل الاستدلال أوقع كثير من المخالفين كأهل الكلام في الوقوع في عجائب الأخطاء ولذلك قرر أهل السنة أن المأخذ الصحيح هو " استدل ثم اعتقد ".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فكل من احتج بشيء منقول عن النبي صلى الله عليه وسلم، فعليه أن يعلم صحته قبل أن يعتقد موجبه و يستدل به، وإذا احتج به على غيره؛ فعليه بيان صحته، و إلا كان قائلاً بلا علم، مستدلاً بلا علم.
منهاج السنة النبوية (7/ 61)
ونضرب على ذلك مثالا ذهب إليه المتكلمون كالمعتزلة وبعض الأشاعرة وهي مسألة تماثل الأجسام.
فقد قرروا أن " الأجسام كلها متماثلة فلا فرق في الحقيقة بين جسم النار وجسم الماء ولا بين جسم الذهب وجسم الخشب ولا بين المسك والرجيع وإنما تفترق بصفاتها وأعراضها مع تماثلها في الحد والحقيقة".
شفاء العليل (1
50)
وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية عن ابن سينا وأمثاله أنهم يقولون: إن النفوس الناطقة متماثلة بحسب الحقيقة وإنما اختلفت باعتبار أبدانها فهي كماء واحد وضعته في آنية مختلفة فاختلف لاختلاف الأوعية.
الرد على المنطقيين (483)
قال الرازي: واعلم أن حاصل هذا الكلام من جانبنا أنا قد دللنا في القسم الأول من هذا الكتاب على أن الأجسام متماثلة في تمام الماهية فلو كان الباري جسما لزم أن يكون مثلا لهذه الأجسام في تمام الماهية وحينئذ فيكون القول بالتشبيه لازما.
بيان تلبيس الجهمية (1
388)
وقال الرازي أيضا: الثالث إنا نقيم الدلالة على أن الأجسام متماثلة والأشياء المتماثلة يجب اشتراكها في اللوازم.
بيان تلبيس الجهمية (1
516)
وقال الرازي أيضا: الحجة السابعة عشرة قوله تعالى {فلا تجعل لله أندادا} والند المثل ولو كان تعالى جسما لكان مثلا لكل واحد من الأجسام لما سنبين إن شاء الله تعالى أن الأجسام كلها متماثلة فحينئذ يكون الند موجودا على هذا التقدير وذلك على مضادة هذا النص.
بيان تلبيس الجهمية (1
587)
ونقل شيخ الإسلام كذلك عن الآمدي قوله:: اتفقت الأشاعرة وأكثر المعتزلة على أن الجواهر متماثلة متجانسة.
درء التعارض (2
270)
وبناء على هذا القول " الأجسام متماثلة " جرهم ذلك إلى نفي صفات الله تعالى خوفا من التشبيه والتمثيل.
قال شيخ الإسلام: إذا تبين هذا فالنزاع بين مثبتة الجوهر والجسم ونفاته يقع من جهة المعنى في شيئين أحدهما أنهم متنازعون في تماثل الأجسام والجواهر على قولين معروفين
فمن قال بتماثلها قال كل من قال إنه جسم لزمه التمثيل.
درء التعارض (2
250)
وقال: وكذلك أيضا يقولون: إن الصفات لا تقوم إلا بجسم متحيز والأجسام متماثلة فلو قامت به الصفات للزم أن يكون مماثلا لسائر الأجسام وهذا هو التشبيه.
وكذلك يقول هذا كثير من الصفاتية الذين يثبتون الصفات وينفون علوه على العرش وقيام الأفعال الاختيارية به ونحو ذلك ويقولون: الصفا ت قد تقوم بما ليس بجسم وأما العلو على العالم فلا يصح إلا إذا كان جسما فلو أثبتنا علوه للزم أن يكون جسما وحينئذ فالأجسام متماثلة فيلزم التشبيه ... .
وأصل كلام هؤلاء كلهم على إثبات الصفات مستلزم للتجسيم والأجسام متماثلة.
مجموع الفتاوى (3
71)
لازم هذا القول والرد عليه
قال ابن القيم عن لا زم هذا القول: " فلا فرق في الحقيقة بين جسم النار وجسم الماء ولا بين جسم الذهب وجسم الخشب ولا بين المسك والرجيع وإنما تفترق بصفاتها وأعراضها مع تماثلها في الحد والحقيقة".
شفاء العليل (1
50)
وقال شيخ الإسلام: ومن العجب أن كلامه وكلام أمثاله يدور في هذا الباب على تماثل الأجسام وقد ذكر النزاع في تماثل الأجسام وأن القائلين بتماثلها من المتكلمين بنوا ذلك على أنها مركبة من الجواهر المنفردة وأن الجواهر متماثلة.
ثم أنه في مسألة تماثل الجواهر ذكر أنه لا دليل على تماثلها فصار أصل كلامهم الذي ترجع إليه هذه الأمور كلاما بلا علم بل بخلاف الحق.
¥