تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[رأي اثنين من (المفكرين العرب) في مشروع " الجابري " .. وبيان طريقته في " المراوغة "]

ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[25 - 03 - 09, 03:00 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

عندما ينتقد العلماء أو طلبة العلم مشروع الجابري الفكري، يخرج بعض " مريديه " عندنا للدفاع عنه، زاعمين أنكم لا تفهمون الجابري، بل لا تبلغ عقولكم مستوى فكره و مشروعه .. إلخ الغلو المبالغ فيه!

وقد أحببتُ – هنا – أن أنقل رأي اثنَين من " المفكرين " العرب، من غير المحسوبين على أهل العلم، في " نقد " مشروع الجابري، وتناقضاته، وبيان سطحية المعجبين به. هما:

1 - المفكر البحريني " القومي ": محمد جابر الأنصاري.

2 - والمفكر السوري " النصراني " " العلماني ": جورج طرابيشي.

1 - قال الدكتور الأنصاري في كتابه " مساءلة الهزيمة "، (ص 124 – 127): (أما فيما يتعلق بمشروع الجابري، فإنه على الرغم من الذيوع الذي حققه كتابه (نقد العقل العربي) بين جمهور القراء وعامة المثقفين، فإن أهم إسهاماته البحثية الفكرية تتمثل في كتابه الأسبق (العصبية والدولة في فكر ابن خلدون)، ففي هذا الكتاب كان الجابري رائداً في نهجه وتحليله، حيث مثل إعادة نظر هامة في سوسيولوجيا التاريخ والحاضر في واقع العرب من منطلق ابن خلدون، بنظرة معاصرة لا تفتقر إلى التجديد والابتكار. ودن التقليل من أهمية كتابه الأكثر ذيوعاً (نقد العقل العربي) بأجزائه المتعددة ولا من الجهد البحثي والفكري الذي بذله فيه، فإن (نقد العقل العربي) أشبه ما يكون ببناء معماري فسيح، له واجهة زخرفية جذابة، وأروقة تبهر القادمين إليه، لكنه من الداخل لا يضم إلا القليل من الغرف الصالحة للسكن. أعني أن مقدماته وتحليلاته جذابة وشائقة، أما نتائجه الحقيقية فهي موضع نظر، ويتصف بعضها بالهشاشة المعرفية والتنظيرية التي لا تمثل بناء يذكر في الفكر العربي. وهي إذا اجتذبت المثقفين العرب غير المختصين في الفلسفة الإسلامية، فإنها لا تمثل في الأغلب جديداً للمتخصصين فيها، إلا بإعادة الصياغة واختراع المصطلحات التي يجيد الجابري عرضها، وهي التي تفسّر في تقديرنا ظاهرة شيوعه بين عامة المثقفين غير المختصين وغير المتعمقين في أصول الفلسفة الإسلامية والفكر العربي.

وصنيعه في مجال الفكر يشبه صنيع أدونيس- مع المفتونين به من غير المتخصصين- في النقد الأدبي والإبداع الفني والكتابي.

والفارق أن أدونيس مبدع كبير في الشعر- خاصة في مراحله الأولى قبل قصيدة النثر الفجة-، أما في الكتابة النقدية والفكرية فإنه تبسيطي واختزالي- مثل الجابري-، ويمتلك - مثله- قدرة على الإبهار والتأثير، وإن قفز فوق المعطيات الموضوعية للقضايا التي يطرحها.

ونرى أن سكوت الجابري عن الرد على المآخذ العلمية البحثية في النقد الموثق والمسهب لجورج طرابيشي بشأن مشروعه، وتجاهله المتعمد لهذا النقد، لا يمثل فحسب إشكالاً أخلاقياً في موقفه، وإنما يمثل أيضاً تهرباً علمياً لا يليق بمفكر في مستواه. وهو ما ينسحب على موقفه من الاعتراضات العلمية الأخرى على مشروعه التي صدرت عن عدد من المفكرين العرب الجادين في المغرب والمشرق. إذ عندما يفاجأ المثقفون العرب بعبارته الاستصغارية المنفعلة: "لم أقرأ جورج طرابيشي .. " هكذا باستعلاء غريزي، فمن حقهم طرح أكثر من سؤال حول صدقيته كمفكر.

أما سر ذيوع كتابه هذا، فمردُّه في تقديرنا – كما سبق- إلى قدرته على تبسيط القضايا الفلسفية والفكرية لجمهور عربي من عامة المثقفين والمتعلمين الذين لم يلموا بتاريخ الفلسفة العربية الإسلامية، أو وجدوا صعوبة في قراءة أصولها والدراسات البحثية الدقيقة بشأنها، فوجدوا في تبسيط الجابري لها غذاءً ثقافياً سائغاً لهم ولمستواهم المعرفي، أوحى إليهم بأنهم قادرون على التعمق في فهم مادة فسلفية شائكة ظلّت محجوبة عنهم في مرحلة تأسيسهم العلمي. وحيث إن مثقفي المشرق كانوا أكثر جهلاً بقضايا الفلسفة الإسلامية من نظائرهم في المغرب الأكثر انفتاحاً في عصرنا على الفلسفة، فقد كانوا أكثر افتتاناً بما جاء به الجابري من تنظيرات بشأنها وذلك ما يفسّر محدودية انتشاره في منطقة المغرب العربي مقابل شيوعه في المشرق، وعلى الأخص لدى الأوساط والدوائر التي يشايعها أيديولوجيا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير