[الإلحاد فى العالم العربى أسبابه ودعاته (منقول)]
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[30 - 01 - 09, 11:28 م]ـ
[ FONT='Traditional Arabic'] بقلم الاخ فتى الادغال
تجتاحُ العالمَ العربيَّ منذ ُ بداياتِ هذا القرن ِ، موجة ٌ من الإلحادِ والرّدةِ، لم تعرفْ لها المنطقة ُ مثيلاً، في الوقتِ الذي بدأتْ فيهِ هذه المذاهبُ بالانحسار ِ في العالم ِ الغربيِّ، وأخذتِ الناسُ تناغمُ بينَ العلم ِ والدين ِ، وتُهادنُ بينهما، بعدَ مرحلةِ قطيعةٍ كبرى بينهما، نشأتْ في منتصفِ القرن ِ الثامن عشر الميلاديِّ، وأدّتْ إلى اجتياح ِ الإلحادِ والكفر ِ، في أوساطِ المفكّرينَ والفلاسفةِ، واجتياح ِ النظام ِ العلمانيِّ للحياةِ العامّةِ في أوروبا، بعدَ أن هيمنتْ عليها الكنيسة ُ قروناً طويلة ً من الزمان ِ.
الإلحادُ يحملُ أحدَ معنيين ِ:
أوّلهما: إنكارُ وجودِ الخالق ِ، والقولُ بأزليّةِ المادّةِ، وأنّها خالقة ٌ مخلوقة ٌ.
ثانيهما – وهو من إضافاتِ أفلاطونَ -: إثباتُ وجودِ خالق ٍ أو صانع ٍ، ولكنّها لا تُعنى بشيءٍ من حياةِ الخلق ِ، فهي موجدة ٌ للخلق ِ، لكنّها تركتْ التصرّفَ في الكون ِ، وتفرّغتْ في حياتها المثاليّةِ، وقد كانَ يقولُ بهذا القول ِ من الفلاسفةِ: أبيقور.
لم تعرفِ الأرضُ انتشاراً للإلحادِ، ونفوذاً قويّاً لهُ، إلا في العصور ِ المتأخرةِ، فقد كان يوجدُ منهم فئامٌ وأشتاتٌ، ولكنّهم قلائلُ، ولا يجمعهم مذهبٌ، أو يُقيّدهم فكرٌ، وإنّما بحسبِ ما يعنو للواحدِ منهم ويظهرُ، وقد كانوا يسمّونَ قديماً بالدهريينَ، وحكى الإمامُ الشهرستانيُّ في كتابهِ " الملل ِ والنِحَل ِ " أنّ الدهريينَ من كفّار ِ مكّة َ وغيرها، كانوا أقلّ النّاس ِ، وإنّما غلبَ على أهل ِ مكّة َ وجزيرةِ العربِ الشركُ، وعبادة ُ غير ِ اللهِ معهُ، مع إثباتِ أنّهُ الخالقُ وحدهُ، خلافاً للمانويّةِ الذين يُبتونَ خالقين ِ أحدهما النورُ وهو خالقُ الخير ِ، والآخرُ الظلامُ وهو خالقُ الشرِّ.
يذكرُ الدكتورُ جعفر شيخ إدريس أنّ أوّلَ كتابٍ مُصرّح ٍ بالإلحادِ، وداع ٍ لهُ، ظهرَ في أوروبا في سنةِ 1770 م، وهذه الفترة ُ الحرجة ُ هي الفترة ُ التي بدأتْ فيها الشعوبُ الأوربيّة ُ تضجُّ من حكم ِ الكنيسةِ، وتدعو للثورةِ عليهِ، وقد تبنّى الفكرَ الإلحاديَّ في أوروبا كبارُ الفلاسفةِ والمؤرخينَ، من أمثال ِ: نيتشة، وفولتيير، وكارل ماركس، وإنجلز، وراسل، وكونت، وغيرهم من كِبار ِ الفلاسفةِ وعلماءِ الاجتماع ِ والتأريخ ِ، ممّا حدا النّاسَ إلى الوثوق ِ بهم، والتحوّل ِ إلى آرائهم، كردّةِ فعل ٍ للمواقفِ المُتسلّطةِ للكنيسةِ، وكذلكَ ظهور ِ مجموعةِ من التناقضاتِ بينَ الدين ِ النصرانيِّ المُحرّفِ، وبينَ بعض ِ المُخترعاتِ والمُكتشفاتِ العلميّةِ.
ومع ظهور ِ بوادر ِ الإلحادِ، نشأتْ العديدُ من المدارس ِ والمذاهبِ الفكريّةِ والاجتماعيّةِ، والتي تصُبُ في مصبِّ الإلحادِ، وتستلهمُ منهُ مادّتها، وترسّخُ مبادئهُ، ومن أشهر ِ تلكَ المذاهبِ والمدارس ِ:
- العلمانيّة ُ: وهو مذهبٌ كفريٌّ، نشأ في ظروفٍ عصيبةٍ في أوروبا، خلالَ القرن ِ الثامن عشر، وذلكَ بسببِ طغيان ِ الكنيسةِ، وتبرّم ِ الناس ِ منها ومن نفوذِ رجالها، ومُحاربةِ الكنيسةِ للعلوم ِ الطبيعيّةِ، خاصّة َ بعدَ تطوّر ِ ونموِّ الحركاتِ العلميّةِ والبحوثِ، وخلاصة ُ العلمانيّةِ أنّها حركة ٌ جديدة ٌ تهدفُ إلى إقصاءِ الدين ِ عن الحياةِ، وبناءِ مؤسساتِ المجتمع ِ على أصول ٍ مادّيةٍ بحتةٍ، لا دخلَ للدين ِ فيها من قريبٍ أو بعيدٍ.
- الوجوديّة ُ: وهي مذهبٌ معاصرٌ ذو جذور ٍ قديمةٍ، يقومُ على أساس ِ إبراز ِ قيمةِ الفردِ، والتأكيدِ على حرّيتهِ، وأنّهُ هو أساسُ كلِّ شيءٍ ومنطلقهُ، وهي مذهبٌ إلحاديٌّ، أسّسها قديماً كير كجرد، وفي العصر ِ الحاضر ِ قامَ أبو الوجوديّةِ جان بول سارتر بإرساءِ دعائم ِ هذا المذهبِ، وإقامةِ أصولهِ، وبناهُ على الإلحادِ والكفر ِ بكلِّ المُثُل ِ والقيم ِ، وأنّ للإنسان ِ أن يفعلَ ما شاءَ، دونَ وازع ٍ أو رقيبٍ.
¥