تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[العلاقة بين العقل والنقل]

ـ[تقى الدين ابو عبد الرحمن]ــــــــ[23 - 03 - 09, 12:39 ص]ـ

البحث حول نقطتين هما:

1) ما المقصود بالعقل؟

2) ما هي الغاية الرئيسية من وجود العقل؟


الحمد لله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أما بعد،
فالبحث فى العلاقة بين العقل والنقل من المهام العظيمة لما يجعل نفوس المسلمين تعتقد الاعتقاد السليم الذى يسلم من الأهواء والفتن التى يتعرض لها المسلم وخصوصا فى تلك الحقبة التى تمر بها الأمة ومعنا اليوم يدور حول نقطتين هما: ماالمقصود بالعقل؟ وما هى الغاية الرئيسية من وجود العقل؟
ولما كانت الاستدلالات على حقيقة الأمور وماهيتها ينبثق من أمرين لاثالث لهما هما مناط أى حكم يكون بالنقل والعقل،
والعقل لابد وأن يكون الصريح الذى لاتشوبه شائبة، أو يوصف بعى أو هوى أو انحراف،
والنقل الذى لايعتريه أى ريبة أو شكوك أ, تحريف،
أو عدم تأكد من طريق وصوله الينا من حيث الصحة والضعف،
والعقل أيضا حسب ماخلق له بحيث تكون حدوده فيما يستطاع استخدامه وفى حدود قدراته وامكاناته التى حبي الله عز وجل ابن آدم بها،
أى أيضا فيما هو من عالم المشاهدة وليس من عالم الغيب أى فيما يشاهد ويحس ويعرف ويدرك وليس فيما عنه غيبى،
لذا لابد علينا أن نسلك طريق يجعلنا نحكم على العقل هل هو صريح ليس فيه هوى أو تحريف أو مايضاد أن يكون صريح،
لذا علينا أولا معرفة ماهو العقل وأين هو من ابن آدم وما حدوده وغاية وجوده وماهى امكاناته وحدود استخدامه بحيث يكون منبثق من تحت عباءة الشرع لا ليكون هو الحكم،
لكن كيفيته لانستطيع معرفة كيفيته مثل الروح (وما أوتيتم من العلم الا قليلا)،
والعقل هو في أصح الآراء: غريزة وضعها الله في قلوب الممتحنين من عباده تابعة للروح موضوعة في الجانب الغيببي من قلب الإنسان لا نعرف كيفيتها، ولكن نتعرف على وجودها ووجود أوصافها من أفعال الإنسان في ظاهر البدن، فيقال هذا عاقل إذا فعل أفعال العقلاء وهذا مجنون إذا لم يتصف بها.
قال تعالى: (أَفَلَمْ يسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلونَ بِهَا)، فالآية تدل على أن العقل موجود في القلب.
قال الثعالبي في الجواهر الحسان: (هذه الآية تقتضى أن العقل في القلب وذلك هو الحق، ولا ينكر أن للدماغ اتصالا بالقلب يوجب فساد العقل متى اختل الدماغ).
وقال القرطبى في الجامع لأحكام القرآن: (أضاف العقل إلى القلب لأنه محله كما أن السمع محل الأذن، وقد قيل: إن العقل محله الدماغ وروي ذلك عن أبي حنيفة وما أراها عنه صحيحة)
وقد أبعد ابن عاشور فى تفسيره للآية فقال:
وأطلقت القلوب على تقاسيم العقل على وجه المجاز المرسل لأن القلب هو مُفيض الدم وهو مادة الحياة على الأعضاء الرئيسية وأهمها الدماغ الذي هو عضو العقل، ولذلك قال: {يعقلون بها} وإنما آلة العقل هي الدماغ ولكن الكلام جرَى أوله على متعارف أهل اللغة ثم أجري عقب ذلك على الحقيقة العلمية فقال: {يعقلون بها} فأشار إلى أن القلوب هي العقل.
ونزّلت عقولهم منزلة المعدوم كما نزّل سَيْرهم في الأرض منزلة المعدوم.
والزمخشرى فى الكشاف:
قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأرض} الآية. يعني كفار مكة أفلم يسيروا في الأرض فينظروا إلى مصارع المكذبين من الأمم الخالية، فذكر ما يتكامل به الاعتبار، لأن الرؤية لها حظّ عظيم في الاعتبار، وكذلك سماع الأخبار ولكن لا يكمل هذان الأمران إلا بتدبير القلب، لأن من عاين وسمع ولم يتدبر ولم يعتبر لم ينتفع، فلهذا قال: {فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي فِي الصدور}.
قوله: «فَتَكُونَ» منصوب على جواب الاستفهام، وعبارة الحوفي على جواب التقرير. وقيل: على جواب النفي وقرأ مبشر بن عبيد: «فَيَكُونَ» بالياء من تحت لأن التأنيث مجازي. ومتعلق العقل محذوف أي: ما حل بالأمم السالفة. ثم قال: {قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَآ} أي: يعلمون بها، وهذا يدل على أن العقل العلم، وعلى أن محل العلم هو القلب، لأنه جعل القلب آلة لهذا العقل، فيكون القلب محلاً للعقل، ولهذا سمي الجهل بالعمى، لأن الجاهل لكونه متحيراً يشبه الأعمى

وابن عطية فى المحرر الوجيز
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير