تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تلخيص كتاب التوسل أنواعه وأحكامه للألباني]

ـ[أبو الطيب الروبي]ــــــــ[08 - 02 - 09, 10:36 ص]ـ

الحلقة الأولى:

الحمد لله وحده، وصلاة وسلاما على من لا نبي بعده.

أما بعد:

فلا يخفى على اللبيب المنصف ما لكتب العلامة الألباني من القيمة العلمية، والمنزلة البحثية؛ لاشتمالها على تحقيقات نفيسة، ودقائق لطيفة جعلها طلبة أهل العلم وطلابه على حد سواء؛ ثم إن مسيس الحاجة وعمومها إلى بعض تلك الكتب؛ جعل صاحبها- رحمه الله تعالى- يختصرها ويلخصها للعامة رغبة في عموم الانتفاع بها، فمن ذلك: اختصاره - رحمه الله- كتابه الماتع النافع (صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم)، وكتابه (أحكام الجنائز).

وكنت قبل مدة قد لخصت هذا الكتاب محافظا فيه على أسلوب الشيخ رحمه الله، وسأضعه هنا على حلقات بإذن الله تعالى.

تمهيد: معنى التوسل في اللغة والقرآن:

جاءت كلمة التوسل في كلام العرب وفي القرآن والسنة، وعني بها: التقرب إلى المطلوب، والتوصل إليه برغبة". قال ابن الأثير: " الواسل: الراغب، والوسيلة: القربة والواسطة، وما يتوصل به إلى الشيء ويتقرب به، وجمعها وسائل".

وقال الراغب الأصفهاني: "حقيقة الوسيلة إلى الله تعالى: مراعاة سبيله بالعمل والعبادة، وتحري مكارم الشريعة، وهي كالقربة، والواسل: الراغب إلى الله تعالى".

هذا؛ وهناك معنى آخر للوسيلة هو: المنزلة عند الملك والدرجة والقربة، كما في الحديث الذي رواه مسلم وغيره، وفيه:" ... ثم سلوا لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له شفاعتي". ولكن المراد ببحثنا هو الوسيلة بالمعنى الأول.

وبالمعنى اللغوي المتقدم جاء ذكر الوسيلة في القرآن في قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة". قال ابن جرير: يقول: أجيبوا الله فيما أمركم ونهاكم بالطاعة له في ذلك. وابتغوا إليه الوسيلة، يقول واطلبوا القربة إليه بالعمل بما يرضيه".

الأعمال الصالحة وحدها هي الوسائل المقربة إلى الله تعالى:

قد استدل بعض الناس على التوسل بذوات الأنبياء والصالحين بالآيتين المذكورتين في القرآن، وهو استدلال خاطئ، لأنه لم يثبت شرعا أن هذا التوسل مشروع مرغوب فيه، ولذلك لم يذكر هذا الاستدلال أحد من السلف الصالح، ولا استحبوا هذا التوسل، بل الذي فهموه أن الله تبارك وتعالى يأمرنا بالتقرب إليه بكل رغبة والتقدم إليه بكل قربة والتوصل إلى رضاه بكل سبيل.

لكنه قد أعلمنا في نصوص أخرى كثيرة أن التقرب إليه يكون بالأعمال الصالحة، ثم إنه سبحانه لم يكل ذلك إلينا ولم يتركه لأذواقنا وعقولنا، بل أمرنا أن نرجع في ذلك إلى ما شرعه الله تعالى وسنه رسوله ?.

متى يكون العمل صالحا:

دل الكتاب والسنة على أنه لا بد في ذلك من أمرين:

أولهما: أن يكون صاحبه قصد به وجه الله تعالى.

وثانيهما: أن يكون موافقا لكتاب الله تعالى وسنة نبيه ?، فإذا أحد هذين الشرطين لم يكن العمل صالحا ولا مقبولا.

الوسائل الكونية والشرعية

عرفنا أن الوسيلة هي السبب الموصل إلى المطلوب. وهذه الوسيلة قسمان:

- وسيلة كونية، وهي كل سبب طبيعي يوصل إلى المقصود بخلقته التي خلقه الله بها، وهي مشتركة بين المؤمن والكافر، ومن أمثلتها الماء الذي هو وسيلة الري، والطعام الذي هو وسيلة الشبع.

- وسيلة شرعية، وهي ما أوصل إلى المطلوب عن طريق ما شرعه الله تعالى، وبينه في كتابه وسنة نبيه، وهي خاصة بالمؤمن المتبع أمر الله ورسوله. ومن أمثلتها: الإتيان بالشهادتين بإخلاص؛ فهو وسيلة دخول الجنة والنجاة من الخلود في النار، وصلة الرحم وسيلة لطول العمر.

وكثير من الناس يخطئ في فهم الوسائل بقسميها، فيظنون ما ليس بسبب سببا، فمن ذلك اعتقادهم بأن بلاء ينزل عليهم إذ قلموا أظافرهم ليلا، وفي أيام السبت والأحد، أو أن أحدا من أصحابهم أو أقربائهم يذكرهم بخير إذا طنت آذانهم. وكل هذا وأمثاله اعتقادات باطلة، بل خرافات وترهات.

كيف تعرف صحة الوسائل ومشروعيتها:

الطريق الصحيح لمعرفة مشروعية الوسائل الكونية والشرعية هو الرجوع إلى الكتاب والسنة، والنظر في دلالات النصوص.

ويشترط في السبب الكوني أن يكون مباحا في الشرع، وأن يكون قد ثبت تحقيقه لمقصود، أو غلب على الظن ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير