تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[قراءة في كتاب "المهدي في مواجهة الدجال " لمنصور عبدالحكيم]

ـ[أبوحامد الحمادي]ــــــــ[06 - 02 - 09, 01:20 ص]ـ

[قراءة في كتاب "المهدي في مواجهة الدجال " لمنصور عبدالحكيم]

للامام جمال الدين القاسمي مقولة جميلة في تفسيره الموسوم بمحاسن التأويل، حري بكل من تصدى إلى الكتابة في موضوع ما - قبل أن يلجأ إلى حشد الروايات واتباع سبيل الإخبارية - أن يتأملها جيدا، يقول القاسمي في تفسير قوله تعالى في سورة الأعراف:

" {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}

وقد ذكر المفسرون ههنا أحاديث وآثاراً تفهم أن المراد بهذا السياق آدم وحواء. ولا حاجة بنا إلى روايتها لأنها واهية الإسناد معلولة، كما بينه الحافظ ابن كثير في تفسيره.

وتقبُّل ثُلةٍ من السلف لها وتلقيها، لا يجدي في صحتها شيئاً، إذا أصلها مأخوذ من أقاصيص مسلمة أهل الكتاب، كما برهن عليه ابن كثير ... وتهويل بعضهم بأنها مقتبسة من مشكاة النبوة، إذ أخرجها فلان وفلان، من تنميق الألفاظ لتمزيق المعاني، فإن المشكاة النبوية أجلُّ من أن يقتبس منها إلا كل ما عرفت جودته .... "

كان بعض العلماء يقول أن الامام السيوطي قماش، والامام السخاوي نقاش!

أي أن السيوطي كان يجمع في المسألة المصنف فيها كل ما وقع تحت يديه من آثار وأحاديث ومرويات دون تمحيص صحة هذه الآثار إلا ما ندر!

ولا يعني ذلك أبدا أنه لا يعرف حكم هذه الأحاديث، فالقارئ لكتابه "الحاوي في الفتاوي" في قسم الفتاوى الحديثية يجد أن للسيوطي براعة في مصطلح الحديث وإن رماه البعض بالتساهل، وصنيعه في الجامع صغير يدل على أنه على علم بصحة الأحاديث التي يضعها في مصنفه سواء ووفق في ذلك أم خولف!

ووقع تحت يدي بالصدفة كتاب عنوانه "المهدي في مواجهة الدجال" لمحامي شاب يدعى "منصور عبدالحكيم"، تصدى في الآونة الأخيرة لإصدار مجموعة من المؤلفات بلغني أنها بلغت الخمس والتسعين مؤلفا، تتطرق في مجملها إلى علامات الساعة وترتيبها وتنبؤات نوستردام ونهاية العالم و السيناريو القادم ونهاية إسرائيل 2022 مستندا في ما ادعاه إلى مجموعة من المرويات التي جمعها وانتزعها من كتب التراث وأنزلها قسرا على المستقبل الذي يريدنا أن نعيشه شئنا أم أبينا!

ولم يكتف بذلك، حيث لم تعجبه كتب السنة كثيرا ولم تروي ظمأه في لعبة الجمع والدمج، فأخذ يجمع المتردية والنطيحة من كتب الشيعة ويحاول بطريقة ما أن يجمع بين المتناقضات و يوفق بين مرويات الماء والنار، والظل والحرور!

ربما حاول الكاتب أن يضاهي منهج الامام السيوطي في كتابه "الدر المنثور في التفسير بالمأثور"، الذي جمع في تفسير كل آية كل ما وقع بين يديه من مرويات أهل السنة، لكن حاشا السيوطي أن يتعدى في النقل من كتب السنة الموثوقة إلى كتب الشيعة الملفقة، ويا له من عمل جبار يحسب للامام السيوطي حيث لم يكن في زمنه الحاسوب ... الذي ابتلى الله به بعض أهل زماننا، فاستعاضوا به عن طلب العلم بثني الركب عند العلماء، واتخذوا منه وسيلة بحثية حصرية، تؤدي إلى تحصيل كم هائل من المعلومات المبعثرة هنا وهناك، التي هي بحاجة إلى تنقيح وتصحيح ... لا تقديم وتأخير!

ويبدو أن الأخ منصور قد استخدم بعض التقنيات الحديثة في جمع شيء من شتات مرويات المهدي الكثيرة، وجنح إلى ما لم يسبق إليه من الزج بمرويات الشيعة إلى جانب مرويات السنة سواء بسواء وقدما بقدم، و هو بذلك يخادع القارئ العامي – عرف أم لم يعرف - الذي لا يفرق بين "أصول الكافي" و "بحار الأنوار" المتصل بالسند الموضوع والمكذوب والمرسل والمنقطع والمعنعن من مثله إلى منتهاه بكل شذوذ وبكل علة إلى جعفر الصادق، وبين صحيحي البخاري ومسلم المتصل بالسند الصحيح من مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم!

بل ويلجأ لكتب الطوسي والسيد محمد الصدر و السيد مهدي العوادي ومحمد كاظم القزويني و علي الكوراني، وكتب غيرهم من الإمامية الاثناعشرية، وهو يظن بذلك أنه قد أحسن صنعا، وأنه قد شارك في مسيرة الوحدة الإسلامية ... التي لم يحدد خط سيرها بعد!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير