ولفظ العلة فيه اشتراك كثير بحسب اصطلاحات الناس، ينبغي لمن خاطب به أن يعرف مقصود المخاطب به. فقد رأيت مِن / غلط الناس بسبب اشتراك هذا اللفظ لتعدد الاصطلاحات فيه، ما لا يمكن إحصاؤه هاهنا.
93
إما أن يقولوا: ليس قائما بنفسه إلا الجسم، كما يقوله ابن حزم وغيره.
[المحقق: في الأصل قائم، وهو خطأ]
[قلت: بل هو صواب مبتدأ نكرة موصوفة، والمراد واضح به]
97
وبيان بطلان أقوالهم النافية للصفات يطول، وإنما القصد هنا إبطال بعضهم لقول بعض، فإن هذا يؤنس نفوسا كثيرة، قد تتوهم أنه ليس الأمر كذلك.
107
ولهذا يقال: للشيء وجود في الأعيان، وفي الأذهان، وفي اللسان، وفي البنان، ووجود عيني، وعلمي، ولفظي، ورسمي.
[الأعيان: عيني، والأذهان: علمي، واللسان: لفظي، والبنان: رسمي]
109
ويعرض للممرورين وغيرهم من التخيلات الباطلة ما يطول وصفه
[لم يشرحها المحقق، والممرور من تغلب عليه المرة]
112
لكن إذا سمي علميا انفعاليا فلا بأس، فإنه علم حادث. وأما علم الرب تعالى فإنه من لوازم نفسه المقدسة لم يحدث، فليس انفعاليا بهذا الاعتبار
[كذا والصواب إذا سمي علمنا]
119
فإن هذه اللوازم عند نظار المسلمين كلها صفات ذاتية، فإنهم لا يفرقون في الصفات اللازمة للموصوف بين الذاتي المقوم والعرضي الخارج، بل الجميع عندهم ذاتي. بمعنى أنه لازم لذات الموصوف، لا تتحقق الذات إلا بتحققه.
121
ولهذا لما تكلم الناس في دلالة المطابقة والتضمن والالتزام، فاعتبر بعضهم اللزوم مطلقا، واعتبر بعضهم اللزوم الذهني، قالوا: لأن اللزوم الخارجي لا نهاية له، لأن للازم لازما، وللازم لازما، فلفظ البيت إذا دل على الحيطان والأرض والسقف بالمطابقة، وعلى بعض ذلك بالتضمن، فهو مستلزم للأساس، ولأساس الأساس، وللصانع، ولأب الصانع، ولأب أبيه، ولصانع الآلات، وأمور أخر، فيجب اعتبار اللزوم الذهني.
فيقال لهم: اللزوم الذهني ليس له ضابط، فإنه قد يخطر لهذا من اللوازم ما لا يخطر لهذا.
فإن قلتم: كل ما خطر للمستمع لزومه، فقد دل اللفظ عليه باللزوم وإلا فلا.
قيل لهم: فحينئذ يخطر له لزوم هذا، ثم لزوم هذا، ويلزم ما ذكرتم من التسلسل فلا فرق.
/ وحينئذ فالتحقيق أن كلا اللزومين معتبر، فاللزوم الخارجي ثابت في نفس الأمر، وأما معرفة المستمع به فموقوف على شعوره باللزوم، فمهما شعر به من اللوازم استدل عليه باللزوم، وليس لذلك حد، بل كل ملزوم فهو دليل على لازمه لمن شعر بالتلازم.
وهذا هو الدليل، فالدليل أبدا مستلزم للمدلول من غير عكس، وليس المراد بدلالة الالتزام أن المتكلم قصد أن يدل المستمع بها، فإن هذا لا ضابط له، بل المراد أن المستمع يستدل هو بثبوت معنى اللفظ على ثبوت لوازمه، وهي دلالة عقلية، تابعة للدلالة الإرادية، وجعلت من دلالة اللفظ لأنه دل على اللازم، بتوسط دلالته على الملزوم.
وفي الجملة فكل دليل في الوجود هو ملزوم للمدلول عليه، ولا يكون الدليل إلا ملزوما، ولا يكون ملزوم إلا دليلا، فكون الشيء دليلا وملزوما أمران متلازمان، وسواء سمي ذلك برهانا أو حجة أو أمارة أو غير ذلك.
129
فينبغي تدبر هذه المعاني الشريفة، فإنه يبين كثرة الطرق البرهانية الدالة على علمه سبحانه، بخلاف من يقول: لا يمكننا إثبات علمه إلا بطريق الإرادة ونحو ذلك.
وهكذا كلما كان الناس أحوج إلى معرفة الشيء، فإن الله يوسع عليهم دلائل معرفته، كدلائل معرفة نفسه، ودلائل نبوة رسوله، ودلائل ثبوت قدرته وعلمه، وغير ذلك، فإنها دلائلا كثيرة قطعية، وإن كان من الناس من قد يضيق عليه ما وسعه الله على من هداه، كما أن من الناس من يعرض له شك وسفسطة في بعض الحسيات والعقليات، التي لا يشك فيها جماهير الناس.
140
وكون ابن سينا خالفهم [الفلاسفة] في هذا هو من محاسنه وفضائله التي علم فيها ببعض الحق، والحجة معه عليهم، كما أن أبا البركات كان أكثر إحسانا منه في هذا الباب.
فكل من أعطى الأدلة حقها، وعرف من الحق ما لم يعرفه غيره، كان ذلك مما يفضل به ويمدح، وهو لم يقل: إن عقله لنفسه مستلزم لغيره، بل قال: يستلزم عقله لمفعولاته كما تقدم.
143
ولا ريب أن كلام أرسطو في الإلهيات كلام قليل، وفيه خطأ كثير، بخلاف كلامه في الطبيعيات فإنه كثير وصوابه فيه كثير.
146
¥