تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهنا مسألة مهمة وهي تقديم دلالة المطابقة والتضمن على دلالة الالتزام , فلا بد قبل أن ينظر في لوازم اللفظ إثبات مدلوله ومعناه الحقيقي بالمطابقة والتضمن؛ فتجد مثلا كثيرا من المحرفين للنصوص يرد المعنى الحقيقي للفظ مع أن دلالته المطابقية والتضمنية واضحة استنادا للوازم اللفظ الباطلة؛ فهنا لا بد من أن يتنبه الإنسان أن دلالة المطابقة والتضمنية هي الأصل , وبعد ذلك ينظر في اللوازم إن احتيج إلى ذلك؛ وخصوصا أن الألفاظ والكلمات يعتريها ما لا ينحصر من اللوازم الحقة والباطلة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والمعتبر في التعريفات دلالة المطابقة والتضمن فأما دلالة الالتزام فلا لأن المدلول عليه فيها غير محدود ولا محصور إذ لوازم الأشياء ولوازم لوازمها لا تنضبط ولا تنحصر فيؤدي إلى أن يكون اللفظ الواحد على ما لا يتناهى من المعاني وهو محال.

الرد على المنطقيين (76)

وقال الغزالي: وإياك أن تستعمل في نظر العقل من الألفاظ ما يدل بطريق الالتزام، لكن اقتصر على ما يدل بطرق المطابقة و التضمن، لأن الدلالة بطريق الالتزام لا تنحصر.

المستصفى (25)

لازم الصفة عند إضافتها إلى الله سبحانه لا يكون لازماً للصفة عند إضافتها إلى المخلوق , وكذلك العكس.

فمثلاً من لوازم إضافة الاستواء إلى المخلوق: احتياجه لما هو مستو عليه، وهذا اللازم خاص بمن أضيف إليه وهو المخلوق. فإذا أضيف الاستواء إلى الله تبارك وتعالى لا يصح بأيِّ وجه من الوجوه أن نضيف إليه لازم الصفة حال إضافتها إلى المخلوق.

وبهذا يُعلم فساد أقوى شبهة عند هؤلاء لإنكار الاستواء، وهي قولهم: لو أثبتنا أن الله تبارك وتعالى مستو على عرشه حقيقة للزم من ذلك أن الله محتاج إلى العرش.

وقد جاءتهم هذه الشبهة من جعلهم لازم الصفة حال إضافتها للمخلوق لازماً للصفة حال إضافتها للخالق، وهذا سبب الفساد وأساسه في هذه الصفة، بل وفي كلِّ صفة خاض فيها هؤلاء بالباطل.

وأهل العلم يقولون: الصفة لها ثلاثة اعتبارات:

الاعتبار الأول: من حيث الإطلاق، أي بدون أن تضاف لا إلى خالق ولا إلى مخلوق. فعندما نقول الاستواء، ولا نضيفه لا إلى الله، ولا إلى الخلق. فهو في هذه الحال أمر في الذهن، لا حقيقة له في الخارج.

الاعتبار الثاني: اعتبار الصفة من حيث إضافتها إلى الله سبحانه وتعالى، مثل استواء الله على العرش: {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} فهنا الصفة مضافة إلى الله، والإضافة تقتضي التخصيص، فالصفة المضافة إلى الله تخصه سبحانه وتعالى وتليق بجلاله وكماله، ولازمها: الكمال اللائق

بجلاله وعظمته. وهذا اللازم لا يجوز أن يجعل لازماً للصفة عندما تضاف للمخلوق.

الاعتبار الثالث: اعتبار الصفة من حيث إضافتها إلى المخلوق، ولازم الصفة في هذه الحال: النقص والضعف، وهي تليق بالمخلوق وبضعفه ونقصه وكونه مخلوقاً. وهذا اللازم الذي يلزم الصفة باعتبار إضافتها إلى المخلوق ليس لازماً للصفة باعتبار إضافتها إلى الخالق.

فإذا جعل لازم الصفة باعتبار إضافتها إلى المخلوق لازماً لها باعتبار إضافتها إلى الخالق يكون بذلك تشبيه للخالق بالمخلوق، وإذا جعل لازم الصفة باعتبار إضافتها للخالق لازماً للصفة باعتبار إضافتها للمخلوق يكون بذلك تشبيه للمخلوق بالخالق، والله عز وجل لا يشبه أحداً من خلقه، ولا يشبهه أحد من خلقه، فكلا التشبيهين باطل: تشبيه الخالق بالمخلوق، وتشبيه المخلوق بالخالق.

تذكرة المؤتسي (76)

قلت: وهذا الكلام الذي ذكره الشيخ عبد الرزاق البدر أشار إليه ابن القيم رحمه الله

قال رحمه الله: فإن الصفة يلزمها لوازم باختلاف محلها فيظن القاصر إذا رأى ذلك اللازم في المحل المحدث أنه لازم لتلك الصفة مطلقا فهو يفر من إثباتها للخالق سبحانه حيث لم يتجرد في ظنه عن ذلك اللازم وهذا كما فعل من نفى عنه سبحانه الفرح والمحبة والرضى والغضب والكراهة والمقت والبغض وردها كلها إلى الإرادة فإنه فهم فرحا مستلزما لخصائص المخلوق من انبساط دم القلب وحصول ما ينفعه وكذلك فهم غضبا هو غليان دم القلب طلبا للانتقام وكذلك فهم محبة ورضى وكراهة ورحمة مقرونة بخصائص المخلوقين فإن ذلك هو السابق إلى فهمه وهو المشهود في علمه الذي لم تصل معرفته إلى سواه ولم يحط علمه بغيره ولما كان هو السابق إلى فهمه لم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير