تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولا يلزم من كون أبدانهم أفضل، أن تكون مساكنهم أحياء وأمواتاً أفضل، بل قد علم بالاضطرار من دينهم أن مساجدهم أفضل من مساكنهم.

وقد يحتج بعضهم بما روي من أن " كل مولود يذر عليه من تراب حفرته" فيكون قد خلق من تراب قبره. وهذا الاحتجاج باطل لوجهين:

أحدهما: أن هذا لا يثبت، وما روي فيه كله ضعيف. والجنين في بطن أمه يعلم قطعاً أنه لم يذر عليه تراب، ولكن آدم نفسه هو الذي خلق من تراب، ثم خلقت ذريته من سلالة من ماء مهين. ومعلوم أن ذلك التراب لا يتميز بعضه لشخص وبعضه لشخص آخر، فإنه إذاً استحال وصار بدناً حيّاً، لماَّ نفخ في آدم الروح، فلم يبق تراباً.

والوجه الثاني: أنه لو ثبت أن الميت خلق من ذلك التراب، فمعلوم أن خلق الإنسان من مني أبويه أقرب من خلقه من التراب. ومع هذا فالله يخرج الحي من الميت، ويخرج الميبت من الحي. يخرج المؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن، فيخلق من الشخص الكافر مؤمناً، نبياً وغير نبي، كما خلق الخليل من آزر، وكما خلق صلى الله عليه وسلم من أبويه. وقد أخرج نوح، وهو رسول كريم، ابنه الكافر الذي حق عليه القول، وأغرقه ونهى نوحاً عن الشفاعة فيه. وأكثر المهاجرين والأنصار مخلوقون من آبائهم وأمهاتهم الكفار. فإذا كانت المادة القريبة التي يخلق منها الأنبياء والصالحون لا يجب أن تكون مساوية لأبدانهم في الفضيلة، لأن الله يخرج الحي من الميت، فأخرج البدن المؤمن من مني كافر، فالمادة البعيدة، وهي التراب، أولى أن لا تساوي أبدان الأنبياء والصالحين.

وهذه الأبدان عبدت الله وجاهدت فيه، ومستقرها الجنة. أما المواد التي خلقت منها فهي بدنه، وفضله معلوم. وأما ما بقي في القبر فحكمه حكم أمثاله. بل تراب كان يلاقي جباههم عند السجود، وهو أقرب ما يكون العبد من ربه المعبود، أفضل من تراب القبور واللحود" ا هـ ([5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/private.php?do=newpm&u=49860#_ftn5)) باختصار.

ويقال أيضاً: إنه يلزم على ذلك القول الفاسد، تفضيل كل بقعة وطئتها قدما رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لامسها جسده الشريف، على سائر البقاع والمساجد، وعلى الجنة والكرسي والعرش، فلا يكون ذلك خاصّاً بالقبر أو البيت الذي يسكنه.

فهل يقول عاقل إن موضعاً قضى فيه النبي صلى الله عليه وسلم حاجته في الصحراء أفضل من الكعبة والعرش والكرسي؟

فإن قيل: إن التفضيل ليس للبقعة ذاتها، بل لمن حلَّ فيها، أما هي فكمثلها من البقاع.

فالجواب: هذا باطل أيضاً، فإن تفضيل الأزمنة والأمكنة والأشخاص لا يخضع لقياس، بل هو أمر توقيفي، فالله تعالى فضل بعضها على بعض، ففضل رمضان على سائر الشهور، وفضل الجمعة ويوم عرفة على سائر الأيام، وفضل المساجد الثلاثة على سائر البقاع، ومنها بيوت الأنبياء ومساكنهم التي يأوون إليها.

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحنث في غار حراء، ولم يصيره ذلك أفضل من الكعبة ولا المساجد، لا في وقت تحنثه فيه ولا بعد ذلك.

* ويلزم من تفضيل القبر على الكرسي والعرش، تفضيل المخلوق على الخالق، فإن الأول إن كان قد ضمن جسد المصطفى، فالعرش الرحمن عليه استوى، وصح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الكرسي موضع القدمين ([6] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/private.php?do=newpm&u=49860#_ftn6)).

وقول يؤدي إلى مثل هذه الإلزامات الباطلة، حري بأن يطرح ويضرب به عرض الحائط.

([1]) الذخائر (ص 44 - 49).

([2]) شفاء الفوائد (ص29).

([3]) رواه البخاري (10/ 484) وسلم (2563) بلفظ " إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث".

([4]) مجموع الفتاوى (27/ 38).

([5]) مجموع الفتاوى (27/ 260 - 263)

([6]) رواه بن خزيمة في التوحيد (1/ 248 - 249) والحاكم (2/ 282).

وكتبه:

سمير المالكي

ـ[صُهيب]ــــــــ[26 - 02 - 09, 08:09 م]ـ

أحسنت أخي الكريم وجزى الله الشيخ سميرا خير الجزاء

ـ[أبوراكان]ــــــــ[08 - 03 - 09, 01:58 ص]ـ

جزاك الله خيرا

ـ[أبوروضة]ــــــــ[08 - 03 - 09, 02:04 ص]ـ

جزاك الله خيرا

ـ[أبو طلحة العتيبي]ــــــــ[08 - 04 - 09, 01:32 ص]ـ

وإياكم إخواني

ـ[أحمد الغريب]ــــــــ[08 - 04 - 09, 10:38 ص]ـ

بارك الله فيكم

ـ[أبوعبدالله السلفي]ــــــــ[08 - 04 - 09, 11:50 ص]ـ

لقد اعجبت كثيراً بردود الشيخ الفاضل الشيخ سمير المالكى من ردود على المنحرفين والمفسدين مثل (محمد علوى مالكي - والكاتب المالكي الذي تهجم على الصحابة و طعن في أهل التوحيد)

فلو أن أحد الأخوة يتحفنا بترجمة يسيرة وأين الشيخ يسكن ونشاطه العلمي

وجزاكم الله خيرا

ـ[أبو طلحة العتيبي]ــــــــ[09 - 04 - 09, 02:10 ص]ـ

صفحته في صيد الفوائد

http://www.saaid.net/Doat/samer/index.htm

ـ[أبوعبدالله السلفي]ــــــــ[09 - 04 - 09, 11:29 ص]ـ

جزاكم الله خيرا

ولو أحد يتحفنا بترجمته

ـ[علي سلطان الجلابنة]ــــــــ[18 - 04 - 09, 04:25 م]ـ

بارك الله فيك أبا طلحة:)

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير