تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

من العجيب أن يعترف الأشاعرة بأن مذهبهم في تأويل جل الصفات مذهب محدث، لم يكن عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين، ولهم في ذلك المقولة الشهيرة، "مذهب السلف أسلم، ومذهب الخلف أعلم وأحكم" أي إن مذهب التأويل عند المتأخرين أعلم وأحكم مما نسبوه إلى السلف من التفويض الذي يعدونه المذهب الأسلم، بما يوحي بنوع انتقاص للسلف رحمهم الله في علمهم وفهمهم، وهو انتقاص لا يقوله إلا من جهل مقدارهم وموضعهم من العلم والفهم.

إن مناقشة أقوال الأشاعرة وعقائدهم التي خالفوا فيها مذهب السلف، تظهر بما لا يدع مجالا للشك مدى سلامة مذهب السلف من التناقض والاضطراب، واتصافه بالعلم والحكمة والسلامة.

ودعونا نناقش بعض عقائد الأشاعرة لنستبين على وجه التفصيل فضل علم السلف على علم الخلف، وصحة منهجهم على من جاء بعدهم ممن خالفهم، فنقول وبالله التوفيق:

أما تقديم العقل على النقل والقانون الذي صاغة الأشاعرة في ذلك، فنقول إن المسألة مصادرة من أساسها، فأهل السنة يقولون على وجه القطع: إنه لا يمكن أن يتعارض عقل صريح مع نقل صحيح، فالمسألة غير واقعة أساساً.

ثم نرد عليهم بالقول: إن العقل قد شهد بصدق الرسول وصحة نبوته، فالواجب بناء على هذه الشهادة الحقة تصديقه فيما أخبر، وطاعته فيما أمر، فإذا أخبر أن الله في السماء وجب تصديق خبره، وكان تقديم العقل على النقل طعن في شهادة العقل، وفي ذلك إبطال لشهادته بصدق الرسول، ونقض للدين.

أما نفيهم أن تقوم بالله أمور تتعلق بقدرته ومشيئته: فهو مبني على ما سبق من نفي التغير والتحول عن الله، وهو أصل فاسد والصحيح إثبات كمال قدرته سبحانه، فهو يفعل ما يشاء متى شاء، وعلى ذلك دلائل الكتاب والسنة وإجماع السلف، قال تعالى: {كل يوم هو في شأن} وقال تعالى: {لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا}.

أما حصرهم صفات الله في سبع صفات هي الحياة والعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام النفسي، وتأويلهم غيرها، فغاية في الغرابة والتناقض، وإلا فما الذي جعلهم يؤولون صفة الرحمة مثلا ولا يؤلوون صفة السمع، فإن قالوا إن الأولى تدل على رقة القلب وهذا لا يليق بالله، لأن فيه مشابهة للمخلوقين، قلنا وكذلك السمع فإن في إثباته مشابهة للمخلوقين، فإن قالوا نحن نثبت سمعا يليق به جل وعلا، قلنا فأثبتوا رحمة تليق به كما أثبتم سمعا يليق به.

أما القول بأن الإيمان في الشرع هو التصديق فمخالف للإجماع الصحيح ولأدلة الكتاب والسنة، أما الإجماع فقد قال الإمام الشافعي: " وكان الإجماع من الصحابة، والتابعين من بعدهم ممن أدركنا: أن الإيمان قول وعمل ونية لا يجزيء واحد من الثلاثة عن الآخر " فكل من الاعتقاد والعمل الصالح والنطق بالشهادتين، ركن من أركان الإيمان لا يصح الإيمان إلا به. والأدلة النقلية على تأييد هذا الإجماع المأخوذ منها أكثر من أن تحصر.

خاتمة

مما سبق ظهر مدى مافعله تقديم العقل على النقل وما أدى الى انتكاس الفطر أن يفتروا على الله عز وجل ويكذبون بالنقل لأنه ليس موافقا لأهواء هؤلاء المبتدعة الذين ضلوا وأضلوا كثيرا فشقى جليسهم ولم تشنف أذان من سمعهم الا بكل ضلال، فهنا لابد من وقفة مع نفسك أين أنت من تصديق الخبر وامتثال الأمر، وأن العقل هو مطية النقل.

والحمد لله رب العالمين.


المراجع
مقالة التعطيل والجعد بن درهم (بتصرف)
مختصر تاريخ ابن عساكر، الكامل فى التاريخ، البداية والنهاية، الأنساب للسمعانى، اللباب لابن الأثير، ديوان الضعفاء، ميزان الاعتدال، لسان الميزان، تاج العروس، تاريخ الاسلام، سير أعلام النبلاء، النجوم الزاهرة، ذم الكلام للهروى، الاعتصام، الرد على الجهمية للدارمى، العيون فى شرح رسالة بن ويدون، لطائف المعارف، نهاية الأرب، تاريخ الطبري، مروج الذهب، الفصل، درء تعارض، الفتوى الحموية، منهاج السنة، مختصر الصواعق، عقائد الثلاث والسبعين فرقة، الشريعة، شرح أصول الاعتقاد، فتح البارى، السنه للأمام أحمد، أنساب الأشراف للبلاذرى، السنن للبيهقى وله الاسماء والصفات، الابانه لأبن بطة، العلو للعلى الغفار، الملل والنحل، الصواعق المرسلة، الفرق بين الفرق، الاناقة فى معالم الخلافة للقلقشندى.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير