فإنه يبين ذلك تارة ببيان وقوعه كما أخبر أن قوم موسى قالوا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون ثم بعثهم الله من بعد موتهم لعلهم يشكرون وكما أخبر عن المقتول الذي ضربوه بالبقرة فأحياه الله كما قال ...
والمقصود أن قول القائل هذا ممكن لا يحتاج إلى دليل لا يكفي في العلم بإمكانه عدم العلم بامتناعه والله سبحانه على كل شيء قدير والممتنع ليس بشيء باتفاق العقلاء وكل ما خلقه الله فلا بد أن يخلق لوازمه ويمتنع أضداده وإلا فيمتنع وجود الملزوم دون اللازم ويمتنع اجتماع الضدين وليس للعباد اطلاع على لوازم كل مخلوق ولا أضداده المنافية لوجوده فالجزم بإمكان وجوده بدون العلم بلوازمه وإمكانها وأضدادها وانتفائها جهل والله سبحانه قادر على تغيير ما شاءه من العالم وهو يشق السموات ويسير الجبال ويبسها بسا فيجعلها هباء منبثا إلى أمثال ذلك مما أخبر الله به كما يخلق سائر ما يخلقه بما ييسره من الأسباب.
الجواب الصحيح (6
404)
من المسائل التي ترتبت على الخلط بين الإمكان الذهني والخارجي
1 - القول بإمكان وجود موجود خال عن أي وصف ثبوتي أو سلبي؛ وهذا عند التحقيق لا يتعدى الذهن ولا حقيقة له في الخارج.
قال شيخ الإسلام: وقد علم بالاضطرار امتناع خلو الجواهر عن الأعراض وهو امتناع خلو الأعيان والذات من الصفات وذلك بمنزلة أن يقدر المقدر جسما لا متحركا ولا ساكنا ولا حيا ولا ميتا ولا مستديرا ولا ذا جوانب ولهذا أطبق العقلاء من أهل الكلام والفلسفة وغيرهم على إنكار زعم تجويز وجود جوهر خال عن جميع الأعراض وهو الذي يحكي عن قدماء الفلاسفة من تجويز وجود مادة خالية عن جميع الصور ويذكر هذا عن شيعة أفلاطون وقد رد ذلك عليهم أرسطو وأتباعه وقد بسطنا الكلام في الرد على هؤلاء في غير هذا الموضع وبينا أن ما يدعيه شيعة أفلاطون من إثبات مادة في الخارج خالية عن جميع الصور ومن إثبات خلاء موجود غير الأجسام وصفاتها من إثبات المثل الأفلاطونية وهو إثبات حقائق كلية خارجة عن الذهن غير مقارنة للأعيان الموجودة المعينة فظنوها ثابتة في الخارج عن أذهانهم كما ظن قدماؤهم الفيثاغورية أن العدد أمر موجود في الخارج بل وما ظنه أرسطو وشيعته من إثبات مادة في الخارج مغايرة للجسم المحسوس وصفاته وإثبات ماهيات كلية للأعيان مقارنة لأشخاصها في الخارج هو أيضا من باب الخيال حيث اشتبه عليه ما في الذهن بما في الخارج وفرق بين الوجود والماهية في الخارج.
الأصفهانية (104)
2 - أن المعدوم شيء وهذا خلاف المحسوس والمعلوم إذ المعدوم في الحقيقة لاشيء.
قال شيخ الإسلام: وهؤلاء بنوا قولهم على أصلين فاسدين:
أحدهما أن أعيان الممكنات ثابتة في العدم كقول من يقول من أهل الكلام إن المعدوم شيء ثابت في العدم وهذا القول فاسد عند جماهير العقلاء.
وإنما حقيقة الأمر أن المعدوم يراد إيجاده ويتصور ويخبر به ويكتب قبل وجوده فله وجود في العلم والقول والخط وأما في الخارج فلا وجود له.
الجواب الصحيح (4
300)
ـ[عمرو بسيوني]ــــــــ[27 - 03 - 09, 05:16 م]ـ
بارك الله فيك، فوائد طيبة كعادتك!
ـ[محمد براء]ــــــــ[27 - 03 - 09, 05:35 م]ـ
أحسن الله إليك.
ولدي مثال آخر:
وهو الممكنات التي جوزها الأشعرية على رب البرية في أفعاله، فلو نظرنا فيها وجدنا أنها في الخارج ممتنعة مستحيلة عليه تعالى.
فقالوا: يجوز لله تعالى أن لا يخلق الخلق، وإذا خلق فلم يكن ذلك واجباً عليه، وإذا خلقهم فله أن لا يكلفهم، وإذا كلفهم فلم يكن ذلك واجباً عليه!.
وقالوا: ندعي أن الله تعالى إذا كلف العباد فأطاعوه لم يجب عليه الثواب، بل إن شاء أثابهم وإن شاء عاقبهم وإن شاء أعدمهم ولم يحشرهم، ولا يبالي لو غفر لجميع الكافرين وعاقب جميع المؤمنين، ولا يستحيل ذلك في نفسه ولا يناقض صفة من صفات الإلهية!.
وقالوا: إن لله تعالى أن يكلف العباد ما يطيقونه وما لا يطيقونه!
وقالوا: بعثة الأنبياء جائز، وليس بمحال ولا واجب!
قال شيخ الإسلام في النبوات (2/ 911 - 915): " والتحقيق أن الرب يخلق بمشيئته وقدرته، وهو موجب لكل ما يخلقه بمشيئته وقدرته، ليس مُوجباً بمجرد الذات، ولا موجباً بمعنى أن موجبه يقارنه، فإن هذا ممتنع، فهذان معنيان باطلان.
¥