تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ب- أنّ المتذكر بها والمسترشد بها سرعان ما يرجع إلى غفلته, وإن واصل فعلى غير طريق قويم, وصراط مستقيم.

وما أحسن ما قاله شيخ الإسلام عندما قال قائل عن السماع المحدث -وهي اليوم تسمى أناشيد-: "إن الذين دخلوا في السماع المبتدع في الطريق, ولم يكن معهم أصل شرعي شرعه الله ورسوله, أورثتهم أحوالاً فاسدة ... " ([8] ( http://www.tbessa.net/post.forum?mode=newtopic&f=3#_ftn8)).

ج- أنّ هذه المنفعة على التحقيق ليست منفعة شرعية يحبها الله ورسوله ز.

فإنّ أكثر الناس حصل لهم الضلال والغواية من هذه الجهة, فظنوا أن الأناشيد -مثلاً- تثير محبة الله.

- الدليل الثاني: الاستدلال بقاعدة: "الوسائل لها أحكام المقاصد".

فيقول المتعلق بها: إن هذه الأمور التي نتخذها في الدعوة وسائل توصل إلى الغاية المنشودة بالدعوة, وهي: هداية الناس وإصلاحهم, وما دام الغاية هذه, -وهي محمودة شرعاً-, فوسائلها تأخذ حكمها, فتكون محمودة في الشرع أيضاً.

- والجواب على هذه الشبهة من وجهين:

أ- أن لفظة "الوسائل" هنا, لا تعني أي وسيلة -ولو محرمة- إذا استخدمت في مقصد حسن: أخذت حكمه, إذ لو كان الأمر كذلك للزم إهدار النصوص الشرعية والعمل بالهوى, فتتخذ المحرمات -مثلاً- في معالجة المرضى, وترتكب المحرمات -المعاملة بالربا وإسبال الثياب- من أجل الدعوة ومصالحها ... وهكذا.

والمعنى الصحيح للقاعدة: أنّ الوسائل بالنسبة للمقاصد الحسنة, لا بد أن تكون مشروعة -واجبة أو مندوبة أو مباحة- وقد تكون الوسيلة مكروهة, أما أنها تكون محرمة فلا ([9] ( http://www.tbessa.net/post.forum?mode=newtopic&f=3#_ftn9)).

ب- أن هذه القاعدة ليست على إطلاقها فقد تكون الوسيلة محرمة أو مكروهة, وما جعلت وسيلة إليه ليس كذلك.

يقول العلامة ابن القيم رحمه الله -عندما قرر أن حركة اللسان بالكلام لا تكون متساوية الطرفين, بل إما راجحة وإما مرجوحة-:

"فإن قيل: فإذا كان الفعل متساوي الطرفين كانت حركة اللسان التي هي الوسيلة إليه كذلك إذ الوسائل تابعة للمقصود في الحكم. قيل: لا يلزم ذلك, فقد يكون الشيء مباحاً, بل واجباً ووسيلته مكروهة .. كالوفاء بالطاعة المنذورة هو واجب مع أن وسيلته وهو النذر مكروه منهي عنه, وكذلك الحلف المكروه ([10] ( http://www.tbessa.net/post.forum?mode=newtopic&f=3#_ftn10)) مرجوح مع وجوب الوفاء به أو الكفارة. فقد تكون الوسيلة متضمنة مفسدة تكره أو تحرم لأجلها, وما جعلت وسيلة إليه ليس بحرامٍ ولا مكروه" ([11] ( http://www.tbessa.net/post.forum?mode=newtopic&f=3#_ftn11)).

· الترجيح:

لاشك أنّ مذهب الحق الذي عليه سلف هذه الأمة أنّ وسائل الدعوة توقيفية لما تقدمّ من الأدلة الشرعية الدالة على كمال الدين وتمامه, وسيلة, ومضموناً.

فأكمل الهدي هدي النبي ز ولا هداية إلاّ عن طريقه ([12] ( http://www.tbessa.net/post.forum?mode=newtopic&f=3#_ftn12)).

كتبه وحرّره أبو يزيد المدني

([1])."فالشريط"مثلا في حد ذاته ليس وسيلة للدعوة, وما يفعل به إذا كان أجوف لاشيء فيه, إنما هو ناقل أو حافظ للمادة المسجلة فيه فالوسيلة هي إذاً المادة المسجلة "الكلام" وهو وسيلة شرعية.

إذا كان الناقل للوسيلة مباحاً: أبحناه, وإذا كان يشتمل على محرم حرمناه.

قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد حفظه الله تعالى: "ووسائل الدعوة في عصرنا وفيما قبله وبعده لابد أن تكون هي وسائل الدعوة التي بعث بها النبي ز, وبلغ بها الغاية, ولا تختلف في عصرنا مثلاً إلا في جوانب منها مرتبطة بأصولها التوقيفية, ومنها:

المؤسسات الإعلامية المقبولة شرعاً بكل فروعها وأجزائها هي في العصر الحاضر من وسائل الدعوة. وهي وسيلة كانت في بنية الدعوة منذ صدر الإسلام, إذ كانت الدعوة تعتمد الكلمة فالوسيلة الإعلامية هي هي, لكن دخلها شيء في أدائها, فلما كانت بالكلمة كفاحاً, كانت كذلك بالكلمة المسموعة بالواسطة وبالمقروءة هكذا. انظر: "حكم الانتماء" لبكر أبو زيد, ص 160.

([2]) سورة المائدة, الآية 3.

([3]) "مجموع الفتاوى" 11/ 620.

([4]) "إغاثة اللهفان" 1/ 200.

([5]) "اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم " لابن تيمية, ص 217.

([6]) والقول بأنّ وسائل الدعوة اجتهادية يحتمل وجهين اثنين:

- أما الوجه الأول: أن يكون المراد من هذا القول: أن كل طريق وأسلوبٍ يوصل إلى الغاية -وهي إصلاح العباد- يصحّ للداعية والواعظ أن يسلكه, ولو ورد الشرع بالنهي عنه والمنع منه, ما دام يحقق تلك المصلحة.

وهذا القول على هذا التفسير هو ما يعرف باعتبار المصلحة التي شهد الشرع بإلغائها, وهو قول باطل، لأن في اعتبارها مُخَالَفة لنصوص الشرع بالمصلحة. وفتح هذا الباب يؤدي إلى تغيير جميع حدود الشرائع ونصوصها.

وما مستند هذا القول إلا القاعدة اليهودية الحاكمة "بأن الغاية تبرر الوسيلة".

من أمثلة ذلك: تجويز الرقص, والغناء, والإضرار بالمسلم, والافتراء عليه, وحلق اللحى, وإسبال الثياب .. في سبيل الدعوة إلى الله تعالى!!.

- أما الوجه الثاني: أن يكون المراد من هذا القول: أنّ كل طريق وأسلوب يوصل إلى الغاية -وهي إصلاح العباد- يصح للداعية والواعظ أن يسلكه, بشرط عدم ورود إلغائه في الشرع.

والقول على هذا التفسير هو ما يعرف بالمصالح التي سكتت عنها الشواهد الخاصة، فلم تشهد باعتبارها ولا بإلغائها (

وهذا النوع أيضاً لا يجيزه الشرع, لأنّ الوسائل الدعوية قد تمّ نصابها, وكمل بيانها, ولم يعد هناك مجال للزيادة والإضافة عليها.

([7]) "مجموع الفتاوى" 11/ 622.

([8]) المصدر السابق 11/ 601.

([9]) ينظر في هذه القاعدة: "الفروق" للقرافي 2/ 32.

([10]) كمن حلف على فعل مكروه، أو ترك مندوب.

([11]) "مدارج السالكين" 1/ 116.

([12]) انظر "مجموع الفتاوى" 11/ 620 - 635, وانظر: "الحجج القوية على أن وسائل الدعوة توقيفية" لعبد السلام البرجس

{

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير