[هل قول الإمام مالك (والكيف غير معقول) و (كيف عنه مرفوع) يعني أنه ليس لصفات الله كيفية؟]
ـ[أبو نسيبة السلفي]ــــــــ[12 - 06 - 10, 11:40 م]ـ
[ RIGHT][RIGHT] هل قول الإمام مالك (والكيف غير معقول) و (كيف عنه مرفوع) يعني أنه ليس لصفات الله كيفية؟
الشبهة:
أصح الروايات عن الإمام مالك في مسألة الاستواء هو قوله لمن سأله ({الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} كيف استوى؟):
«الرحمن على العرش استوى كما وصف نفسه، ولا يقال: كيفَ، وكيف عنه مرفوع، وأنت رجل سوء صاحب بدعة أخرجوه، قال: فأُخرج»
وقوله: «الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة»
وسبب حكمه على السائل بأنه مبتدع هو لسؤاله عن الكيف والله مُنزه عن الكيف، فليس لذاته ولا صفاته كيفية، والدليل على ذلك هو قول الإمام مالك (والكيف غير معقول) أي يستحيل على الله تعالى الكيف أو لا يصح عقلا أن يكون لصفات الله كيفية، ومما يؤكد هذا المعنى هو قوله (كيف عنه مرفوع).
أما قول الذين يثبتون أن لصفات الله كيفية ولكن يقولون بأنها مجهولة، بأن الإمام مالك حكم على السائل بالابتداع لأنه سأل عن الكيفية وهو أمر غيبي، فإن السؤال الذى يترتب: إذا سأل السائل عن شئ موجود لكنه مجهول هل يُحكم عليه بأنه مبتدع؟
ننظر فى كتاب الله ونرى تفصيلا هل حكم الله او نبيه عن الذى يسأل عن المجهول بأنه مبتدع؟
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: 189]
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة: 219]
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ} [الأعراف: 187]
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85]
فمن سياق الأيات يتبين أن السائل عن المجهول لا يُحكم بأنه مُبتدع
إنما حكم الإمام مالك على السائل بأنه مبتدع لانه لا يوجد كيف لله تعالى
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد
فأما ما يتعلق بالآيات المذكورة، فإن تلك الأسئلة سُئلت في وقت نزول الوحي، والسؤال كان مُوجهًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي أرسله الله عز وجل ليبين للناس ما يحتاجونه من أمور دينهم، فهم سألوا من يَنزل عليه الوحي فيُبين له جواب أسئلتهم.
ولكن بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وانقطاع الوحي، فلا سبيل لمعرفة الأمور الغيبية مما لم يُطلعنا الله عليه، ولا أخبرنا به رسوله صلى الله عليه وسلم، والسؤال عنه عبثٌ وتجاوُزٌ وبِدعة، لأنه لا يمكن معرفة ذلك إلا بالوحي، والوحي قد انقطع.
أما فيما يتعلق بالأثر المشهور عن الإمام مالك رحمه الله، فالجواب عليه:
1. قوله رحمه الله: «الكيف غير معقول» يعني أن الكيف مجهول (غير معلوم)، فـ"العقل" في اللغة هو نقيض الجهل.
قال الخليل الفراهيدي: (العَقْل: نقيض الجَهْل) (1)
قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} [الحجرات: 4]
وهو أيضا بمعنى الفهم: قال ابن سيده: (وعَقَلَ الشيءَ يَعْقِله عَقْلا: فَهِمَه. (2)
قال الله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا .. } [الحج: 46]
وقال سبحانه: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت: 43]
والتفسير الذي ذكرناه هو ما فهمه مجموعة من الأئمة ممن جاءوا بعد الإمام مالك عند روايتهم لجوابه، حيث أن بعضهم نقل الرواية بالمعنى، ومن هؤلاء الأئمة:
- أبو عثمان الصابوني الشافعي (ت.449 هـ) في وصيته: (قال إمام المسلمين في عصره أبو عبد الله مالك بن أنس رضي الله عنه في جواب من سأله عن كيفية الاستواء: "الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة وأظنك زنديقا أخرجوه من المسجد.") (3)
¥