تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الدفاع عن الصحابي الجليل حسان بن ثابت]

ـ[أحمد بن سالم المصري]ــــــــ[25 - 06 - 10, 02:34 ص]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.

أما بعد:

فهذه كلمات يسيرة في الدفاع عن الصحابي الجليل "حَسَّان بن ثابت" وتبرئته من تُهمة الْجُبنِ.

إنَّ الناظِرَ في كُتُبِ التواريخِ والتراجمِ في ترجمةِ هذا الصحابي يجدُ أنّها تتابعت على أمرين:

الأول: نقل الأحاديث المسندة التي احتجوا بِها في وصفِه بالْجبنِ، دون الحكم على أسانيدها.

الثاني: نقل كلام المؤرخين والْمُترجِمِين الذين وصفوه بالْجُبن، دون أدنى إنكار، إلا من بعضهم.

أولاً: بيان ضعف وبُطلان هذه الأحاديث التي احتجوا بِها:

1 - أخْرجَ ابنُ عساكر في "تاريخ دمشق" (12/ 413) مِن طريقِ الزُّبَيْر بْنِ بَكَّارٍ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ جَدِّي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ، أَنَّهُ سَمِعَ [أنَّ] ([1]) حَسَّانَ أَنْشَدَ رَسُولَ اللَّهِ

لَقَدْ غَدَوْتُ أَمَامَ الْقَوْمِ مُنْتَطِقاً ... بِصَارِمٍ مِثْلَ لَوْنِ الْمِلْحِ قَطَّاعِ

تَحْفِزُ عَنِّي نِجَادَ السَّيْفِ سَابِغَةٌ ... تَغْشَى الأَنَامِلِ مِثْلُ لَوْنِ النَّهْيِ بِالْقَاعِ

قَالَ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ، فَظَنَّ أَنَّهُ يَضْحَكُ مِنْ ضَعْفِهِ وَجُبْنِهِ.

قُلتُ: هذا إسنادٌ ضعيفٌ جداً؛ مُسلسلٌ بالعلل:

الأولى: الانقطاع بين "عبد الله بن مصعب" وبين أحداث هذه القصة، فإنّه وُلِدَ عام (114هـ) ([2]).

الثانية: عبد الله بن مصعب، هو ابن ثابت، قال يحيى بن معين: [كان ضعيف الحديث، لم يكن عنده كتابٌ، إنما كان يحفظ] ([3])، وقال أبو حاتم: [هو شيخ، بابة عبد الرحمن بن أبي الزناد] ([4]).

الثالثة: علي بن صالح، هو المدني، قال الحافظ ابن حجر: [مَسْتور] ([5]).

2 - قصة حسان بن ثابت مع صفية بنت عبد المطلب وقتلها الرجل اليهودي:

هذه القصة وردت مِن طرقٍ كثيرة وهي على قسمين:

الأول: طرق شديدة الضعف، وهي التي بِها الزيادات المنكرة التي صرّحت بِجُبنِ حسان.

الثاني: طريقان مرسلان عن عروة بن الزبير، وعباد بن عبد الله بن الزبير.

أولاً: بيان وتخريج الطرق شديدة الضعف لهذه القصة

1 - أخرج أبو يعلى في "مسنده" (683)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (12/ 429 - 430) مِن طريقِ مُحَمَّد بْنِ الْحَسَنِ الْمَدَنِيِّ، حَدَّثَتْنِي أُمُّ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهَا، عَنْ جَدِّهَا الزُّبَيْرِ، قَالَ: لَمَّا خَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ نِسَاءَهُ يوم أُحد بِالْمَدِينَةِ، خَلَّفَهُنَّ فِي فَارِعٍ، وَفِيهِنَّ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَخَلَّفَ فِيهِنَّ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ، وَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ لَيَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ، فَقَالَتْ صَفِيَّةُ لِحَسَّانَ: عَنْدِكَ الرَّجُلُ، فَجَبُنَ حَسَّانُ، وَأَبَى عَلَيْهِ، فَتَنَاوَلَتْ صَفِيَّةُ السَّيْفَ فَضَرَبَتْ بِهِ الْمُشْرِكَ حَتَّى قَتَلَتْهُ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ، فَضَرَبَ لِصَفِيَّةَ بِسَهْمٍ كَمَا كَانَ يَضْرِبُ لِلرِّجَالِ.

قلتُ: هذا إسنادٌ موضوع؛ مسلسل بالعلل:

الأولى: جعفر بن الزبير بن العوام، مجهول الحال ([6])

الثانية: أم عروة، لم أجد لها ترجمة.

الثالثة: محمد بن الحسن المدني، هو ابن زَبَالة، قال الحافظ: [كَذَّبوه] ([7])

وقال الحافظ ابن حجر - تعليقاً على الإسناد السابق -: [تابع "ابن زَبَالة" عليه "إسحاق بن محمد بن أبي فروة"، وهو مِن رجال البخاري، فرواه عَن أم عروة، أخرجه البزار مِن طريقه، وسياقه أتَمّ] ([8])

قلتُ: هذه المتابعة، وردتَ عن "إسحاق بن محمد بن أبي فروة" مِن عدة طرق:

الطريق الأول: أخرجه البزَّار (2/ 333 - 334/ 1807 - كشف الأستار)، قال:

حدَّثنا عبد الله بن شبيب، ثنا إسحاق بن محمد الفروي، قال: حدثتني أم عروة بنت جعفر بن الزبير، عن أبيها، عن جدها الزبير بن العوام، به مطولاً.

قلتُ: وهذه متابعة لا يُفرح بِها، لأنَّ "عبد الله بن شبيب" هذا ساقط، قال ابن حبان: [يقلب الأخبار ويسرقها]، وقال فضلك الرازي: [يحلُّ ضربُ عُنقه].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير