[إشكال في المجاز العقلي]
ـ[حنين السلفية]ــــــــ[16 - 07 - 10, 06:36 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لديّ سؤال حول مجيء بعض الأبيات وقد نسب الفعل أو ما في معناه للزمن والدهر: مثل
ليس الزمان وإن حرصت مسالما ... خُلق الزمان عداوة الأحرار
فهل بهذا البيت شيء خطأ من ناحية العقيدة؟ أم يصح أن يكون من باب (المجاز العقلي).
وما الفرق بينه وبين:
أشاب الصغير وأفنى الكبير ** كرّ الغداة ومرّ العشي
بارك الله فيكم
ـ[أبو عبد الله الرياني]ــــــــ[16 - 07 - 10, 07:15 ص]ـ
أما بالنسبة للدهر ... فالمعنى ليس أن الله هو الزمان أو الدهر عياذا بالله ... ولكن إن الله هو المقدّر والقاضي جلّ وعلا فسبّ الدهر راجعٌ في الأصل إلى السخط على قضاء الله وقدره ...
فلا يصحّ أن يقول أحد أنه يقول (الزمان) أو (الدهر) بمعنى (الله) ... معاذ الله!!!
ولكن للشعر مدخَلٌ آخر يكون فيه مجازا إن لم يكن الكاتبُ أصلا ذا عقيدة فاسدة أو يدعو لعقيدة فاسدة ... وهناك أبياتٌ لا يُرى فيها شيءٌ أبدا لكن عند معرفة الشاعر يُفهم منها أنه يدعو للعقيدة الفاسدة لديه ...
مثلا أبيات سمعتها
أبرأ إلى الله ممن قالها:
((في أرضك أم في سماك ... ألقاك هنا أم هناك ... كلّ مكان قد حواك ... عميتْ عين لا تراك))
فالجملة الأولى قد نجد لها مخرجا ... والأخرى أيضا ... أما ما كان باللون الأحمر فوضّح أن العقيدة فاسدة لكاتب الأبيات فالمكان يحوي الرب حاشاه جلّ وعلا ... وما كان باللون الأزرق يُساءُ الظن فيه لبيان الأمر وانكشافِه ...
وهناك بيت:
ولا تكُ واثقا بالدهر يوما ... فإن الدهر منحلّ النظامِ
فهل هذا سب لله؟؟؟ ليس هذا قصد الشاعر .. وإنما أنك لا تأمن الزمان ومصائبه ...
هي الأيّام كما شاهدتها دوَلٌ .. من سرّه زمنٌ ساءته أزمانُ ....
ـ[حنين السلفية]ــــــــ[17 - 07 - 10, 07:24 ص]ـ
جزاكم الله خير الجزاء
فهمت من كلامكم أنه لا مشكلة في البيت الذي أوردته، وأنه يدخل تحت المجاز.
للشعر مدخَلٌ آخر يكون فيه مجازا إن لم يكن الكاتبُ أصلا ذا عقيدة فاسدة أو يدعو لعقيدة فاسدةإذن عن طريق معرفة عقيدة الشاعر نعلم إذا كان الكلام يجوز أو لا .. لكن لماذا نهتم بعقيدة الشاعر فحسب؟ قد يكون الشاعر عقيدته صحيحة لكن المستمع قد يفهم الكلام على حقيقته لبساطة فهمه أو لغيره .. فمن المسئول حينها؟
ـ[أبو هند محمد الجزائرى]ــــــــ[17 - 07 - 10, 03:21 م]ـ
السلام عليكم
عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله *قال الله يؤذيني ابن ادم يسب الدهر وانا الدهر بيدي الامر اقلب الليل والنهار*
قال ابن تيمية فدل نفس الحديث على انه هو يقلب الليل والنهار ويصرفه .... وغير ذلك من النصوص التي تبين انه خالق الزمان ولا يتوهم عاقل ان الله هو الزمان فان الزمان مقدار الحركة والحركة مقدارها من باب الاعراض والصفات القائمة بغيرها كالحركة والسكون والسواد والبياض ولايقول عاقل ان خالق العالم هو من باب الاعراض والصفات المفتقرة الى الجوهر والاعيان فان الاعراض لا تقوم بنفسها بل هي مفتقرة الى محل تقوم به والمفتقر الى ما يغايره لا يوجد بنفسه بل بذالك الغير فهو محتاج الى ما به وجوده فليس هو غنيا بنفسه عن غيره فكيف يكون هو الخالق لكل ما سواه. اه الفتاوى المصرية 5/ 64
حكم سب الدهر قال ابن القيم فساب الدهر قائم بين امرين لابد من احدهما
اما سبه لله والشرك به فان اعتقد ان الدهر فاعل مع الله فهو مشرك وان اعتقد ان الله وحده هو الذي فعل ذلك وهو يسب من فعله فهو يسب الله. اه زاد المعاد 2/ 355
ويزاد على ما ذكر ابن القيم ان من ما هو محرم وهو سب تسخط وتضجر للقدر فهذا محرم وقد يكون جائزا اذا كان من باب الاخبار كقوله *يوما عبوسا* وقوله *يوم نحس مستمر*
وقول الشاعر
ليس الزمان وإن حرصت مسالما ... خُلق الزمان عداوة الأحرار
المجاز العقلي هو الذي يجري في الاسناد بان يسند الشئ الى غير فاعله في الظاهر اي فهو تجوز في الاسناد ولا يغير في حقائق الامور وعند اطلاق لفظ المجاز يقصد به المجاز الغوي الذي هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة مع قرينة مانعة من ارادة المعنى الاصلي
وقوله في العجز خلق الزمان فهو اضاف الشر الى فعل لم يسمى فاعله كقوله *انا لا ندري اشر اريد بمن في الارض ام اراد بهم ربهم رشدا * وهذ في غاية الادب مع الله
وقوله عداوة الاحرار وهذه النسبة قد تصدق وقد تكذب ولكن الظاهر من البيت ان الشاعر لايقول ان الله هو الدهر كما قال ابن حزم واستدل من الحديث القدسي وهو باطل لان الشاعر قال *خلق* وكذالك لم ينسب العداوة والتي هي من جنس الشر الى الله.
والله اعلم
ـ[حنين السلفية]ــــــــ[18 - 07 - 10, 10:40 ص]ـ
الأستاذ الفاضل أبا هند: جزاكم الله خير الجزاء على هذه الإضافة القيمة
زادكم الله علما وتوفيقا.
¥