ـ[أبو أسامة الأزفوني]ــــــــ[10 - 06 - 10, 07:08 م]ـ
الفائدة (6)
6/ "تقسيم الكلام في القرآن والسنة إلى حقيقة ومجاز يقع على أحد وجهين؛ فإن أريد به الوجه اللفظي الاصطلاحي فهذا لا مشاحة فيه؛ فمثلاً: قوله تعالى: وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ [يوسف:82] من قال: إن هذا من باب المجاز في اللغة. وأراد أن العرب تحذف المضاف وتقيم المضاف إليه مقامه، وأن هذا مما تجوزه اللغة، أو من مجازات لغتهم، وأن المراد أهل القرية، فهذه التسمية اصطلاحية. إذاً: تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز إن كان من عوارض الألفاظ؛ فهو اصطلاح لا بأس به. وإن كان هذا التقسيم من عوارض المعاني، فهذا هو المشكل، وهو المستعمل عند اللغويين من المعتزلة، وشاع في كلام الأصوليين وغيرهم على معنىً قالوا فيه: الحقيقة هي اللفظ المستعمل فيما وضع له، والمجاز هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له، وهذا تعريف للحقيقة والمجاز مشهور عندهم"
ـ[أبو أسامة الأزفوني]ــــــــ[11 - 06 - 10, 01:59 م]ـ
الفائدة (7)
المراد بالمفوضة: هم من زعموا أن هذه النصوص يُعمل بألفاظها وأما معانيها فليس هناك معنىً يُؤمن به، وإنما يفوض العلم
بالمعنى إلى الله، وهذا مذهب غلط ومبتدع، وكما قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: "إن قول المفوضة من شر أقوال أهل البدع".
الفائدة (8)
مسألة: هل ابن قدامة يعتنق مذهب التفويض أم لا؟
يقال: هذه مسألة محتملة، ولكن الأظهر في طريقته رحمه الله أنه لا يوافقهم، وإن كانت بعض ألفاظه المجملة قد تشعر بشيء من
ذلك، والدليل على أن الموفق رحمه الله ليس مفوضاً أنه جعل القاعدة في الأسماء والصفات هي الإثبات بالتسليم والقبول
والإيمان، وترك التعرض لأدلة الصفات بالرد والتأويل؛ وهذا كله وغيره تقرير للإثبات المعروف عند السلف.
ـ[أبو أسامة الأزفوني]ــــــــ[11 - 06 - 10, 09:26 م]ـ
الفائدة (9)
قول بعض السلف (أمروها كما جاءت بلا كيف)
. وهذه جملة مروية عن مكحول، والزهري، وسفيان الثوري، والليث بن سعد، والأوزاعي .. وغيرهم. فهذه الجمل إذا تأملتها لا ترى فيها شيئاً من التفويض، بل قول الشافعي ليس فيه ذكر للتفويض بوجه، وإنما فيه تقرير لكونه رحمه الله يذهب إلى أن الإيمان على مراد الله ورسوله. بل يصح أن نقول: إن هذه الجملة ترد على المفوضة؛ لأن الشافعي رحمه الله بين أنه آمن بها على مراد الله، وعلى مراد رسول الله، فظهر أن لله ولرسوله مراداً من جهة المعنى في هذه النصوص، وإذا كان له سبحانه وتعالى مراد، ولرسوله مراد في خطابه، لزم أن هذا المراد مما يمكن فقهه وفهمه ووعيه. وكذلك قولهم: (أمروها كما جاءت بلا كيف) أيضاً فيه براءة من التفويض، وليس قولاً في التفويض؛ لأن قولهم: (أمروها كما جاءت) دليل على أنها تؤخذ على ظاهرها في المعاني المقتضية لها في لسان العرب. وقولهم: (بلا كيف) إنما نفوا العلم بالكيفية، وكونهم خصصوا الكيفية بنفي العلم دليل على أن المعنى من جهة أصله يكون معلوماً."
ـ[أبو أسامة الأزفوني]ــــــــ[11 - 06 - 10, 09:33 م]ـ
الفائدة (10)
مقام السنة والاتباع يعتبر بأصلين:
"الأصل الأول: العلم. والأصل الثاني: التسليم. وهما المذكوران في قول الله تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء:65] فالتسليم الذي لا يبنى على العلم فإنه غير مقصود في الشريعة، ولهذا كان التسليم المطلق للأعيان بدعة حدثت في الإسلام، وأول من أحدثها الشيعة ثم الصوفية، فصاروا يسلِّمون لأئمتهم تسليماً مطلقاً، حتى اعتقد بعض طوائفهم عصمة الأئمة. إن التسليم المطلق بلا علم لأعيان أهل العلم فضلاً عمن دونهم ليس مقصوداً في الشرع؛ بل لا يكون إلا لله سبحانه وتعالى، ولحكم نبيه صلى الله عليه وسلم، وأما غير النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يراجع في قوله، حتى يكون على وفق مقاصد الشريعة. فهنا قوله تعالى: حَتَّى يُحَكِّمُوكَ [النساء:65] فلا بد من مقام العلم ومقام التسليم، وهذان الأصلان هما مبنى السنة، فلابد أن يكون صاحب السنة والمقتدي بآثار السلف على علم وتسليم، ولا يمكن أن تقوم الحقائق في القلوب ويعظم شأنه سبحانه وتعالى إلا بالعلم الذي يصاحبه التسليم.
ـ[أبو أسامة الأزفوني]ــــــــ[12 - 06 - 10, 03:25 م]ـ
الفائدة (11)
هل عمر بن عبد العزيز رحمه الله يعتبر خليفةً خامساً؟
"من أثبت هذا غلط، وقد أنكره جملة من الأئمة الكبار: كالإمام أحمد رحمه الله، وغيره، وذلك من جهتين: الجهة الأولى: أن عمر بن عبد العزيز بويع الخلافة المقصودة بعد زمن بعيد، والإمام أحمد رحمه الله لما بلغه قول بعض أهل العراق: إن عمر بن عبد العزيز هو الخليفة الخامس، تعجب من ذلك! وقال: ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: (الخلافة بعدي ثلاثون سنة)؟ ومقصوده رحمه الله: أن من جعل عمر بن عبد العزيز خليفةً خامساً فقد زاد عن الثلاثين؛ لأن الثلاثين سنة بقي منها أشهر بعد مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وهذه الأشهر هي إمارة الحسن، إن كان له إمارة، على خلاف بين أهل العلم. وعمر بن عبد العزيز صاحب سنة، وأمير عدل، وإمام في العلم والورع ... إلخ، لكن لا يجوز أن يسمى خليفة خامساً، بل الخلفاء أربعة، وأما من بعدهم فهم سلاطين وملوك وأمراء"
الفائدة (12)
"مذهب السلف الذي ينسب إليهم ليس هو الآحاد الفقهية، فالآحاد الفقهية: هي محل خلاف في الجملة بين السلف، إنما مذهب السلف الذي يجب اتباعه هو ما انضبط بالإجماع أو استفاض نقله عنهم سواء كان في المسائل العلمية أو العملية، وأما إذا لم ينضبط انضباطاً بيناً فلا يجوز نسبته إلى السلف كمذهب، وإنما يذكر على أنه قول لطائفة من السلف، أو أنه محل نزاع بينهم، أو ما إلى ذلك؛ لأن من قال عن قول ما: إنه مذهب للسلف؛ فمعناه أن اتباعه يكون واجباً، وأن غيره يكون بدعةً "
¥