تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال: (ولو لزم - يا ذوى الحجا- أهل السنة والآثار إذا أثبتوا لمعبودهم يدين كما ثبتهما الله لنفسه، وثبتوا له نفسا -عز ربنا وجل-، وأنه سميع بصير، يسمع ويرى، ما ادعى هؤلاء الجهلة عليهم أنهم مشبهة، للزم كل من سمى الله ملكًا، أو عظيمًا ورؤوفًا، ورحيمًا، وجبارًا، ومتكبرًا، أنه قد شبه خالقه -عز وجل- بخلقه، حاش لله أن يكون من وصف الله جل وعلا، بما وصف الله به نفسه، في كتابه، أو على لسان نبيه المصطفى –صلى الله عليه وسلم- مشبها خالقه بخلقه.) (21)

- قال محمد بن إسحاق ابن منده (ت. 395 هـ): ( ... وذلك أن الله تعالى امتدح نفسه بصفاته تعالى، ودعا عباده إلى مدحه بذلك، وصدق به المصطفى صلى الله عليه وسلم، وبيّن مُراد الله عز وجل فيما أظهر لعباده من ذكر نفسه وأسمائه وصفاته، وكان ذلك مفهوما عند العرب غير مُحتاج إلى تأويلها، فقال عز وجل: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 54]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:” قال الله تعالى: (إني حرّمت الظلم على نفسي) “، وقال صلى الله عليه وسلم بيانًا لقوله: ”إن الله كتب كتابا على نفسه فهو عنده: إن رحمتي تغلب غضبي“، فبيّن مُراد الله فيما أخبر عن نفسه، وبيَّن أن نفسه قديم غير فانٍ بفناء الخلق، وأن ذاته لا توصف إلا بما وصف، ووصفه النبي صلى الله عليه وسلم، لأن المجاوز وصفهما يوجب المماثلة، والتمثيل والتشبيه لا يكون إلا بالتحقيق، ولا يكون باتفاق الأسماء، وإنما وافق اسم النفس اسم نفس الإنسان الذي سماه الله نفسًا منفوسة، وكذلك سائر الأسماء التي سمى بها خلقه، إنما هي مستعارة لخلقه منحها عباده للمعرفة ...

وإنما ينفي التمثيل والتشبيه النية، والعلم بمباينة الصفات والمعاني، والفرق بين الخالق والمخلوق في جميع الأشياء فيما يؤدي إلى التمثيل والتشبيه عند أهل الجهل والزيغ، ووجوب الإيمان بالله عز وجل وبأسمائه وصفاته التي وصف بها نفسه وأخبر عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن أسامي الخلق وصفاتهم وافقتها في الإسم وباينتها في جميع المعاني، بحدوث خلقه وفنائهم، وأزلية الخالق وبقائه، وبما أظهر من صفاته ومنع استدراك كيفيتها، فقال عز وجل: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}» (22)

- قال أبو عمر الطلمنكي المالكي الأندلسي (ت. 429 هـ) في كتاب "الوصول إلى معرفة الأصول": (قال قوم من المعتزلة والجهمية: لا يجوز أن يسمى الله عز وجل بهذه الإسماء على الحقيقة ويسمى بها المخلوق. فنفوا عن الله الحقائق من أسمائه، وأثبتوها لخلقه، فإذا سُئلوا ما حملهم على هذا الزيغ؟ قالوا: الإجتماع في التسمية يوجب التشبيه.

قلنا: هذا خروج عن اللغة التي خوطبنا بها لأن المعقول في اللغة أن الإشتباه في اللغة لا تحصل بالتسمية، وإنما تشبيه الأشياء بأنفسها أو بهيئات فيها كالبياض بالبياض، والسواد بالسواد، والطويل بالطويل، والقصير بالقصير، ولو كانت الأسماء توجب إشتباها لاشتبهت الأشياء كلها لشمول إسم الشيء لها، وعموم تسمية الأشياء به، فنسألهم: أتقولون إن الله موجود؟ فإن قالوا: نعم. قيل لهم: يلزمكم على دعواكم أن يكون مشبها للموجودين. وإن قالوا: موجود ولا يوجب وجوده الإشتباه بينه وبين الموجودات. قلنا: فكذلك هو حيٌ، عالمٌ، قادرٌ، مريدٌ، سميعٌ، بصيرٌ، متكلمٌ، يعني ولا يلزم إشتباهه بمن اتصف بهذه الصفات.) (23)

قال أبو نصر السجزي الحنفي (ت. 444 هـ): (والأصل الذي يجب أن يُعلم: أن اتفاق التسميات لا يوجب اتِّفاق المسمّين بها، فنحن إذا قلنا: إن الله موجود رؤوف واحد حيٌّ عليم سميع بصير متكلم، وقلنا: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان موجودًا حيًّا عالمًا سميعًا بصيرًا متكلمًا، لم يكن ذلك تشبيها، ولا خالفنا به أحدًا من السلف والأئمة، بل الله موجود لم يزل، واحد حي قديم قيوم عالم سميع بصير متكلم فيما لم يزل، ولا يجوز أن يوصف بأضداد هذه الصفات.) (24)

خامسًا: كل مُعطل مُمثل، وكل مُمثل مُعطل: وذلك لأن المُعطِّل تصوّر التشبيه في ذهنه فنفى الصفة، والمُمثل عطَّل الصفة بتمثيله الخالق بالمخلوق، إذ ليست هي حقيقة الصفة كما أنه عطل النصوص.

أقوال السلف الصالح والأئمة من بعدهم في تنزيه الله عن التشبيه:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير