فالأول من شرف القول المنتسب إليهوالثاني من شرف القائل المنتسب إليه.
وهذان البابان منفكان عن مجرد اسم السلفية؛ لذا لو قدر أن كان في لسان الناس اسم آخر يدل على نفس المعنى لدارمعه المعنى وبالتالي يدور الثواب، أم مجرد اختيار هذا البناء (السلفية) فمباح لاغير؛ ولذا لو جعلها (المتسلف) مثلاً = لجاز، فدل على أن النسبة بهذه النسبة المعينة مباح لا غير ..
والله سمانا المسلمين لكنه لم يمنعنا أن نتسمى بالمهاجرين أو الأنصار أو المجاهدين أو الفقهاء أو السلفيين وكلها شعب من اسم المسلمين ليس التسمي بها رافعاً لاسم الإسلام وليس فيها ما هو زائد عن اسم الإسلام والسلف لفظ عربي قديم وليس محدث والمحدث هو تعيين هذا السلف بأنهم سلفنا صحابةالنبي وليس هذا احداثاً في الاسم بل هو تعيين لمعناه الخارجي و التسمي بغيره من الأسماء المستحبة أو المباحة،وهذا لا حرج فيه ولو اقترن عند البعض بالمحذور، فينهى عن المحذور ويبقى الاسم، مادام المحذور ليس مستلزماً للاسم لاينفك عنه، ومادمنا لم نستبدل به اسماً شرعياً مطابقاً له ..
ولذلك لم ينه النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة عن التسمي بالمهاجرين والأنصار رغم كونه اقترن بالمحذور أحياناً ..
ومن تسموا بالسلفية إن نفوا ذلك الاسم عن غيرهم ممن يستحق معنى السلفي وحصروا الحق فيهم وهو موجود في غيرهم أو والوا وعادوا وآلفوا ونافروا على أئمتهم الذين لا يفترقون في السلفية عن غيرهم=لم يعد منهجهم صواباً وباتوا متحزبين على بدعة يوالون ويعادون عليها، وصاروا كغيرهم من الأحزاب البدعية وإن تسموا باسم السلفية ..
ومثلهم: من تسمى باسم شرعي المستحب ولكنه والى وعادى على مجرد التسمي لا على المعاني المتضمنة للاسم التي صار الاسم شرعياً بسببها، كالتداعي بالمهاجرين والأنصار الذي وقع من الصحابة ..
ولسنا نرى صواب من يجعل السلفية لمقابلة من ينتسبون لأهل السنة بالباطل، بل ذلك عندنا خطأ، وإنما السلفية من جنس الأسماء المباحة للمعاني الصحيحة التي يجوز الانتساب إليها بالحق وإن وجد من ينتسب لها بالباطل وهي أقدم من انتساب الناس لأهل السنة بالباطل ..
بقت بعض النقول عن السلف في ذم من تسمى بغير الإسلام مثل:
1 - قال عبد الله بن عباس رضي الله عنه:
((من أقَرَّ باسم من هذه الأسماءالمحدثةفقد خلع رِبْقَة الإسلام من عنقه))
2 - قال ميمون بن مهران:
((إياكم وكل اسم يسمى بغير الإسلام))
3 - وقال مالك بن مِغْوَل:
((إذا تسمى الرجل بغيرالإسلام والسنة فألحقه بأي دين شئت))
4 - عن عبد الله بن يزيد الأنصاري قال:
((تسموا باسمكم الذي سماكم الله بالحنيفية، والإسلام والإيمان))
أما أثر ابن عباس ففي إسناده نوح بن أبي مريم وهو متهم بالكذب ..
وأثر مالك بن مغول لا يعرف له إسناد ..
والجواب عن باقي الآثار سهل ميسور فمرادهم بذلك: الأسماء البدعية المراد بها القرب والتعبد بالأهواء وإلا فلا نزاع بينهم في جواز التسمي بالأسماء المباحة إذا كان المعنى صحيحاً بالضوابط السابق بيانها، كما أن الفرق قائم بين من تسمى باسم غير الإسلام وبين من تسمى باسم مع الإسلام، وقد اتفقت كلمة أهل العلم على جواز التسمي بأسماء مع الإسلام كأهل السنة وكالجماعة وكالفرقة الناجية وكالطائفة المنصورة، وكأهل الحديث، وكل تلك أسماء تعبر عن معاني دينية شريفة تظهر للحاجة فلم تظهر السلفية في زمن الصحابة لأنهم لن يعتزوا لأنفسهم وإنما يَعتزي لهم من وفق ممن بعدهم، ولم يعد ذلك من التسمي المذموم بغير الإسلام، وإنما هذه ألقاب وأسماء عربية مباحة يدور حكمها مع ما تحتها من المعاني،مالم يدخلها محرم من جهة أخرى كما بينا ..
ويوضح أن مقصودهم أسماء أهل البدع أن أثر ميمون ورد بنفس السند بلفظ:
«إياكم وكل هوى يسمى بغير الإسلام)) ..
وهذا نص في صحة فهمنا والحمد لله ..
وكلام عبد الله بن يزيد هو في الرد على من يمنعون التسمي بالمؤمن ونحوها خوف التزكية؛ولذلك أوردها ابن أبي شيبة وأورد قبلها قول عبد الله بن يزيد نفسه: ((إذَا سُئِلَ أَحَدُكُمْ: أَمُؤْمِنٌ أَنْتَ؟ فَلا يَشُكُّ فِي إيمَانِهِ)).
ولم يمنع هذا الأثر السلف من التسمي بأهل السنة والجماعة وأهل الحديث والفرقة الناجية ونحوها ..
جماع النقولات عن الشيخ رحمه الله
¥