تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فَإِنْ قَالُوا: هُوَ مَعْهُودُ كَلاَمِ الْعَرَبِ؛ قلنا: مَا هُوَ كَذَلِكَ؛ بَلْ مَعْهُودُ كَلاَمِ الْعَرَبِ الَّذِي لاَ يَجُوزُ غَيْرُهُ أَنَّ " لاَ " لِلنَّفْيِ وَالتَّبْرِئَةِ جُمْلَةً إلاَّ أَنْ يَأْتِيَ دَلِيلٌ مِنْ نَصٍّ آخَرَ أَوْ ضَرُورَةُ حِسٍّ عَلَى خِلاَفِ ذَلِكَ، ثُمَّ هَبْكُمْ أَنَّهُ كَمَا قُلْتُمْ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ حُجَّةٌ لَنَا، وَهُوَ قَوْلُنَا؛ لاَِنَّ كُلَّ صَلاَةٍ لَمْ تَكْمُلْ وَلَمْ تَتِمَّ فَهِيَ بَاطِلٌ كُلُّهَا، بِلاَ خِلاَفٍ مِنَّا وَمِنْكُمْ.

فَإِنْ قَالُوا: إنَّمَا هَذَا فِيمَا نَقَصَ مِنْ فَرَائِضِهَا؛ قلنا: نَعَمْ؛ وَالْوَقْتُ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلاَةِ بِإِجْمَاعٍ مِنَّا وَمِنْكُمْ وَمِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ فَهِيَ صَلاَةٌ تَعَمَّدَ تَرْكَ فَرِيضَةٍ مِنْ فَرَائِضِهَا.

قَالَ عَلِيٌّ: مَا نَعْلَمُ؛ لِمَنْ ذَكَرْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، مُخَالِفًا مِنْهُمْ، وَهُمْ يُشَنِّعُونَ بِخِلاَفِ الصَّاحِبِ إذَا وَافَقَ أَهْوَاءَهُمْ، وَقَدْ جَاءَ عَنْ عُمَرَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، أَنَّ مَنْ تَرَكَ صَلاَةَ فَرْضٍ وَاحِدَةٍ مُتَعَمِّدًا حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ. وَهَؤُلاَءِ الْحَنَفِيُّونَ وَالْمَالِكِيُّونَ لاَ يَرَوْنَ عَلَى الْمُرْتَدِّ قَضَاءَ مَا خَرَجَ وَقْتُهُ. فَهَؤُلاَءِ مِنْ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، أَيْضًا لاَ يَرَوْنَ عَلَى مَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ الصَّلاَةِ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا قَضَاءً.

قَالَ عَلِيٌّ: وَمَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى عُذْرًا لِمَنْ خُوطِبَ بِالصَّلاَةِ فِي تَأْخِيرِهَا عَنْ وَقْتِهَا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، لاَ فِي حَالِ الْمُطَاعَنَةِ وَالْقِتَالِ وَالْخَوْفِ وَشِدَّةِ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ.

وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمْ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ}، وَقَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا} وَلَمْ يَفْسَحْ اللَّهُ تَعَالَى، وَلاَ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَرْكِهَا عَنْ وَقْتِهَا حَتَّى صَلاَّهَا بِطَائِفَتَيْنِ وُجُوهُ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ، عَلَى مَا نَذْكُرُ فِي صَلاَةِ الْخَوْفِ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. وَلَمْ يَفْسَحْ تَعَالَى فِي تَأْخِيرِهَا عَنْ وَقْتِهَا لِلْمَرِيضِ الْمُدْنَفِ، بَلْ أُمِرَ إنْ عَجَزَ عَنْ الصَّلاَةِ قَائِمًا أَنَّهُ يُصَلِّي قَاعِدًا فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْقُعُودِ فَعَلَى جَنْبٍ؛ وَبِالتَّيَمُّمِ إنْ عَجَزَ عَنْ الْمَاءِ، وَبِغَيْرِ تَيَمُّمٍ إنْ عَجَزَ عَنْ التُّرَابِ فَمِنْ أَيْنَ أَجَازَ مَنْ أَجَازَ تَعَمُّدَ تَرْكِهَا حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا ثُمَّ أَمَرَهُ بِأَنْ يُصَلِّيَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ، وَأَخْبَرَهُ بِأَنَّهَا تُجْزِئُهُ كَذَلِكَ؛ مِنْ غَيْرِ قُرْآنٍ، وَلاَ سُنَّةٍ، لاَ صَحِيحَةٍ، وَلاَ سَقِيمَةٍ، وَلاَ قَوْلٍ لِصَاحِبٍ، وَلاَ قِيَاسٍ. وَقَدْ أَقْدَمَ بَعْضُهُمْ فَذَكَرَ صَلاَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى أَنَّهُ عليه السلام تَرَكَهَا مُتَعَمِّدًا ذَاكِرًا لَهَا.

قال علي: وهذا كُفْرٌ مُجَرَّدٌ مِمَّنْ أَجَازَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لاَِنَّهُمْ مُقِرُّونَ مَعَنَا بِلاَ خِلاَفٍ مِنْ أَحَدِهِمْ، وَلاَ مِنْ أَحَدٍ مِنْ الآُمَّةِ فِي أَنَّ مَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ صَلاَةِ فَرْضٍ ذَاكِرًا لَهَا حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا، فَإِنَّهُ فَاسِقٌ مُجَرَّحُ الشَّهَادَةِ، مُسْتَحِقٌّ؛ لِلضَّرْبِ وَالنَّكَالِ، وَمَنْ أَوْجَبَ شَيْئًا مِنْ النَّكَالِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ وَصَفَهُ وَقَطَعَ عَلَيْهِ بِالْفِسْقِ أَوْ بِجَرْحِهِ فِي شَهَادَتِهِ، فَهُوَ كَافِرٌ مُشْرِكٌ مُرْتَدٌّ كَالْيَهُودِ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير