تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تعبير الرؤيا ونسبته إلى القياس]

ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[15 - 02 - 05, 07:00 ص]ـ

[تعبير الرؤيا ونسبته إلى القياس]

علم التعبير علمٌ شريفٌ قائمٌ برأسه، له قواعده وأصوله.

ومع هذا فهو من علوم الشريعة بالمحل الذي لا يخفى، كيف والرؤيا إنما هي جزءٌ من ستة وأربعين جزءاً من النبوة.

وهذا الخبر دالٌّ على أن الرؤيا تشبه الوحي من بعض الأوجه، لما فيها من دلالة على الغيب.

وتفسيرها (يشبه) تفسير النص من هذا الوجه أيضاً (قف)، بحيث ينظر فيه من جهة اللغة، والسياق .... الخ.

هذا، وقد أنكر بعضُ الناس أن تكون الرؤى مما يدخله القياس (قف)، وهذا غلطٌ عظيم، فإن الناظر فيما ورد عن السلف، وتصرفهم في هذا الباب، يوقن ببطلان هذه الدعوى، ولو لم يكن عندنا إلا تبويبات الإمام البخاري في صحيحه لكفى في رد هذه الدعوى.

نعم ليس القياس في الرؤيا، هو القياس الفقهي الخاص، بل بينهما فروقٌ لا تخفى.

كما أنكرَ البعض أن يكون التعبير علماً يُتعلم، وهذه كسابقتها في (التهافت)، وقد كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يسأل أصحابه عن رؤاهم، ويعبرها أمامهم، قال ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ:" ليتعلموا "، قرره في الاستذكار.

ولذا فإن المعبر يحتاج إلى القياس الصحيح (قف) فيها، وإلى معرفة القرائن الحافة بالرؤيا، كمعرفة: حال الرائي، والزمان، والمكان، والبيئة .... الخ.

ذلك أن الرؤيا (كنايات) وأمثال، تشير إلى ما يقابلها من الوقائع.

وأنتَ تنظر في استعبار تلك الكنايات من خلال (مرآة) قلبك وعقلك، وكلما كانت (مرآتك) صقيلةً، كان التعبير أصح وأقرب.

وجودة المرآة راجعٌ إلى أمور، منها: الديانة، والصدق في الحديث، والفراسة، (وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ) [النور (40)].

ولهذا يتفاوت الناس في (فقه) الرؤى تفاوتاً عظيماً، فربَّ رؤيا يعيبها البعض، ويتضاحكونَ منها، ويضغِّثونها، وهي عند العارفين من أشرف المنامات!

وكم من عائبٍ قولاً صحيحاً ..... وآفتُه من الفهمِ السقيمِ

ولكن تأخذ الأسماعُ منه ...... على قدر القرائحِ والفهومِ

والعلم عند الله تعالى.

ـ[عصام البشير]ــــــــ[15 - 02 - 05, 11:47 ص]ـ

جزاكم الله خيرا

الإشكال - بارك الله فيك - في هذا العلم هو: هل له قواعد منضبطة، من قبيل: من رأى كذا فتعبيره كذا، كما يقوله بعض الناس؟ أم أن الأمر يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، كما ذكرتم في قولكم:

''

ولذا فإن المعبر يحتاج إلى القياس الصحيح (قف) فيها، وإلى معرفة القرائن الحافة بالرؤيا، كمعرفة: حال الرائي، والزمان، والمكان، والبيئة .... الخ.

''

وهل يختلف الحكم بين الأشياء التي ورد تعبيرها في نصوص الوحي كالبقرات السمان والعجاف، وكاللبن وطول القميص، وبين ما لم يرد في النصوص؟ أم أن الحكم واحد، على اعتبار أن ما ورد تعبيره في تلك النصوص خاص بحال الشخص صاحب الرؤيا، ولا يتعداه إلى غيره.

وأثابكم الله.

ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[15 - 02 - 05, 10:16 م]ـ

وجزاكم خيراً وبراً،،،

أما أن له قواعد وكليات منضبطة فلا شك في ذلك، لكن ما معنى الانضباط هنا، وأين موضع القياس فيه.

ليس معناه ما تفضلتم به، بأن تجعل قاعدة عامة، على نسق: " من رأى كذا فتأويله كذا "، هكذا بإطلاق، كلا!

بل العكس صحيحٌ، وهو أن من قواعده أن التعبير يختلف باختلاف الأحوال.

وإذا تمعنا في هذه الأحوال المختلفة، وجدناها زُمَراً وأقساماً:

فالرجال لهم أحوال تختلف عن النساء، وللتجار أحوال مخصوصة، طلبة العلم أحوال مخصوصة، وللمتزوجين أحوال، وهكذا.

ثم إن هؤلاء على أنواع، فأحوال طلبة العلم على أنواع، منها: أثناء الدراسة، وما بعد التخرج والتوظف، وطبيعة الوظيفة، وهكذا.

مثاله: لو أنه كان عزباً ـ عندنا ـ ورأى في المنام أنه يلبس عباءةً (مِشلحاً)، فهذا يفسر بأنه يتزوج، وتؤخذ أوصاف الزوجة من أوصاف تلك العباءة، كالطول، والقصر، واللون، بحسب كل وصف.

لأن العادة عندنا أن العروس ـ الزوج ـ يلبس العباءة، ويسمى البشت والمشلح.

وهكذا لو رأى آخر مثله الرؤيا نفسها، فالتعبير هو نفسه، لا يكاد يخطئ، إلا ما شاء الله.

لكن لو أن الرائي كان متزوجاً، لكان التفسير مختلفاً، لاختلاف الحال، فإن كان طالب العلم هذا في كلية الشريعة، فيتولى وظيفة دينية ـ القضاء غالباً ـ.

ومن أوجه الانضباط في قواعده أنها أغلبية، لا كلية، فلكل قاعدة شواذ، وهذا كما أنه جارٍ هنا، فهو جارٍ في قواعد الفقه، كما تعلمون.

ومن أوجه الانضباط بحسب التجربة: أن القرائن إذا تطابقت يوشك أن يتطابق التعبير، وإذا تقاربت، تقارب التعبير.

ثم بعد تقرير هذا الأصل يبقى أن أشير إلى أن التعبير من موارد الاجتهاد والتقدير والحدس، لا من موارد القطع والجزم.

فالنار في المنام فتنةٌ، والعسل شفاء، وخروج الدم خروج مال، والسباحة وقوع في مشكلة، والكعبة سلطان، والسلطان علم ... وهكذا.

هذا في الغالب، بشرط أن يكون الرائي ممن يليق به ذلك.

وإلا فقد يعبر العسل بالشفاء من مرض، أو بالخلاص من عدو ....

والكعبة قد تعبر بالأم، والإمامة الكبرى أو الصغرى ...

فلو أن الحاكم نفسه رأى الكعبة، لكان تعبيرها بالحكم نفسه.

ومن رأى السلطانَ، وهو ممن لا يليق به الدخول على السلاطين بحسب العادة، لكان معناها وظيفة، أو مال ونحوه، بحسب الأحوال.

ثم إن المعبرين يتفاوتون في ضبط هذه القواعد، كما يتفاوت الفقهاء في ضبط القواعد الفقهية، وليس يلزم في التعبير أن يتصور المعبر (جميع) الكليات والقواعد لهذا العلم، فقد حُجب كثيرٌ من الناس عن ذلك، كله أو بعضه، يدل لذلك قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - للصديق 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: (أصبت بعضاً، وأخطأت بعضاً، قال الصديق: فوالله يا رسول الله لتحدثني ما الذي أخطأت، قال: لا تقسم) الحديث. ولم يخبره بشيء.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير