تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[إشكال في مرحلة متوسطة بين (النقود السلعية) و (النقود الورقية)]

ـ[محمد رشيد]ــــــــ[03 - 02 - 05, 01:34 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

أما بعد،،

فنعرف التطور التاريخي للنقود، و أنها بدأت بـ (النقود السلعية) ـ و منها التعامل بالنقدين الذهب و الفضة إذ هي سلع في حد ذاتها، و انتهت بالنقود الورقية التي هي ليست سلعا في حد ذاتها بل استمدت اعتمادها و الوثوق بها من قوة الدولة المصدرة لها .. هذا لا إشكال فيه

و إنما الإشكال في مرحلة ما من تاريخ بعض ولاة المسلمين في الدولة العباسية كالسفاح من غش للدراهم بنسبة كبيرة من النحاس، و مع هذا الغش للدراهم إلا أنها ظلت تحتفظ بقيمتها السلعية الصورية كاملة كأن لم تكن مغشوشة!

في غش الدراهم يقول المقريزي:

((فلما قتل المتوكل، و تغلب الموالي من الأتراك، و تناثر سلك الخلافة، و تفننت الدولة العباسية في الترف، و قوي عامل كل جهة على ما يليه، و كثرت النفقات، و قلت المجابي بتغلب الولاة على الأطراف، حدثت بدع كثيرة من حينئذ ومن جملتها غش الدراهم)) شذور العقود في ذكر النقود ص 72 ـ 73

و في ثبات القيمة اعتبارا يقول:

((فلما كان شهر رجب سنة إحدى و تسعين و مئة نقصت الدنانير الهاشمية نصف حبة، و مازال الأمر في ذلك كله عصرا يجوز جواز المثاقيل)) شذور العقود في ذكر النقود ص69

و هذا حقيقة دعاني لشيء من التأمل .. فالنقود السلعية تنبع قيمتها من ذاتها .. فلو اتخذنا الشياه مثلا كنقود فحقيقة المنفعة هي في الشاة نفسها لا في قوة إبراءها فقط، فلو لم أستطع بيعها و استبدالها فيمكنني أن اذبح الشاة و آكلها لو كنت محتاجا لذلك أو تأجيل هذا الأمر إلى وقت الحاجة، و أما كونها نقود فهذا فقط منبعه اتفاق الناس و تعارفهم للأمر لكثرة هذه السلعة في بيئتهم، و هذا لا يغير كونها سلعة في أصلها .. والدنانير الذهب مثلها تماما سواء استعملت وزنا كما هو في عهد النبوة، أو مسكوكة كما في عهد الخلفاء الراشدين، فالمهم هو ضبط الكم، و الذهب سلعة حقيقية في نفسه بحكم ميل النفوس إليه و التزين به و بقاءه .. ولكن الإشكال حقا أن تصبح نفس القيمة معمولا بها مع انخفاض في نسبة الذهب من الدرهم، فهذا يجعلنا نقول بأنها مرحلة متوسطة بين النقود الورقية ـ العديمة القيمة في ذاتها ـ و بين النقود السلعية التي تكمن قيمتها فيها .. ووجه هذا التوسط هو أننا لو نظرنا لكونها لها قيمة في نفسها من حيث إنها ذهب و لو بنسبة اقل لقلنا هي نقود سلعية، و لو نظرنا لكونها تعتبر فيها قيمة محددة أكثر من قيمتها الحقيقية لقلنا بكونها نقودا ورقية استمدت قوتها من قوة دولتها ... و لكن هذا التوسط لا يستقيم، لأنك لو أردت التعامل بها كسلعة فرغبت في إذابة الدراهم في سبيكة و تبيعها لصائغ كسلعة فلن يقبل منك قيمتها الاعتبارية، بل سيعاملك على قيمتها السلعية و التي هي أقل من قيمتها الاعتبارية، و لو أردت التعامل بها كنقود تكمن قيمتها في قوة الدولة المصدرة لها فأردت صرفها بذهب مثلها فستمنعك الدولة من هذا، و سيحرم عليك لتحقق التفضل بغش الدراهم.

فما قول طلبة العلم في هذا الإشكال؟

و جزاكم الله تعالى خيرا

أخوكم المحب / محمد رشيد

ـ[محمد رشيد]ــــــــ[07 - 02 - 05, 05:00 م]ـ

للأهمية

ـ[الحارثي]ــــــــ[08 - 02 - 05, 04:59 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله وبعد:

الأخ الكريم محمد رشيد وفقه الله تعالى:

فيما يتعلق بهذه الفلوس أو الدراهم المغشوشة التي تحدثت عنها فقد بقيت بحد ذاتها سلعة مختلطة من الفضة والنحاس وهي بذلك قابلة للتقايض حسب تعارف أهل السوق لكنني لا أظن -والله تعالى أعلم- أنهم في تلك الأيام كانوا يقايضونها بالدراهم الحقيقية وهو أمر غير جائز شرعاً أصلاً كما هو معلوم، كما أنه لا يجوز أن يكون مقدار الزكاة في هذه المغشوشة كمقداره في الدراهم الخالصة!

أما في باقي السلع فمادام المتعامل بهذه النقود يعلم حقيقتها ومثله الذي أخذها منه فله عندئذً أن يقايض بها أية سلعة ماداما قد اتفقا على ذلك وباي مقدار! فهنا يخضع الأمر للعرض والطلب واتفاق المتقايضين ولا يوجد مانع شرعي من ذلك حسب علمي القاصر.

وأنت تعلم أن الذهب الخالص لم يكن دائماً بسعر واحد أمام الفضة الخالصة! فقد ذكرت كتب التاريخ أن سعر صرف الدينار بالفضة كان يتراوح ما بين عشرة إلى ثلاثة عشر درهماً! فالأمر هنا يخضع للعرض والطلب وتراضي الناس. وعلى هذا فلا مانع من أن تكون (الفلوس) سلعة يتعامل بها الناس عن تراض منهم ما داموا يعلمون حقيقتها على ألا يخالفوا الشريعة كما أسلفنا كأن يبيعوها بالدرهم الخالص حتى لو كان مثلاً بمثل وزناً وهاء وهاء! (لأن المثل هنا هو الوزن وليس المادة!) أو أن يبيعوها بالذهب آجلاً! أو غير ذلك مما هو محرم شرعاً.

وعلى ذلك فلا إشكال فيما طرحت لأن القيمة تتغير ولا تبقى ثابتة ولا مانع من أن نتعامل بأية طريقة مادامت لا تخالف الشرع.

فلو افترضنا أن الدرهم نقص حبة مثلاً (مع علم الناس بذلك) وبقيت القيمة واحدة في جميع أنواع التعامل -إلا ما نهى عنه الشرع -على ما أسلفنا- فأي مانع من ذلك؟!

أي ما المانع من أن تكون قيمة مثقال سبعة وأربعين حبة مثلاً كقيمة مثقال خمسين حبة مثلاً بمثل؟! ما دام الناس قد تراضوا بذلك؟!

على أنني انبهك إلى أن ثمة فرقاً كبيراً بين هذه الفلوس وبين الأوراق النقدية وقد تحدثت عن ذلك سابقاً ولا أعيد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير