تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعليه فلا يجوز ضرب الدُفّ لا للرجال ولا للنساء إلا في إعلان النكاح فإنه يجوز ضربه للنساء خاصة، بل للبُنيّات والتي عُبّر عنهن بـ " الجواري "

وضرب الدفّ رُخصة رُخِّص بها للنساء دون الرجال.

فتعبير الصحابة بـ (رخّص) يُشعر بأن الأمر قبل الترخيص محظور – أي محرّم – والرُّخصة هنا إنما تكون بعد التحريم.

قال ابن حزم: لا تكون لفظة الرخصة إلا عن شيء تقدم التحذير منه.

وقال الشاطبي: وأما الرخصة فما شرع لعذر شاق استثناء من أصل كلي يقتضي المنع مع الاقتصار على مواضع الحاجة فيه.

وقال صاحب كتاب القواعد والفوائد الأصولية: والرخصة لغة السهولة، وشرعا: ما ثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح. وقيل: استباحة المحظور مع قيام السبب الحاظر

وقال الآمدى: الرخصة ما شرع لعذر مع قيام السبب المحرم.

وقال القرافى: هي جواز الإقدام على الفعل مع اشتهار المانع منه شرعا؛ والمعانى متقاربة. اهـ.

قال الشيخ حافظ حكمي:

والرخصة الإذن في أصلٍ لمعذرةٍ === وضدها عزمة بالأصلِ تنعقدُ

فأنت – رعاك الله – ترى أن ضرب الدفّ لم يكن من شِيَمِ الرجال، بل هو من شأن الجواري!!

وإن ضرب الدفّ خاص بالعرس أو وليمة العرس أو الختان.

شُبهة وجوابها:

قد يستدل البعض بما ورد في الصحيحين من حديث عائشة قالت: دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث فاضطجع على الفراش وحوّل وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرني، وقال: مزمارة الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل عليه رسول الله عليه السلام فقال: دعهما. فلما غفل غمزتهما فخرجتا، وكان يوم عيد يلعب السودان بالدرق والحراب فإما سألت صلى الله عليه وسلم، وإما قال: تشتهين تنظرين؟ فقلت: نعم، فأقامني وراءه خدي على خده، وهو يقول: دونكم يا بني أرفدة. حتى إذا مللت قال: حسبكِ؟ قلت: نعم. قال: فاذهبي. وهذا قد بوّب عليه الإمام البخاري بـ (باب الحراب والدرق يوم العيد).

فليس فيه استدلال للمخالف فقد ورد في رواية في الصحيحين عن عائشة قالت: دخل أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث. قالت: وليستا بمغنيتين، فقال أبو بكر: أمزامير الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وذلك في يوم عيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا، وهذا.

فقول عائشة رضي الله عنها: وليستا بمغنيتين. يدل على أن تلك الجواري اللواتي يضربن الدفوف أو يُغنين لم يكن ذلك من شأنهن، كما أن الغناء لم يكن حرفة لهن، ولم يَكُنّ يُستأجرن لذلك الغرض! أو تُنفق عليهن الأموال الطائلة.

ويدل عليه قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: و لكن نصب مغنية للنساء و الرجال هذا منكر بكل حال بخلاف من ليست صنعتها، وكذلك أخذ العوض عليه. و الله أعلم.

وقال أيضا: وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: كل لهو يلهو به الرجل فهو باطل إلا رمية بقوسه وتأديبه فرسه وملاعبة امرأته، فإنهن من الحق. والباطل من الأعمال هو ما ليس فيه منفعة، فهذا يرخص فيه للنفوس التي لا تصبر على ما ينفع، وهذا الحق في القدر الذي يحتاج إليه في الأوقات التي تقتضي ذلك الأعياد والأعراس وقدوم الغائب ونحو ذلك، وهذه نفوس النساء والصبيان فهن اللواتي كن يغنين في ذلك على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه، ويضربن بالدف، وأما الرجال فلم يكن ذلك فيهم بل كان السلف يُسمُّون الرجل المغنى مخنثا لتشبهه بالنساء.

وقال رحمه الله: وبالجملة قد عرف بالاضطرار من دين الإسلام أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع لصالحي أمته وعبادهم وزهادهم أن يجتمعوا على استماع الأبيات الملحنة مع ضرب بالكف أو ضرب بالقضيب أو الدف، كما لم يبح لأحد أن يخرج عن متابعته واتباع ما جاء به من الكتاب والحكمة لا في باطن الأمر ولا في ظاهره ولا لعامي ولا لِخاصِّيّ، ولكن رخص النبي في أنواع من اللهو في العرس ونحوه، كما رخص للنساء أن يضربن بالدُّف في الأعراس والأفراح، وأما الرجال على عهده فلم يكن أحد منهم يضرب بدفٍّ ولا يصفق بكف بل قد ثبت عنه في الصحيح أنه قال: التصفيق للنساء، والتسبيح للرجال، ولعن المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير