تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: {لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ} أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ بِدُونِ لَفْظِ عَلَى الْحَقِّ وَابْنُ وَهْبٍ بِلَفْظِ {لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ قَاهِرِينَ لِعَدُوِّهِمْ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ , أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ} وَهَذَا يُبَيِّنُ الْمُرَادَ بِأَمْرِ اللَّهِ (أَوْ حَتَّى يَظْهَرَ الدَّجَّالُ) قَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ رَوَيْنَا مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ قُرَّةَ بْنِ إيَاسٍ الْمُزَنِيّ بِلَفْظِ حَتَّى يُقَاتِلُوا الدَّجَّالَ أَخْرَجَهُ الْحَافِظُ أَبُو إسْمَاعِيلَ فِي كِتَابِ ذَمِّ الْكَلَامِ وَهِيَ لَفْظَةٌ شَاذَّةٌ فَقَدْ رَوَاهُ الْحَافِظُ مِنْ أَصْحَابِ شُعْبَةَ عَنْهُ بِلَفْظِ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ فَصَرَّحَ بِعَدَمِ الْخُلُوِّ إلَى الْقِيَامَةِ وَأَشْرَاطِهَا ; لِأَنَّ ظُهُورَ طَائِفَةٍ عَلَى الْحَقِّ فِي عَصْرٍ مُسْتَلْزِمٌ وُجُودَ الْعِلْمِ , وَالِاجْتِهَادِ فِيهِ ; لِأَنَّ الْقِيَامَ بِالْحَقِّ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِالْعِلْمِ فَيَكُونُ الْمُجْتَهِدُ مَوْجُودًا فِي كُلِّ عَصْرٍ , وَهُوَ الْمَطْلُوبُ (أُجِيبَ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْجَوَازِ) ; لِأَنَّ الْقَضِيَّةَ الْمُطْلَقَةَ أَعَمُّ مِنْ الضَّرُورِيَّةِ , وَالْعَامُّ لَا يَسْتَلْزِمُ الْخَاصَّ. قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَلَا يَخْفَى أَنَّ مُرَادَهُمْ) أَيْ الْحَنَابِلَةِ (لَا يَقَعُ) خُلُوُّ الزَّمَانِ عَنْ الْمُجْتَهِدِ (وَإِلَّا لَزِمَ كَذِبُهُ) لَوْ وَقَعَ , وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ فَالْمَلْزُومُ مِثْلُهُ (وَالْحَدِيثُ يُفِيدُهُ) أَيْ عَدَمَ الْوُقُوعِ (إذْ لَا يَتَأَتَّى لِعَاقِلٍ إحَالَتُهُ) أَيْ الْخُلُوِّ (عَقْلًا فَالْوَجْهُ التَّرْجِيحُ بِأَظْهَرِيَّةِ الدَّلَالَةِ) لِلْحَدِيثِ الْأَوَّلِ الدَّالِّ عَلَى الْخُلُوِّ (عَلَى نَفْيِ الْعَالِمِ الْأَعَمِّ مِنْ الْمُجْتَهِدِ) فَيَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْمُجْتَهِدِ ; لِأَنَّ نَفْيَ الْعَامِّ يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْخَاصِّ (بِخِلَافِ الظُّهُورِ عَلَى الْحَقِّ) , فَإِنَّهُ لَا يَسْتَلْزِمُ وُجُودَ الْمُجْتَهِدِ (لِأَنَّهُ) أَيْ الظُّهُورَ عَلَى الْحَقِّ الْأَعَمُّ مِنْ الِاجْتِهَادِ (يَتَحَقَّقُ دُونَ اجْتِهَادٍ كَمَا يَتَحَقَّقُ بِإِرَادَةِ الِاتِّبَاعِ , وَلَوْ تَعَارَضَا) أَيْ مَا يُوجِبُ الْخُلُوَّ , وَهُوَ الْأَوَّلُ وَمَا يُوجِبُ عَدَمَهُ , وَهُوَ الثَّانِي وَتَسَاقَطَا (بَقِيَ عَدَمُ الْمُوجِبِ) لِوُجُودِ الْمُجْتَهِدِ فَجَازَ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُوجِدَهُ لِعَدَمِ إخْبَارٍ مِنْهُ بِلَا مُعَارِضٍ أَنَّهُ يُوجِدُهُ أَلْبَتَّةَ (قَالُوا) ثَانِيًا الِاجْتِهَادُ (فَرْضُ كِفَايَةٍ فَلَوْ خَلَا) الزَّمَانُ عَنْ الْمُجْتَهِدِ (اجْتَمَعُوا) أَيْ الْأُمَّةُ. (عَلَى الْبَاطِلِ) , وَهُوَ مُحَالٌ (أُجِيبَ إذَا فُرِضَ مَوْتُ الْعُلَمَاءِ لَمْ يَبْقَ) فَرْضًا ; لِأَنَّ شَرْطَ التَّكْلِيفِ الْإِمْكَانُ , وَإِذَا فُرِضَ الْخُلُوُّ بِمَوْتِ الْعُلَمَاءِ لَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا مَقْدُورًا (عَلَى أَنَّهُ) أَيْ هَذَا الدَّلِيلَ (فِي غَيْرِ مَحِلِّ النِّزَاعِ ; لِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ الِاجْتِهَادُ بِالْفِعْلِ) أَيْ تَحْصِيلِ الْمُكَلَّفِ مَرْتَبَتَهُ , وَهُوَ مُمْكِنٌ لِلْعَوَامِّ , وَمَحِلُّ النِّزَاعِ إنَّمَا هُوَ حُصُولُهُ بِالْفِعْلِ ; لِأَنَّهُ الْمُنَافِي لِخُلُوِّ الزَّمَانِ بِمَوْتِ الْعُلَمَاءِ لَا الْإِمْكَانُ , وَالْقُدْرَةُ هَذَا وَقَوْلُ السُّبْكِيّ لَمْ يُثْبِتْ وُقُوعَ خُلُوِّ الزَّمَانِ مِنْ الْمُجْتَهِدِ إنْ أَرَادَ الْمُطْلَقَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ فَمُتَعَقَّبٌ بِقَوْلِ الْقَفَّالِ وَالْغَزَالِيِّ الْعَصْرُ خَلَا عَنْ الْمُجْتَهِدِ الْمُسْتَقِلِّ وَبِقَوْلِ الرَّافِعِيِّ الْخَلْقُ كَالْمُتَّفِقِينَ عَلَى أَنَّهُ لَا مُجْتَهِدَ الْيَوْمَ وَبِمَا فِي الْخُلَاصَةِ الْقَاضِي إذَا قَاسَ مَسْأَلَةً عَلَى مَسْأَلَةٍ فِي حُكْمٍ فَظَهَرَ رِوَايَةً أَنَّ الْحُكْمَ بِخِلَافِهِ فَالْخُصُومَةُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى الْقَاضِي وَعَلَى الْمُدَّعِي ; لِأَنَّ الْقَاضِيَ آثِمٌ بِالِاجْتِهَادِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فِي زَمَانِنَا , وَالْمُدَّعِي آثِمٌ بِأَخْذِ الْمَالِ وَمَا قِيلَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُجْتَهِدُ الْقَائِمُ بِالْقَضَاءِ , فَإِنَّ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الْعُلَمَاءِ كَانُوا يَرْغَبُونَ عَنْهُ وَلَا يَلِي فِي زَمَانِهِمْ غَالِبًا إلَّا مَنْ هُوَ دُونَ ذَلِكَ وَكَيْفَ يُمْكِنُ الْقَضَاءُ عَلَى الْأَعْصَارِ بِخُلُوِّهَا عَنْ مُجْتَهِدٍ وَالْقَفَّالُ نَفْسُهُ كَانَ يَقُولُ لِلسَّائِلِ فِي مَسْأَلَةِ الصُّبْرَةِ: تَسْأَلُ عَنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَمْ مَا عِنْدِي وَقَالَ هُوَ وَالشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ لَسْنَا مُقَلِّدِينَ لِلشَّافِعِيِّ بَلْ وَافَقَ رَأْيُنَا رَأْيَهُ فَهَذَا كَلَامُ مَنْ لَا يَدَّعِي رُتْبَةَ الِاجْتِهَادِ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَا يَخْتَلِفُ اثْنَانِ أَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنَ دَقِيقِ الْعِيدِ بَلَغَا رُتْبَةَ الِاجْتِهَادِ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ كَلَامُ بَعْضِهِمْ نَابَ عَنْهُ كَمَا رَأَيْت ثُمَّ بَعْدَ تَمْشِيَتِهِ عَلَى مَا فِيهِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَخْلُ عَصْرٌ مِنْ الْأَعْصَارِ الْمَاضِيَةِ مِنْ الْمُجْتَهِدِ الْمُطْلَقِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْلُوَ مِنْهُ عَصْرٌ مِنْ الْأَعْصَارِ الْآتِيَةِ , وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ

)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير